بينما يلملم العام 2011 أوراقه استعدادا للرحيل، يتأهب العالم لمواجهة مجموعة من الشكوك في السنة الجديدة تندرج من المخاطر المتزايدة المحدقة بالانتعاش الاقتصادى العالمى المتعثر والقضية النووية الإيرانية إلى مسعى الرئيس الأمريكى باراك أوباما للفوز بفترة رئاسية جديدة. التعافى الاقتصادى العالمى: أدت الشكوك المتزايدة بشأن التعافي الاقتصادي العالمي إلى ارتفاع مشاعر القلق من أن يصبح الوضع الاقتصادي العالمي في العام الجديد أكثر تعقيدا واضطرابا. وكانت الأممالمتحدة قد خفضت في أول ديسمبر الجاري توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي العالمي لعام 2012 إلى 2.6 في المائة، في انخفاض كبير مقارنة مع توقعاتها السابقة قبل نصف سنة بنسبة نمو تصل إلى 3.6 في المائة. ومن العوامل الرئيسية التي من المتوقع أن تؤثر على الاقتصاد العالمي في عام 2012 الانكماش المتسارع في بعض الاقتصاديات الكبرى، وأزمة الديون السيادية التي تضرب بعض الدول، واضطراب أسواق المال الدولية، والضغوط التضخمية المتفاقمة في اقتصاديات السوق الصاعدة، وتزايد الحمائية التجارية بأشكال شتى. وتشمل التحديات العالمية المتوقعة في العام المقبل الاضطراب السياسي، وأمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ. كما أصبحت الكوارث الطبيعية الكبرى متزايدة الخطورة. **احتواء أزمة الديون بمنطقة اليورو! خيمت المخاوف بشأن ديون منطقة اليورو بظلالها على أفق الانتعاش الاقتصادي العالمي. ودول منطقة اليورو مضطرة لدفع 1.1 تريليون يورو (1.47 تريليون دولار أمريكي) من الديون طويلة أو قصيرة الأمد المقررة في عام 2012، من ضمنها 519 مليار يورو (693 مليار دولار أمريكي) من المقرر أن تدفعها ايطاليا وفرنسا وألمانيا في النصف الأول من العام المقبل. وكان قادة الاتحاد الأوروبي في قمة عقدت أوائل ديسمبر الجاري قد توصلوا إلى اتفاق لمساعدة الدول المثقلة بالديون. ووافقت جميع دول الاتحاد الأوروبي، ما عدا بريطانيا، على فرض قواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بالميزانية، واقامة اتحاد مالي أقوى، وتوفير ما يصل إلى 200 مليار يورو (264 مليار دولار أمريكي) في شكل قروض ثنائية لصندوق النقد الدولي للمساعدة على مواجهة الأزمة. لكن أسواق المال ما زالت غير مقتنعة بنتيجة قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، إذ يشعر المستثمرون بأن الاتفاق لم يحقق ما يكفي. وتشمل أسباب خيبة الأمل إزاء الاتفاق الجديد للاتحاد الأوروبي عدم تطرقه إلى خفض مستويات الديون الحكومية القائمة، وعدم تقديم ما يؤدي إلى حفز النمو على الأمد الطويل لتخفيف أعباء الديون، وعدم توفير الأموال الكافية لطمأنة أسواق المال من أن إيطاليا وأسبانيا يمكنهما مواصلة الانفاق. وكشفت أسواق الأسهم المضطربة والضغوط المفروضة على اليورو ضعف ثقة المستثمرين. الوضع فى سوريا: أدت الاضطرابات التي تشهدها الدول العربية إلى الإطاحة بثلاثة من حكام دول تقع في شمال إفريقيا، كما وقع الرئيس اليمني المنصرف علي عبد الله صالح على اتفاق تنحى بموجبه عن منصب الرئيس مقابل الحصانة من الملاحقة القضائية. وأصبحت سوريا في أواخر عام 2011 مثار التركيز الجديد في الاضطرابات التي تشهدها المنطقة. فهل تتعرض سوريا لتدخل عسكري خارجي في عام 2012؟ وهل يتم حل الأزمة السورية عبر السبل السلمية أم عن طريق اللجوء إلى القوة؟ اندلعت الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد للمرة الأولى في منتصف مارس المنصرم. وتحولت الاحتجاجات السلمية إلى أعمال عنف مع استمرار الاضطرابات. وفي عام 2012 ربما يضطر الرئيس بشار الأسد للتعاطي مع تحديات تفرضها المعارضة فيما يواجه عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية فرضتها جامعة الدول العربية وبعض الدول الغربية على بلده. ولا يعلم أحد ما إذا كان التدخل الخارجي سيتصاعد أم لا. ** الوضع الأمنى فى العراق وأفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية: أنهت القوات الأمريكية في منتصف ديسمبر الجاري رسميا حرب العراق التي استمرت تسع سنوات في مراسم أقيمت بالعاصمة العراقية بغداد. وتخطط الإدارة الأمريكية أيضا لسحب قواتها من أفغانستان ربما بحلول عام 2014. وتسير التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلدين اللذين دمرتهما الحرب الطويلة ببطء، كما أن أعمال العنف الطائفي والهجمات الإرهابية تتزايد. وبعد انسحاب الولاياتالمتحدة قد يخرج الوضع الأمني في العراق وأفغانستان عن السيطرة. ومن المتوقع أن تصبح مهمة الولاياتالمتحدة الخاصة بدعم النظامين الموالين للغرب في البلدين شاقة. **هل يسود الحل العسكرى أم السلمى للأزمة النووية الإيرانية؟ أثارت القضية النووية الإيرانية المثيرة للجدل قلق العالم في النصف الثاني من عام 2011. وأشار تقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر المنصرم للمرة الأولى إلى أن إيران تستخدم برنامجا نوويا سلميا كغطاء لانتاج أسلحة نووية. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تخلص إلى أن طهران تحاول حاليا صناعة أسلحة نووية. وكان الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز قد صرح بأن "احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران مرجح أكثر من الخيار الدبلوماسي". وفي أعقاب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فرضت كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات أكثر صرامة على إيران كأحد طرق العقاب. ومن ناحيتها رفضت إيران نتائج تقرير الوكالة الدولة للطاقة الذرية، وذكرت أن الدول الغربية "زيفت" التقرير، وأصرت على أن نشاطاتها النووية مخصصة للأغراض السلمية فقط. ومؤخرا أعلنت طهران أن القوات المسلحة الإيرانية أسقطت طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار. وطالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما طهران بإعادة الطائرة، لكن الجمهورية الإسلامية رفضت الطلب الأمريكي. ويبقى العالم في حالة ترقب إزاء أن تؤدي الأزمة الراهنة بين طهران والغرب بسبب البرنامج النووي الإيراني في نهاية المطاف إلى حرب. هل تتعثر العلاقات الأمريكية الروسية في عام 2012؟ فاز الحزب الذي يقوده رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بالأغلبية المطلقة في مجلس الدوما بعد الانتخابات التي جرت مؤخرا في روسيا في 4 ديسمبر الجاري. وأشارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى أن الانتخابات الروسية شهدت "عمليات تزوير"، وقالت إن الانتخابات "لم تكن حرة ولا نزيهة". لكن بوتين دافع عن الانتخابات وقال انها كانت عادلة، وشدد على أن النتائج تعكس وجهات نظر الناخبين الروس. وينوي حلف شمال الأطلسي (الناتو) في قمته المقبلة المقررة بمدينة شيكاغو الأمريكية في مايو 2012 صياغة اطار عمل حول الدرع الصاروخية في أوروبا عندما يتمكن النظام من اكتساب "قدرة عملياتية مؤقتة". بيد أن روسيا هددت بنشر صواريخ في أقصى غرب منطقة كالينينغراد ومناطق روسية أخرى لمواجهة مواقع الدفاع الصاروخي الأمريكية وتلك الخاصة بالناتو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يراعي المخاوف الأمنية لدى موسكو. وبما أن روسياوالولاياتالمتحدة تعتزمان إجراء انتخابات رئاسية في العام المقبل، فمن المتوقع أن يكون لهذه الانتخابات تأثيرها المهم على مستقبل العلاقات بين البلدين. **هل يفوز أوباما بفترة رئاسية جديدة؟ تعتزم الولاياتالمتحدة إجراء انتخابات رئاسية في أواخر عام 2012. وأعلن الرئيس أوباما عزمه الترشح فيها للفوز بولاية أخرى. ولكن هل هناك مرشح جمهوري يتمتع بالشعبية الكافية للانتصار على أوباما في المعركة الرئاسية العام القادم؟ على مدار الأشهر ال34 الماضية منذ تولي أوباما منصبه يحوم معدل البطالة في الولاياتالمتحدة عند نسبة 9 في المائة. وغالبية المواطنين الأمريكيين ينتقدون تعاطي أوباما مع الملف الاقتصادي. ومن المهم لأوباما الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية جديدة أن يجد إجابة لسؤالين في غاية الأهمية هما: هل هناك مرشح جمهوري قوي ينافس أوباما؟، وهل من الممكن تحسين وضع التوظيف قبل الانتخابات ؟