خرج حسن غريب على، الطالب بالمدارس الفنية الثانوية، يترجل داخل شوارع قريته «المريس» غرب مدينة الأقصر، كعادته كل يوم، ممسكًا بهاتفه المحمول، ووجه تكسوه ابتسامته، فهو يتمتع بنقاء الروح، التى يتميز بها بين أقرانه من أبناء قريته، الذين عرف «حسن» بينهم بحسن مظهره، وهدوء طبعه، وبشاشة وجهه، ومصافحته للكبار والصغار. خرج من بيته، لم يكن يعلم أنه لن يعود لمنزل عائلته مرة أخرى، فلم يكن يعلم بأن رفاق السوء، من المقربين منه، قد أعدوا العدة للنيل منه، وأنهم يراقبون خروجه اليومى المعتاد، لاستدراجه، وإنهاء حياته، بعد لفت أنظار الجميع فى قريته، وبعد أن اعتاد أن يخرج بهاتفه المحمول، الذى كان مطمعا لبعض أصدقائه الذين تملكتهم رغباتهم الإجرامية، وخططوا لأمرين هما التخلص من «حسن» والاستيلاء على التليفون، وبعد عدة أمتار من منزله أسرع إليه من يتربصون به، وينتظرون خروجه، أسرع إليه اثنان من أقرب المقربين له ومن يصغرانه سناً، وترجلا معه إلى أن استدرجاه إلى منطقة الزراعات المتاخمة لترعة تمر بجانب القرية، وهناك غافلاه، ثم ألقيا به أرضا، وأخرجا آلة حادة «منجل» يستخدم فى حصاد القمح، وتناوبا طعنه فى بطنه، ومناطق عدة فى جسده، قاوم حسن الموت، وتمسك بالحياة، قدر استطاعته ولكن فشل في النهاية، قاما بجره إلى مياه الترعة المجاورة، وألقياه بها، ووضعا أقدامهما فوق رأسه إلى أن فارق الحياة وسط المياه، ثم استوليا على هاتفه المحمول وفرا هاربين. وبعد ساعات من غيابه عن منزله، اكتشف بعض أهل القرية جثته طافية فوق مياه الترعة الضحلة، والدماء اختطلت بمياهها وبها آثار الطعنات، فسارعوا إلى إبلاغ اللواء عصام الحملى، مدير أمن الأقصر بالواقعة، وبعد 48 ساعة من اكتشاف الواقعة، تمكن فريق بحث قاده اللواء زكى مختار، مدير مباحث الأقصر، من كشف غموض الواقعة، وتحديد شخصية الجناة، وضبطهما، واعترفا بجريمتهما البشعة، وأرشدا عن الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليه، وعن الآلة الحادة التى استخدماها فى الحادث، وأحيلا إلى النيابة التى أمرت بحبسهما، وندب طبيب شرعى، لفحص جثمان الضحية، لبيان أسباب الوفاة، ثم أمرت بدفن الجثة، التى جرى تشييعها فى موكب جنائزى مهيب، شارك فيه الآلاف من أبناء قرية المريس، رجالا ونساء شيوخا وأطفالا، جميعهم اتشحوا بالسواد، وارتسم الحزن على وجوههم، حزنا على فراق «حسن» ضحية رفاق السوء، وضحية بشاشة وجهه وابتسامته وأناقة روحه قبل مظهره.