قال الدكتور جلال نديم خبير مؤشرات مدركات الفساد العالمية،إن استرداد الأموال المصرية المهربة إلي الخارج "صعب جدا" لأن الدول التي أودعت تلك الأموال في بنوكها تفكر بشكل "استثماري" وتحمي سرية حسابات عملائها وتخشي هروب المستثمرين والمودعين منها. وأضاف نديم - خلال ندوة عقدها مركز شفافية للدراسات المجتمعية والتدريب الإنمائي مساء أمس ناقشت "دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة الفساد" - أن اتفاقيات دولية مثل "مكافحة غسل الأموال" و"الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد"، لن تساعد المصريين علي استعادة دولار واحد من أموالهم المنهوبة والمهربة إلي الخارج من قبل متهمين بالفساد في الحكومات السابقة، لأن البنوك التي تنتمي إليها هذه الدول لا تعترف بأحكام قضائية صادرة ضد عملائها ومودعيها من خارج نطاق حدود دولها، وتطلب إعادة محاكمتهم أمام جهات قضائية تابعة لدولها قبل أن تتخذ قراراتها بشأن تجميد أو التحفظ علي أو التصرف في أموال عملائها . وتابع نديم بقوله: واقع المحاكمات سيئ للغاية ولا تحقق إجراءاتها العدالة الناجزة التي تسهم في صدور أحكام قضائية سريعة ونهائية يمكن استخدامها في مطالبة دول ذات تحفظات غير متشددة علي الاتفاقيات الدولية، بالتحفظ علي أموال مهربة لدي بنوكها. واختتم نديم "إن لجنة دعم الشفافية والنزاهة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية لم تقدم سوي تقرير واحد بعد التقرير الثاني لها الذي صاغته في العام 2008 وكشف حيتان الفساد وأغضب الرئاسة، واضطر بعدها نظيف إلي التحايل علي المادة السادسة من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، بأن أخضع اللجنة له شخصيا رغم أنها كانت تضم بعضويتها شخصيات "مختارة بالتراضي" ويشرف عليها وزير، مطالبا منظمات المجتمع المدني بتبني اتجاهات جديدة نحو مكافحة الفساد وتفعيل دورها الحقيقي علي أجهزة الدولة بدعم إعلامي وشعبي، ودعم محاكمات متهمين بالفساد رغم ضعف الأمل في استعادة الأموال المهربة، خاصة أن تجربة نيجيريا لم تعد لها أكثر من 5 % من أموالها المهربة بالخارج رغم أحكام قضائية نهائية صدرت بشأنها. وكشف الصحفي محمد عادل العجمي خلال عرض كتابه "الفساد في البنوك" عن أخطاء السياسة النقدية التي أدت إلي سرقة أموال الشعب، مشيرا إلي أن ارتفاع الأسعار المتكرر كان السبب الرئيسي في طباعة النقود بصورة كبيرة، فقد بلغت قيمة ما تم طبعه خلال فترة رئاسة فاروق العقدة البنك المركزي ما يزيد على 120 مليار جنيه، في حين أن إجمالي الأموال التي تم طباعتها منذ بداية طباعة النقود في عصر محمد علي وأسرته وحتى عام 2004 لم يصل إلي 60 مليار جنيه، وكانت الأسعار تفترس الناس في حين قيادات البنك المركزي لا يقل راتب أقل قيادي منهم عن 120 ألف جنيه شهريا رغم ضعف خبراتهم. وتابع العجمي "البنك الدولي طلب خصخصة البنوك وشركات التأمين وتقليص حصة البنوك العامة في السوق المصرفي، ونفذ سياساته بمساعدة قيادات البنوك الحالية، فظهرت فضائح مثل بيع البنك المصري الأمريكي وبيع بنك الإسكندرية وغيرها من البنوك وفضيحة بيع بنك القاهرة والتي خرج العقدة يؤكد بأنه حالة مستعصية ويجب بيعه". وكشف العجمي للحضور بالمستندات عن استمرار وجود حسابات لا يصرف منها إلا بأمر الرئيس المخلوع حسني مبارك، منها ما يخص أموال تبرعات عربية ودولية لضحايا زلزال 1992 والتي وصلت إلي 9 مليارات دولار. وأضاف أن مندوب رئاسة الجمهورية قام بسحب 4 ملايين دولار منها دون أن يحاسبه أحد أو يعرف أحد أين ذهبت هذه الأموال، إلي جانب سر المشروع القومي لتطوير المدارس، والذي انتقل من بنك القاهرة إلي البنك المركزي وظل حسابه دون مراقبة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات.