امرأة تجعل ميزان تفكيرك لم يستقر، فتجدها واقفة بمفردها أمام عربة "كبدة وسجق"، لم تكن واقفة لتشتري، بل كانت "ملكة العربة"، فتتساءل كيف لها أن تقف في حلبة ملاكمة من دون أن يحمي ظهرها رجل، ومن دون أن تضع قفازات الملاكم، أو تحمل في جيبها المنديل الذي يُلقى لإعلان الاستسلام، احتمال الخسارة غير وارد بالنسبة لها، رافعة سقف طموحها إلى حدود الأساطير. أنيقة من دون بهرجة يزينها شعرها المنسدل على كتفيها، تلقي وميض ابتسامتها على كل من يتعجب لما تفعله لتثبت قوتها واستعدادها لمواجهة التحديات التي حتمًا لابد أن تلقاها. عربة "كبدة" يعشقها جميع المصريين، كانت حلم فتاة منذ نعومة أظافرها، نحكي هنا عن ريم المرشدي صاحبة مشروع "ريموشا"، وهو اسم عربة الكبدة والسجق، الذي حين تمر من أمامه تجد رائحة طعامها يجذبك لتناول وجبة من تحت يدها، وعند تذوقك طعامها تشعر وكأنك تأكل بفندق 5 نجوم. تروي ريم ل"الوفد" عن يومها الممتع، فمع صوت العصافير يبدأ اليوم، تخرج من منزلها لتشتري كل ما تحتاجه من مكونات تشمل"الفلفل والطماطم والبهارات" وجميع ما يلزمها لكي يكون طعامها طازجًا، وتنتهي لتذهب إلى مملكتها الخاصة "عربة الكبدة" وتقوم بالتجهيزات اللازمة. تخرجت في كلية آداب فرنساوي، وعملت بشهادتها لفترة وجيزة، ولكن تركت عملها المرموق بعد أن فضلت تحقيق حلمها بالعمل الذي يحلم به ملايين المصريين، متيقنة أن مكانها سيكون بعربة أحلامها التي باتت فخورة بوصولها إلى حلمها. ما بين التشجيع والتحطيم كانت تقف ريم، ولكنها لا تبالي بكلام كل من يريد تحطيمها وهدم ما تريد الوصول له، فكانت صديقاتها ممن يدفعنها لتصبح أفضل شيف يتحاكى عنها من يتذوق طعامها، وأضفت على عربتها طابعًا من نوع خاص، فقد قامت بتزيينها لتكون مبهجة لزبائنها، فضلًا عن إضافة أطعمة لذيذة لقائمة الطعام التي كانت في البداية تضم "كبدة وسجق" لتتسع وتشمل إبداعات أخرى. تتحرك بين أدواتها كالفراشة التي تجوب بين الزهور، لتقلب شرائح الكبدة وتحولها لوجبات سريعة قبل أن تطلق العنان لقدميها لكي توزعها على صفوف الزبائن، ويساعدها أبناؤها في عملية توزيع الطعام فخورين بها أمام الجميع. وعن تكلفة مشروعها تقول "مكلفنيش كتير كل أدوات الطبخ جيباها من البيت كل الناس بتستغرب لما يشوفوني بطبخ في حلة تيفال مايعرفوش انها من بيتي، بس الإجراءات الحكومية دي كانت أصعب حاجة وبإصراري حوّلت الحلم لحقيقة". استطاعت ريم المرشدي أن تكون ملهمة لجميع السيدات، وأن تعطي طاقة إيجابية لكل من لديها حلم ربما يتخلل طريقها بعض العثرات ولكنها بالإصرار ستصل إلى مكانها التي طالما حلمت به.