حكاية وراء كل عود، وألف لحن ولد على كل منه فعاش فينا.. ترصد «الوفد» مستقر كل عود، وأين هو بعد رحيل فارسه.. بالطبع الإهمال يدرك كل عود، والأحزان تحاصر جميع تفاصيله بدءاً من مفاتيحه فأوتاره إلى فرسته وقصعته.. وتفاصيل أخرى نتناولها فى هذا التقرير.. كلما التقت عيناى بعود أحد كبار الملحنين، أظل متسمراً خاشعاً فى حضرة آلته التى لحن وعزف عليها، بينما هذه الآلة العبقرية بذاتها وبذات من لحن عليها مركونة فوق دولاب، أو مدعومة بين ثنايا كتب ومتعلقات شخصية وبعض الكراكيب، فعود فنان الشعب سيد درويش أطلعتنى أسرته عليه موضوعاً فوق دولاب، وأعواد الموسيقار محمد القصبجى تحتفظ بها الأسرة ما بين كتبه وأدواته وعملاته النادرة التى كان يحب الاحتفاظ بها، وعود الموسيقار فريد الأطرش ظل حبيس غرفة نومه حتى عزف عليه فى أول مرة بعد وفاته قبل فترة وجيزة عازف العود الفلسطينى يوسف غسان، هذا بالإضافة إلى أسماء عازفى العود المشهورين مثل جورج ميشيل ومحمد كامل وجمعة محمد على أعوادهم فوق دواليب ملابسهم. وحدث ولا حرج عن أعواد الموسيقار بليغ حمدى المتناثرة فى بيوت زملائه وأصدقائه، فعود له لدى أسرة الشاعر محمد حمزة وآخر لدى أسرة المطرب الشعبى محمد رشدى، وثالث لدى أسرة الأبنودى، ورابع لعل الوحيد الذى يعزف عليه ولا يهجره الموسيقيون هو العود الذى يحتفظ به المخرج جميل المغازى الذى كان يرتبط بليغ به بعلاقة صداقة كبيرة، وعود زكريا أحمد شيخ الملحنين تحتفظ به أسرته بطريقة مشابهة، وعود الموسيقار رياض السنباطى كذلك معطل مهمل ببيته بمصر الجديدة، وله عود آخر كان بصحبة ابنه أحمد السنباطى ببيته على ترعة المريوطية، وحالة مشابهة تنطبق على عود الموسيقار محمد الموجى، وإن كانت أسرته بإمكانها استخدام أعواده ما بين حين وآخر، وأعواد الموسيقار سيد مكاوى كذلك، ومن بينها عود يحتفظ به تلميذه «ياسر مهنى». ولم يخل شارع محمد على من بعض محلات بيع الآلات الموسيقية، من بينها عود الفنان «محمد قنديل» الذى عرض محل «ماركو» بيع عودين له، من بينها عود اشتراه الفنان زياد الطويل ابن الموسيقار كمال الطويل الذى يحتفظ ابنه زياد بعود أبيه كذلك، وكذلك من الأعواد التى اطلعت عليها عود الشيخ أبو العينين شعيشع، وقد ذكر لى قبل رحيله أنه تعلمه سماعياً، وكان الموسيقار محمد عبدالوهاب يعجب من قدرته على إدراك المقامات والأبعاد بالفطرة، عود الشيخ أبو العينين مهمل ملقى كذلك ببيته بمصر الجديدة، كل هذه الآلات تخضع بسطوة الطبيعة لعوامل التعرية وتقلبات الجو، وتكون فى متناول أى ضربة أو خبطة من قريب أو بعيد تؤدى إلى كسر هذا العود الذى هو بطبيعة تكوينه رقيق، ولم يكد ينجو من هذه الأعواد الخاصة إلا عود موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب المحفوظ بمتحفه بمعهد الموسيقى العربية بمنطقة وسط البلد، وعود سيدة الغناء العربى أم كلثوم المحفوظ كذلك بمتحفها.