ورث حلمى النمنم، وزير الثقافة، تركة مثقلة بالأخطاء والتجاوزات وقعت فى السنوات الخمس الأخيرة.. واستطاع، فى وقت قصير، أن يغير معالم معظم قطاعات الوزارة، تصرف بحكمة ودون أن يفتعل صدامًا مع أحد.. انتصر الرجل فقط للكفاءة، وحاول أن يعطى فرصة لكل الموهبين والراغبين فى النجاح.. دائمًا يردد أن الإبداع يحتاج أن يتمرد الإنسان لأن الاستسلام يقتل الإبداع والكسل معدٍ. التقينا الوزير حلمى النمنم، لإجراء حوار حول رؤيته الثقافية، وكيف يرى مهرجان الموسيقى العربية فى يوبيله الفضى. يرى فريق من النقاد أن المهرجانات رفاهية.. وفريق آخر يرى أنها شىء ضرورى.. ما تعليقك؟ - كنت فى الجزائر أمس وشاركت فى الاحتفال بافتتاح معرض الثورة وعلمت أن الجزائر لديها 176 مهرجاناً فنياً وثقافياً، والمغرب تقريباً نفس الرقم وتونس أيضاً لديها عدد كبير من المهرجانات.. إقامة المهرجانات شىء إيجابى، ويحدث حراك ثقافى وفنى كبير، اليوم نحتفل باليوبيل الفضى لمهرجان الموسيقى العربية، وبعد ذلك سوف يتم افتتاح الدورة رقم 38 من عمر مهرجان القاهرة السينمائى، وهذا الأمر يؤكد أن الحركة الفنية فى مصر تشهد انتعاشاً، وأن هناك مناخاً من الاستقرار والأمان فى بلدنا. نتابع فعاليات الدورة رقم 25 من عمر مهرجان الموسيقى العربية.. ما دلالات ذلك؟ - الاحتفال باليوبيل الفضى لمهرجان مهم مثل مهرجان الموسيقى العربية يؤكد أن حضور المهرجان أصبح شيئاً ثابتاً، وينتظره العالم العربى من المحيط إلى الخليج.. فبالرغم من كم التحولات التى مرت بها مصر على مدار 6 سنوات نجحنا فى الحفاظ على هوية وماهية المهرجان، ولم يكن هناك أى تقصير.. المهرجان دليل على استمرار العمل الثقافى.. وعندما يكون هناك عمل جيد، فإنه يتجاوز كل الأخطاء والظروف مهما كانت صعبة. دائماً تقول إذا أردت إنجاز عمل بشكل جيد ابحث عن موظف جيد.. هل نجحت فى تحقيق ذلك داخل أروقة الوزارة؟ - أنا مؤمن إلى حد كبير بأن العمل معدٍ والكسل أيضاً معدٍ.. إذا وجدت موظفاً كسولاً فسوف يؤثر على زملائه، وإذا وجدت موظفاً نشيطاً وجاداً فى العمل فسوف يكون له تأثير إيجابى.. أحاول وكل قيادات الوزارة احتواء زملائنا الموظفين وخلق مناخ إيجابى للعمل والبناء. بصفتك وزيراً للثقافة.. هل تشعر بأن ذوق الناس تغير؟ - بكل تأكيد ذوق الناس تغير، فقد ظهرت موجات من الغناء ليس لها علاقة بالطرب الحقيقى، ولكن عندما نجد مهرجاناً مثل مهرجان الموسيقى العربية نسعد جميعاً، ويسيطر علينا الأمل من جديد.. فى ليالى المهرجان سوف تجد أصواتاً رائعة صنعت جماهيريتها فقط، اعتماداً على الموهبة.. وسوف تسمع أغانى ترتقى بالوجدان.. لذا أنا دائماً متفائل وأرى أن القادم أفضل دائماً. تردد أن داخل الوزارة أزمة مادية وهذا يهدد إقامة المهرجانات الفنية.. ما تعليقك؟ - أزمة مصر كلها فى الفلوس.. لا تنس أن وزارة الثقافة خدمية ومواردها محدودة جداً، ورغم ذلك نتحرك بخطوات ثابتة، ونحاول بقدر استطاعتنا إقامة المهرجانات بشكل يليق باسم مصر التى أتمنى لها مثل كل إنسان يعيش على أرضها وينعم بخيرها. بماذا يفسر وزير الثقافة تراجع مؤشر الإبداع وقلة المواهب؟ - المواهب موجودة ومصر ولادة.. وأنا متفائل بأن القادم أفضل وسوف نعمل بكامل جهدنا حتى تصل الخدمة الثقافية إلى كل مواطن فى مكانه.. ومتفائل أيضاً بدور عدد كبير من المثقفين المنتظم فى الجمعيات الأهلية، وأثق بأن ثمار ذلك ستكون قريبة جداً.. وبالمناسبة أنا لا أحب التشاؤم وأشجع على العمل لأن الاستسلام يولد بداخل المبدع اليأس. فى الفترة الأخيرة ظهر عدد من المهرجانات الفنية لا تفيد المناخ الفنى ورغم ذلك تدعمها الوزارة.. ما تعليقك؟ - وزارة الثقافة ليست رقيباً على المثقفين أو الفنانين، الوزارة يجب أن تكون داعمة ومشجعة لأى نشاط ثقافى، المهرجانات التى تقصدها تنظمها جمعيات أهلية، وكان آخرها مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، و«مش جريمة أن تدعم الوزارة هذا المهرجان معنوياً» ليس منطقياً أن أقف فى طريق جمعية أهلية تريد نشر الوعى الثقافى، لست رقيباً على المبدعين ودورى الدعم والمساندة فقط. هناك فريق ينادى بإلغاء الرقابة على المصنفات الفنية وفريق آخر يطالب بتشديد الرقابة.. إلى أى وجهة نظر يميل «وزير الثقافة»؟ - بالفعل نحن أمام فريقين، الأول ينادى بإلغاء الرقابة بدعوى عدم كبت الإبداع وإطلاق الحرية للمبدعين، والثانى يطالب بتغليظ الرقابة، وأنا لا أميل إلى أى اتجاه منهما، ولكن أرى أن المجتمع فى حاجة ماسة وضرورية إلى الرقابة الرشيدة، فى هذه المرحلة نحتاج لهذا النوع من الرقابة تحترم ثوابت وتقاليد المجتمع وتحترم خيال وحرية المبدع. البعض ينتقد إقامة مهرجان للموسيقى العربية بسبب حوادث الإرهاب فى مصر والمعارك الدائرة فى بعض الدول العربية.. ما تعليقك؟ - الناس ممكن تختلف فى آرائها السياسية، لكن تتوحد دائماً على الفن الجيد والإبداع الحقيقى.. لا أتفق مع الأصوات التى تنتقد إقامة المهرجان؛ لأننا فى حاجة للغناء وسط الظروف الصعبة فى الحروب يغنى الجنود لأن الغناء يمنحهم الحماس والحمية.. كما أننا فى مصر يجب أن نعترف ونفتخر بأن موجات وخطورة الإرهاب تراجعت للخلف وقريباً جداً سوف تختفى فمهما كثرت المؤامرات لن تنهزم أبداً إرادة شعب مصر الذى يريد الحياة بصورة كريمة، ويريد أن يبنى وطناً كبيراً يستوعب أحلام وآمال الجميع. من يقف فى طريق حلمى النمنم ويحاربه؟ - أنا أتعرض لهجوم دائم من جماعة الإخوان، فلن ينسى الإخوان أن لى كُتباً ودراسات عن تاريخ العنف فى جماعة الإخوان منها «سيد قطب.. سيرة وتحولات»، و«سيد قطب وثورة يوليو».. و«حسن البنا الذى لا يعرفه أحد».. وقد سعى بعض رجال الإخوان للوقيعة بينى وبين مؤسسة الأزهر وغيرها من المواقف الغريبة التى تعاملت معها بحكمة وعدت بسلام بفضل الله. وزير ثقافة مصر.. متفائل أم متشائم من الوضع السياسى الحالى؟ - بكل تأكيد متفائل جداً وأرى أن القادم أفضل.. مصر محفوظة بإذن الله لدينا قيادة سياسية وطنية، وتسعى دائماً لتصحيح الأخطاء، وهناك مشروعات عملاقة تم إنجازها وتؤكد أننا نسير فى الاتجاه الصحيح.. لو تأملنا المشهد العربى الصعب فى العراق وسوريا وليبيا سوف نكتشف أننا نجحنا فى عبور مأزق خطير.