جامعة العريش تُحقق إنجازًا تاريخيًا بإدراجها ضمن تصنيف QS العالمي لعام 2026    استمرار تدريب المعلمين الجدد والعاملين بالحصة على المناهج الدراسية المطورة بأسيوط    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    «الري»: استخدام الدرون لمسح ترعة الإسماعيلية وتحديد المخالفات والتعديات وحالة الجسور    انطلاق الدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر والفروع الخارجية    «ليست مكانًا للترويج السياسي».. «الأوقاف» تحذر من استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية    حملات مكثفة على الأسواق.. وتحرير 37 محضرًا لمخالفة دمغ الموازين بأسيوط    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    بكم طن عز؟.. سعر الحديد اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 محليا وأرض المصنع    محافظ أسيوط: دعم متواصل لمشروعات "إيفاد" للنهوض بالزراعة والريف    ب«تجميل ورفع كفاءة شوارع مراد والبحر الأعظم».. «الجيزة» تستعد لاستقبال زوار المتحف المصري الكبير    ثلاثة قتلى بينهم مسعف في ضربات روسية على أوكرانيا    وزيرا خارجية مصر وتركيا يبحثان التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة في القاهرة    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة في المؤتمر العالمي «إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام»    توروب يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي قبل مواجهة إيجل نوار    مواعيد مباريات السبت 25 أكتوبر - الأهلي ضد إيجل نوار.. وليفربول يواجه برينتفورد    ضبط المتهم بالتعدي على مواطن ودفع رجل شرطة بالمنيا    «مكيف وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    إصابة 6 أشخاص في تصادم مروع بالشرقية    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    محافظ أسيوط: شاشات عرض كبرى بالميادين لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    رئيس «الدولي» للمتاحف: الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثاني بالمتحف المصري الكبير    عشاق الهدوء.. 5 أبراج مش بيحبوا الضوضاء والزحمة    وزير الإسكان يتفقد مكونات مشروع حدائق «تلال الفسطاط»    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    من غير مواد حافظة.. حضري لأطفالك الزبادي بالفواكه الطازجة في البيت    الدويرى: قوائم الأسرى تتطلب موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي و "الشاباك" أكد: هناك اسمًا "لن يخرج من السجن إلا ميتًا"    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    وزارة التعليم: امتحان الشهر لصفوف النقل يوم 26 أكتوبر والأسئلة مقالية بنسبة 15%    الرابط والشروط.. ما هو موعد إعلان قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات؟    اللواء محمد عبد المنعم: القيادة المصرية نجحت في توضيح الصورة الكاملة للفصائل الفلسطينية    هيئة الرقابة المالية تستعرض إصلاحات وتطورات قطاع التأمين وصناديق الاستثمار    «العدل» تقرر إنشاء فرع للتوثيق والشهر العقاري في المعصرة    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    الشروط والمستندات.. ما هي وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد؟    خدمة 5 نجوم.. مواعيد رحلات قطار تالجو الفاخر اليوم السبت 25-10-2025    توصيات طبية جديدة: إدخال الأطعمة المثيرة للحساسية للرضع يدرب الجهاز المناعي    تجنب فواتير الأسنان الباهظة.. أطعمة تحمي الفم من التسوس والأمراض    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام سندرلاند في البريميرليج    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    حريق بشقة سكنية في الإسكندرية    ختام مبهر للدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، سعد مفاجأة الحفل، ساويرس يكرم انتشال التميمي، أحمد مالك وليا دروكير أفضل ممثل وممثلة (صور)    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 9    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    طارق العريان عن زوجته نيكول سعفان: أكتر صفة بحبها فيها إنها «جريئة وشبه البجاحة»    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    شيكو بانزا للاعب الزمالك المنبوذ: أنت عظيم.. لا تستمع لأحد    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : «داعش» و «الحشد الشعبي» أهمّ رموز النفوذ الإيراني
نشر في الوفد يوم 03 - 11 - 2016

تتخلّع القلوب والعقول إزاء محنة المدنيين في الحرب على تنظيم «داعش» في الموصل. فلا الباقون في قبضة الإرهاب ناجين ولا الهاربون أيضاً. هناك الخوف والرعب، وهنا الإذلال والتنكيل والقتل والسحل. هناك، «داعش» يودّع مناطق سيطرته بإعدامات خاطفة للمئات وباقتياد مئات آخرين منهم من قرية الى قرية لاتخاذهم دروعاً بشرية تغطيةً لانسحاباته الى داخل المدينة حيث سيحتمي بالمدنيين حتى النهاية. وهنا، جموع «دواعش الحشد الشعبي» الذين يشكّون في أي امرأة وطفل وعجوز خارجين من المناطق «المحررة» كأنهم «دواعش» متنكّرون... هذه حرب مختلطة بحروب عدّة، وأولها ضدّ ما يُفترض أنها «بيئة حاضنة»، كما لو أن الناس اختارت بكامل وعيها وإرادتها أن تأتي بهذه الوحوش لتتسلّط عليها. لا شك أن البعد الأمني يحتّم التدقيق في أوضاع سالكي «الممرات الآمنة» لأن «الدواعش» قد يندسّون بينهم، لكن عملية التحقق هذه لا يمكن أن تُترك لميليشيات أو جماعات باحثة عن انتقامات فردية أو جماعية لأسباب عائلية أو عشائرية أو حزبية.
الحاصل في الموصل ومحيطها لا يقتصر على استهداف الإرهابيين، الذين يتولّى الجيش العراقي محاربتهم، بل هناك مآسٍ متداخلة تتسبّب بها الجماعات الأخرى «المشاركة» في الحرب بالتنسيق مع الجيش أو رغماً عنه. فأبناء عشائر السنّة يريدون استعادة منطقتهم ومدينتهم، وبما أن عناصر «داعش» قتلت المئات من عوائلهم مستعينةً برجال من عوائل أخرى، فلا بدّ أن يفضي «التحرير» الى الاقتصاص من أبناء تلك العوائل أو على الأقل التنكيل بنسائها وأطفالها وشيوخها الهاربين. أما ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، فلها ثاراتها أيضاً وهي تتخذ من «داعش» ذريعة لتنفيذ أجنداتها، بالأحرى أجندات إيرانية لا عراقية. يقال في تبرير «الحشد»، أنه ظهر رداً على ظهور «داعش» وصدّاً لاندفاعه وتوسّعه، لكن المعروف أن ميليشياته الكبرى والرئيسية كانت موجودة قبل «داعش»، وأن لكل من الأحزاب الشيعية مجموعته الخاصة المسلّحة التي لا يسري عليها أي قانون، بل استخدمت لتهميش الجيش الجديد. وخلال ولايتَي نوري المالكي، كانت هناك «فرق الموت» التي تنفذ عمليات القتل والخطف والإخفاء والترهيب، تعزيزاً لسلطته، وهي بزيّ أمني رسمي.
معروفةٌ الظروف التي عاشتها المحافظات السنّية طوال العامين اللذين سبقا سيطرة «داعش»، وكيف أن المالكي قابل اعتصاماتها المدنية السلمية أمام الكاميرات إمّا بالتجاهل أو بالاستفزاز والتهديد وأحياناً باقتحامات قمعية ودائماً باتهامات للمعتصمين بإيواء التنظيمات الإرهابية، الى أن أنهى رئيس الوزراء السابق عهده بإصدار أوامره المريبة الى الجيش للانسحاب من الموصل من دون أي مقاومة لمقاتلي التنظيم، بل إنه عرّض مئات الجنود للتصفية على أيدي «الدواعش». هل اختار أبناء تلك المحافظات المصير الذي آلوا إليه، منتقلين من الإهمال الأميركي الى عسف المالكي وتعصّبه الى وحشية «داعش» وظلاميته الى صلف «الحشد» وبغيه الانتقامي. الأكيد أنهم لم يختاروا ذلك. والأسوأ أن يتعرّضوا الآن للمهانة على أيدي من جاؤوا ل «تحريرهم»، فكيف يمكن أن يثقوا بهذه الدولة التي تعيش تحت رحمة «الحشد» الذي يستهدفهم في مدنهم وقراهم ويريد أن يغيّر التركيبة السكانية لمناطق عاشوا فيها منذ مئات السنين؟ وهل يُستغرب أن يغدو أبسط ما يطالبون به أن تكون لهم حماية من بطش «مواطنين» لهم يسعون الى إخضاعهم بالقوة بعدما أمعنوا، مثل «داعش» وقبله، في استباحة حرماتهم؟
المفارقة، أن أحداً لا يتحدّث عن البيئة بل البيئات الحاضنة ل «الحشد الشعبي»، ولا أحد يطرح التساؤلات الواجبة عن استقواء هذه الميليشيات حتى على جمهورها نفسه. فبيئاته هذه لا تشمل بطبيعة الحال عموم الشيعة الذين يتوقون، مثلهم مثل مواطنيهم السنّة والمسيحيين والتركمان والأشوريين والإيزيديين، مثل أي شعب آخر، الى الحدّ الأدنى من العيش السويّ، ولو في حدٍّ أدنى من الأمن والأمان والاحترام لإنسانيتهم. وقد عبّر الوسط الشيعي بتظاهراته المندّدة بالفساد والمحتجّة على تردّي الخدمات، عن ضيقه بغياب الدولة وفوضى السلاح وسطوة الترهيب التي فُرضَت عليه فرضاً وأصبحت عبئاً عليه وأقفلت أمامه وأمام أولاده آفاق المستقبل، بل وضعت الآلاف من أبنائه في خدمة احتلال إيراني يستهلكهم في مغامراته ومشاريعه ولا ينفك يفصل شيعة العراق عن جوارهم العربي.
لا شك أن سياسات الشحن الطائفي والممارسات القهرية لتلك الميليشيات، قبل «داعش» وقبل أن تسمّى «الحشد»، دفعت أعداداً كبيرة الى الهجرة القسرية كأن الإيرانيين أرادوا اختبار هذه الجريمة ضد الإنسانية، في عرف القانون الدولي، قبل أن يطبّقوها في سورية على أعداد أكبر، وبمساهمة مجانية هائلة قدمها «داعش» إليهم، فحيثما انتشر لم يبقَ من السكان سوى أقلّ من ثلثهم، ومَن لم يغادروا هم غير القادرين بحكم أنهم يعيشون أصلاً تحت أدنى خط للفقر. ومن بين دول قليلة استثمرت في «داعش»، كانت إيران الأكثر استعداداً لاستغلال غبائه وضلاله، إذ إنه أدّى لها كل الخدمات التي حلمت بها، فوجوده في أي مدينة أو بلدة عنى ويعني أنه سيقتل ويتسبّب بقتل الآلاف من السنّة، وسيدمّر ويتسبّب بدمار أكبر لمدن السنّة وللاقتصاد الذي تحتضنه وتضخّه، ثم إنه في نهاية المطاف يُظهر ارتكابات إيران وأتباعها كما لو أنها نموذج للغزوات «الرحيمة» ويضفي عليها «أخلاقية» محاربة الإرهاب ونبلها، بل إن «داعش» تولّى فعلاً العبث بالتراث ومحوَه وتجريفَه بحيث لا يعود للسكان عمق تاريخي يبرّر بقاءهم في مناطقهم ويغدو التغيير الديموغرافي كأنه مشاريع تنموية كانت تنتظر اللحظة المناسبة لتحقيقها. وفي كل الجرائم والظواهر التي رافقت خطوات «داعش» والمستفيدين منها، من إيرانيين وميليشيات، تظهر معالم التقليد لممارسات الإسرائيليين واستنساخها، فلا هدف لاقتلاع السكان سوى زرع «المستوطنين» وسرقة «أملاك الغائبين».
مهما بلغت نجاحات «داعش»، فإن أحداً لا يعتقد أن عامين ونصف العام من السيطرة تمكّنه من بلورة نموذج يحتذى أو «ثقافة» يسهل اعتناق عدائها للعالم ولكل الديانات والمجتمعات. نعم، كان الناس تحت ربقته مجبرين على إظهار تكيّف ورضوخ تجنباً لعدوانيته القاتلة، لكن شهادات الذين خرجوا من مناطقه بقصد تطبيب أطفالهم وشيوخهم ثم عادوا إليها كانت بالغة التعبير عن بيئةٍ مقهورة، صابرة وآملة بأن يأتيها فرج قريب، إلا أنها متوجّسة أيضاً ممن سيأتون بعد «داعش» ومما يمكن أن يتوقّعوه من «محرّريهم». ففي كل مرّة كانت تُطرح مسألة «ما بعد داعش»، قبل ديالى وتكريت والرمادي والفلوجة، وقبل منبج، والآن قبل الموصل والرقّة، ولم يكن هناك جواب واضح في أي مرّة. المثل الوحيد الذي سُجّلت فيه عودة للأهالي كان في جرابلس والقرى المجاورة لها، لأن «محرّريها» كانوا سوريين من «الجيش الحرّ» مدعومين من تركيا، ولأنه لم تكن هناك ميليشيات إيرانية أو كردية لديها أهداف أخرى غير طرد «داعش». لكن المقلق أن القيادة الأميركية ل «التحالف الدولي» لا تبدي تفضيلاً واضحاً لمثل جرابلس، إذ إنه لا يقدّم لواشنطن فرصاً لاستثمار الإرهاب واستغلاله كما يفعل الأكراد أو العصابات الإيرانية.
قد لا يأتي الخطر المقبل من الذين عاشوا تحت إرهاب «داعش» وعانوا من وحشيته، بل من الذين شهدوا الإهانات التي تعرّض لها ذووهم على أيدي مجرمي ميليشيات «الحشد» الذين توعّد أحد قادتهم، وهو يدعو الى القتال في الموصل، ب «الانتقام من قتلة الحسين» لأن»هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد»... هذه هلوَسة لا تشبه إلا الهراء الذي كان يدلي به أمثال «أبو محمد العدناني» وغيره من «الدواعش»، لكنها مجرّد عيّنة من النفايات السامة التي يضخّها «حشديّون» على شاكلة قيس الخزعلي وأوس الخفاجي وهادي العامري في رؤوس مقاتليهم، إذ قادهم هوسهم الفارسي الى الاستهتار بالعراق والعراقيين على اختلاف انتماءاتهم، بمن فيهم الشيعة، وإلى تصوّر أنهم يخوضون ضد «داعش» الحرب الشيعية - السنّية التي تمنّتها إيران. لكن إجرامهم لا يمثّل الشيعة ولا وحشية «داعش» تمثّل السنّة، بل إنهما فريقان بات كلٌّ منهما مبرّراً لوجود الآخر، وأكثر ما يتشابهان فيه إساءتهما الى أهلهما ومجتمعهما وتجرّدهما من أي حسّ بشري.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.