مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    توقعات برفع سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقبل    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    إعلامي يفجر مفاجأة بشأن رحيل نجم الزمالك    مصر تسيطر على نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية (PSA 2024) للرجال والسيدات    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطل محمد طه: الشظايا.. لا تزال في ظهرى
نشر في الوفد يوم 06 - 10 - 2016


أبكيت الإسرائيليين عام 73 .. وقهرت أسطورة العدو
رأيت بعينى الطيران الأمريكى يقصف القوات المصرية في الثغرة
أكثر مقاتل مصرى احتفظ داخل جسده بتذكار من حرب أكتوبر.. شظايا إسرائيلية تسكن بجوار عموده الفقري منذ 43 عاما.
منذ ميلاده ولقب الأول يلازمه .. كان الأول في الدراسة .. والأول في المصارعة التي بدأ يمارسها كهاوٍ في نادي الجزيرة .. وحتى عندما كان يجامل بعض أصحابه فيغني في حفلاتهم الخاصة، كان كل من يسمعه يقول إن صوته شديد الشبه بصوت مطرب مصر الأول عبد الحليم حافظ.
وعندما التحق بالكلية الحربية عام 1969، كان أيضا من أوائل دفعته، فالتحق بمدرسة المظلات وكان من أوائل القاذفين فتم إلحاقه بقوات الإبرار الجوي الخاصة..
في حرب أكتوبر كان مقاتل قوات خاصة إبرار جوي ، وفي منطقة الثغرة كبد الإسرائيليين خسائر جعلتهم يبكون من قسوة ضرباته، ولكن الزمان دار دورته فبكى عليه وزير الدفاع الأسبق عبدالحليم أبو غزالة .. في حرب العبور كان البطل محمد طه قائدا ثانيا للسرية «الثالثة هجوم» ، إحدى سرايا قوات الإبرار الجوي الخاصة، التابعة للكتيبة 25 اقتحام جوي ..
خلال الأيام الأولي للحرب شاركت الوحدة في تنفيذ مهام قتالية خاصة جدا في قلب سيناء، ولما حدثت الثغرة وتسللت قوات إسرائيلية إلى غرب القناة، صدرت تكليفات للسرية «الثالثة هجوم» بالتحرك تجاه منطقة أبو سلطان والدفرسوار لمنع قوات العدو من الانتشار في تلك المنطقة ..
يعود المقاتل محمد طه بذاكرته 43 عاما، ليروي ما حدث في معركة الثغرة فيقول: « وجدنا قوات العدو تختبئ في أشجار حدائق أبو سلطان وتحتمي بها، بينما كانت قواتنا في أرض مكشوفة، ومع ذلك اقتحمنا الحدائق، كنا كأسود تريد أن تصطاد قطعان البقر الوحشية المختفية وسط الأشجار، وكبدنا العدو خسائر كبيرة، ولكن سقط قائد الوحدة الرائد رؤوف حلمي شهيدا، وتوليت القيادة خلفا له وأصبت بطلق ناري اخترق ذراعي اليمني، ولكني تحاملت على نفسي، وتوجهت إلى طبيب الوحدة النقيب طبيب أحمد الوليلي، وطلبت منه أن يجري لي إسعافات أولية ويتكتم خبر إصابتي، حتى لا تتأثر معنويات المقاتلين، وواصلت الحرب مع أبطال الوحدة، ومنعنا العدو من التقدم في اتجاه السويس، فغير وجهته وأراد التوجه إلى الإسماعيلية، فصدرت لنا الأوامر بأن نقطع عليهم طريق الإسماعيلية وبالفعل تمركزت الوحدة فوق جبل مريم لقطع طريق الإسماعيلية عن العدو».
ودارت معارك طاحنة استبسلت فيها القوات المصرية، وكبدت العدو خسائر مروعة.
ويتذكر الرائد مقاتل آنذاك محمد طه جانبًا من تلك المعارك فيقول: «منعنا قوات العدو من التقدم نحو الإسماعيلية، وكنا ننفذ عمليات ضد العدو أشبه بحرب العصابات ..كنا نستدرج بعض جنود العدو بعيدا عن مناطق تمركز قواتهم ثم نصطادهم كالعصافير .. وكبدناهم خسائر كبيرة بهذه الطريقة».
ومع تواصل اصطياد قوات العدو في الثغرة، وفي ذات الوقت منعهم من التقدم تجاه الإسماعيلية، لم يجدوا أمامهم سوي البكاء، وطلب العون من الطيران الإسرائيلي، وطالبوه بقصف جبل مريم بأقصى ما يمكن من نيران، وكانت المفاجأة أن طيرانا أمريكيا هو الذي قصفنا بنيرانه، رأيت بعيني طائرات أمريكية تقصف موقعنا في جبل مريم، وصبت تلك الطائرات جحيم نيرانها على الجبل، ولكن هجوم هذه الطائرات كان أكبر حافز لنا على الصمود ومواصلة القتال بأقصى ما نملك»، ويضيف الرائد محمد طه: «في 21 أكتوبر أصيب بشظايا قذائف الطيران وشظايا قذائف دبابات العدو والإصابة هذه المرة، كان يستحيل إخفاؤها .. لأنها كانت في الصدر والبطن والرأس والفخذ والساق اليمنى .. كانت الدماء تنزف من كل جسدي بغزارة».
ويواصل البطل محمد طه ذكرياته: « كانت الدماء تغطي جسدى كله، وشعرت بأنني انشطرت نصفين، فلم أشعر بالنصف الأيمن من جسدي، وكنت أتنفس بصعوبة، وشعرت في فمي بطعم الدم واكتشفت أن الدماء تتدفق بغزارة من فمي أيضا، وبينما كنت في هذه الحالة حملني زملائي إلى المستشفي الميداني، ولم أنس وأنا في هذه الحالة أن أحرض زملائي على القتال، وأن أشد من أزرهم، فقلت بأعلى ما أملك من قوة: «الله أكبر يا رجالة».. وردوا علىّ بنظرة وداع وكأنهم يشيعونني إلى مثواي الأخير، وهتفوا جميعا «الله أكبر».
جراحة تحت قصف الطائرات
ووصل الرائد «طه» إلى المستشفى الميداني فحاول الأطباء وقف نزيف الدماء، فأجروا له عملية جراحية في البطن لاستخراج الشظايا التي مزقت جسده واكتشفوا أن الشظايا أصابت إحدي كليتيه وإحدى رئتيه .. كان الأطباء يستخرجون الشظايا والطائرات الإسرائيلية تقصف المستشفي بشكل متواصل .. ولهذا كانوا يجرون جراحتهم بنصف عين، فبعين ونصف عين كانوا يراقبون السماء خشية قذائف طائرات العدو .. وبالفعل قصف الطيران الإسرائيلي المستشفي الميداني بالإسماعيلية أثناء إجراء الجراحة، ففر الجميع من المكان، فلملم الرائد محمد طه جسده، وأغلق ما استطاع من جروحه بيديه، وراح يبحث عن حفرة، تبعده عن قذائف الغارة الإسرائيلية، وكاد يموت، وبمعجزة تم نقله للمستشفي الميداني بمنطقة القصاصين، وهناك أجروا له عدة عمليات جراحية، ومن جديد قصف الطيران الإسرائيلي المستشفي، فأصيب الأطباء بحالة قلق كبير، وكانت النتيجة أنهم نسوا «جفت» طوله 17 سنتيمترا داخل بطن الرائد محمد طه ومع توالي قصف الطيران الإسرائيلي للمستشفي الميداني تم نقله إلى الزقازيق بمحافظة الشرقية وإلى هذا المستشفي انتقل الرائد محمد طه وبمجرد وصوله إليه أدخلوه غرفة العمليات، كان الألم الذي يشعر به رهيبا، ولم يكن يملك مسكنا لهذا الألم سوي عبارة « الله أكبر» كان يرددها دوما فتطفئ بعضا من لهيب جسده النازف ..
وفي المستشفي تم تجبيس نصفه الأسفل (الحوض والساق اليمنى)، ولكن جروحه أكبر من ذلك بكثير، بدليل أن نزيف الدم لم يتوقف.. وكان القرار يجب نقله للقاهرة فورا .. وضعوه في سيارة إسعاف في صدره خراطيم منتهية بزجاجة محاليل، ونصفه السفلي في الجبس ..
كانت عملية النقل قطعة من العذاب.. فمع كل مطب تصله السيارة كانت الإبر المتصلة بالخراطيم تنغرس في صدره، وزجاجة المحاليل تنقلب رأسا على عقب فينسكب جزء من محاليلها ..
وأخيرا وصل لمستشفى ألماظة بالقاهرة، وهناك رفضوا دخوله المستشفي لعدم وجود أطباء متخصصين في علاج حالته.. فتوجهت سيارة الإسعاف به إلى مستشفي قصر العيني ، وهناك وضعوه على ترولي ودفعوه إلى حجرة الاستقبال، ولما فتح عينيه لم يجد في هذه الحجرة سوي دماء تغطي الأرض، وجثامين مكشوفة في كل مكان .. لم يكن يقوى على الكلام فاستسلم وراح فيما يشبه الغيبوبة.
من حجرة الاستقبال نقلوه إلى غرفة جراحة الصدر .. وبعد فترة جاءه طبيب ببالطو ابيض وسماعة حول عنقه .. طلب منه الطبيب أن يكشف عن صدره ففعل .. وضع السماعة علي صدره ثم بطنه وبعدها تركه الطبيب وغادر الحجرة دون أن ينطق بكلمة.
كان الأمر نفسه يتكرر ساعة بعد أخري .. ومضي على هذا الحال 5 أيام كاملة .. دون تحسن يذكر في حالته .. وكان العلاج الوحيد الذي يتلقاه هو سحب الدم من صدره، مع جلسة علاج طبيعي تطلب خلاله الطبيبة أن يثني جذعه .. فكان يفعل وهو يصرخ، فتطمئنه بأن حالته ستتحسن قريبا!
لكن حالته لم تكن تتحسن، على العكس كانت الدماء تتدفق من صدره فتغطي الملاءة والسرير، ولما سأل الطبيب عن هذه الدم، كان الرد «بسيطة دول شوية احتقانات داخل جسمك بسبب العلاج».
منعه كبرياؤه العسكري من الشكوى .. منعه من أن يتوجع او يقول «آه» ولكن الدماء لم يكن له فيها حيلة، فلم تتوقف عن النزيف.
وتصور الأطباء أن هذه الدماء نتيجة إصابة قديمة بمرض البلهارسيا، واكتفوا بهذا التشخيص، ولكن الدم النازف تحول من اللون الأحمر إلى لون الصديد الأبيض، وأمام هذا التحول أعطاه الأطباء مسكنات شديدة القوة حتى يقوي على تحمل الألم.
وحدث أن زارته شقيقته الطالبة، وكانت وقتها في السنة النهائية بكلية الطب، فهالتها الدماء والصديد الذي ينزفه شقيقها ، فطلبت عمل آشعة لشقيقها .. وكشفت الأشعة مفاجأة داخل بطن الرائد محمد طه «جفت شرياني طوله 17 سنتيمترا»، ولما علمت طبيبة العلاج الطبيعي بذلك، ظلت تبكي لما كانت تفعله به عندما كان يشكو من ألم في البطن كل صباح ثم تصر أن يثني جسده!
ويمضي المقاتل البطل محمد طه قائلاً: «عندما اكتشف الأطباء وجود هذا الجفت في بطني حولني الأطباء إلى فأر تجارب فكان كل طبيب يصطحب مجموعة من طلابه بكلية الطب ليريهم الرجل الذي يحتضن "جفت" في بطنه، وعندها قررت مغادرة مستشفى قصر العيني وانتقلت إلى مستشفى المعادي، وهناك خضعت لعشرات العمليات الجراحية في كل أجزاء جسدي .. واخيرا خرجت من المستشفي.. خرجت مرتديا جهاز شلل أطفال في ساقي اليمنى.. وطبعا كان يستحيل أن أعود للجيش مرة أخري لعدم قدرتي على القفز بالمظلة، فأحالوني للجنة طبية عسكرية فأحالتنى للتقاعد في يونيو 1980 بنسبة عجز 70%.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.