تحت عنوان "طريق تركيا الطويل نحو المصالحة" كتب "روبرت فيسك" الكاتب البريطانى المعروف مقاله فى صحيفة الإندبندنت البريطانية، وقال فيسك:"بدابة دعونا ننحي جانباً، ولو للحظة واحدة فقط، صورة "الحرب الراهنة بين فرنسا وتركيا بشأن أول "هولوكوست" في القرن العشرين، أي مذبحة الأرمن على أيدي الحكم التركي حينذاك". وأضاف الكاتب :"دعونا ننظر فقط فى هذه اللحظة إلى "الرشوة الانتخابية" التي سيحصل عليها الرئيس الفرنسى "نيكولا ساركوزي"، أي أصوات ال 500 ألف ناخب أرمني في فرنسا، والذين يتطلعون إلى أن يخبرهم الرئيس الفرنسي بالحقيقة، حول المحرقة التى ارتكبتها قوات الدولة العثمانية عام 1915 ضد الأرمن. ولننظر أيضا إلى النزعة القومية لدى الأتراك، والتي تتغذى على إنكار المحرقة. ورأى "فيسك" أن الأمرين يشكلان خليطا سيئا". وأضاف الكاتب أن محطات الإذاعة والتليفزيون والصحف التركية أجرت معه 21 مقابلة، لم تكن كلها حول المذبحة التى راح ضحيتها ما يقرب من مليون ونصف مسيحى أرمنى عام 1915، بل تطرق الحديث للشأن السورى وحزب العمال الكردستانى، وما إذا كانت تركيا ستصبح نموذجا وقدوة لدول الربيع العربى. ومع ذلك دارت مناقشات ساخنة ومهمة حول المذبحة. وقال "فيسك" إن المناسبة، كانت مرتبطة بنشر نسخة من كتابه "الحرب العظمى من أجل الحضارة" ، باللغة التركية، والذى يحوى فصلا كاملا عن تفاصيل محرقة الأرمن، دون أن يتم حظره فى إطار القانون "301 " سىئ السمعة فى تركيا، ودون أى تهديد لدار النشر التى نشرت الكتاب. وأضاف الكاتب أن كتابه تحدث عن المحرقة ووصفها بأنها أول محرقة فى القرن العشرين، وقال إن مقدمى البرامج التى استضافته فى المحطات التليفزيونية التركية لم يسألوه عما جاء فى كتابه. مشيرا إلى أن معظم الأتراك يقرون بأن المحرقة حقيقة تاريخية لايمكن إنكارها، إلا أن الحكومة التركية لازالت تنكر هذه الأعمال الوحشية، وتصر على أن ما حدث كان نتيجة الحرب الأهلية ومساعدة بعض الأرمن فى الحرب ضد الجيش العثمانى. وتساءل "فيسك" قائلا "لماذا لا يعترف الأتراك بالمحرقة التى وقعت منذ عقود طويلة وقبل أن يولد معظمهم، ولم يبق أى أحد ممن ارتكبوا الجريمة تقريبا على قيد الحياة، ولن تكون هناك محاكمات، والمتبقى مجرد ذكريات الضحايا الأرمن. وأضاف أن الجيش التركى معروف بتاريخه العسكرى المشرف، وإنجازاته العسكرية التاريخية، ويكفى أن الجنود الأتراك كانوا الوحيدين الذين لم يستسلمون لغسل المخ الذى حدث لكل جنود الدول التى شاركت فى الجرب الكورية. وإذا كانت تركيا ترغب فى الانضمام للاتحاد الأوروبى ، وبعد 4 سنوات سيحتفل العالم بئوية المذبحة ، فيجب على الحكومة التركية أن تراجع موقفها من هذا الملف. وأضاف "فيسك" أن ألمانيا اعتذرت ألف مرة لليهود على محرقة "هتلر"، كما اعتذرت أمريكا للهنود عن حرب التطهير العرقى فى القرن ال19 واعتذرت بريطانيا للأيرلنديين. ومنذ أسابيع قليلة اعترف "رجب طيب أردوجان" رئيس الوزراء التركى بأن الجيش التركى ارتكب مذابح ضد آلاف الأكراد فى ثلاثينات القرن الماضى. وتساءلت صحيفة "زمان" التركية "هل يكون ذلك بداية للاعتراف بمحرقة الأرمن ؟! . وخلض الكاتب إلى أن الشعور الوطنى التركى والعصبية القومية هى التى تحول حتى الآن بين اعتراف تركيا بمحرقة الأرمن، وهو ما يفسر رد الفعل القوى على قرار البرلمان الفرنسى بتجريم إنكار المحرقة. وتساءل "فيسك" قائلا:" هل يأتى اليوم التى تحدث فيه المصالحة بين تركيا وأرمينيا"؟!.