قال الأديب يوسف القعيد إنه يشعر بالخجل من مصريته، لأن المجمع العلمي المصري الذي أنشأه نابليون بونابرت قام بعض المصريين بحرقه بدلا من أن يشكلوا دروعا بشرية لحمايته على اعتبار أن هذا تاريخهم وذاكرتهم التي لا بد من الحفاظ عليها. وأوضح، اليوم الاثنين - في لقائه مع الإعلامية جيهان منصور ضمن برنامج "صباحك يا مصر"، على قناة دريم، أن من قذفوا قنابل المولوتوف على المجمع العلمي ذكروا معلومات كاذبة، حيث ادعوا أن هناك بلطجية كانوا فوق سطح المجمع يقذفون الطوب والحجارة على المتظاهرين. وأشار القعيد إلى أنه لا يمكن الصعود على المجمع لعدم وجود "سلم" أصلا، وبالتالي فإن ما ذكره حارقو المجمع "كلام كاذب". وطالب القعيد بضرورة التحقيق مع من كانوا يشيرون بعلامة النصر والمجمع يحترق، وأيضا التحقيق مع من تقاعس في إطفاء الحريق، خاصة وأن المطافيء لا تبعد عنه سوى 20 مترا فقط. وتحدى القعيد وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي أن يكون في المناهج الدراسية أربعة أو خمسة سطور عن المجمع العلمي. وأشار إلى أن كيان مصر يذوب ويتلاشى ويتعرض للضياع، ومصر نفسها ممكن أن تصبح في يوم ما ولا نجدها، مطالبا بضرورة الإيمان بدور مصر الحضاري والثقافي، وتبعية الأماكن التراثية لرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو وزارة الثقافة. من جهته أكد الدكتور محمد الشرنوبى، أمين عام المجمع العلمي المصري، أن حريق المجمع خسارة لذاكرة هذا الوطن وجزء مهم يرجع تاريخه إلى ما قبل الحملة الفرنسية، التي أسست هذا المجمع على غرار المجمع العلمي الفرنسي. وكشف أن المكتبة التي يضمها هذا المبنى لم تكن تبدأ مع تاريخ الحملة الفرنسية فقط، فقد كان المجمع يضم عددا من المراجع قبل وصول الحملة يرجع أقدمها إلى عام 1635 ميلادية. أضاف د. الشرنوبي أنه حينما غادرت الحملة الفرنسية مصر تخلف منها عدد من العلماء وظلوا في مصر لإحياء المجمع الذي نقله الملك فؤاد عام 1918 من الإسكندرية إلى القاهرة، وكان يشمل عددا من الأكاديميات في العلوم الاجتماعية. وأوضح د. الشرنوبي أن المجمع كان يضم كافة الرسوم الخاصة بالمنشآت التي تمت من كباري وقناطر وسدود، والنسخة الإمبراطورية من كتاب وصف مصر التي صدرت عام 1818 في 24 جزءا وصفت في جوانبها كل نواحي الحياة في القرية والمدن الصغيرة والعادات والتقاليد. كما كان المجمع يضم عددا هائلا من الدوريات التي ترجع إلى القرن الثامن عشر، وبعض الجمعيات العلمية التي أودعت أعمالها بهذا المجمع أصبحت غير موجودة وتحولت إلى جزء هام من التاريخ، ولذا فإن العلماء كانوا يأتون من كافة أطراف الدنيا كلها للبحث عن المراجع التي احترقت وكانوا يجدونها في المجمع. وأشار د. الشرنوبي إلى أن الكثير مما تم حرقه لا يمكن تعويضه، منبها إلى أن الكثير ممن هم على رأس المجتمع المصري يجهلون قيمة المجمع، ومنهم أحد رجال الدولة الكبار الذي أعطيناه العضوية، فأرسل لنا مدير مكتبه يسألنا ما هو المجمع العلمي؟ فأوقفنا عضوية هذا الشخص ولم نستطع إلغاءها لأنها لا تزول إلا بالوفاة. وخلال الفقرة أكد د. صفي الدين أبو عز، رئيس الجمعية الجغرافية المصرية، أنه لم يكن أحد في أجهزة الإعلام يذكر اسم المجمع أو الجمعية، ومن ثم كان لا يعرف المواطن العادي ماهيتهما بسبب التجاهل الإعلامي التام لأهمية مثل هذه المراكز الثقافية. وأشار د. أبو العز إلى أن هذه المؤسسات التاريخية لم ترصد لها أموال في ميزانية الدولة للصرف عليها، ومن المتناقضات أن الجمعية الجغرافية ينطبق عليها قانون الجمعيات الأهلية الخاص بالأرامل واليتامي وكذا جمعيات الرفق بالحيوان، وهذا الإدراج يدل على الاستهانة بالقيمة الثقافية التي لا تقدر بثمن للمجمع العلمي المصري أو الجمعية الجغرافية الملاصقة له. شاهد الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=T1LNg61ogZc&feature=player_detailpage