فور تصويت الكونجرس ومجلس الشيوخ في الولاياتالمتحدةالأمريكية، على رفض "فيتو" الرئيس باراك أوباما الخاص بقانون "جاستا" المثير للجدل، توالت ردود الأفعال المنددة من كل دول العالم، لاسيما وأن القانون يقضي بمحاكمة الدول الراعية للإرهاب وهو ما يعد اعتداءً على سيادة هذه الدول بمحاكمتها على أراضي دول أجنبية. لكن التنديد الأكبر أنصب على أن القانون طال المملكة العربية السعودية، بزعم اشتراكها في تدبير أحداث 11 سبتمبر، بعدما كشفت التحقيقات تورط نحو 15 مواطن سعودي في تدبير الحادث، كما أنه فتح الباب على دول العالم للمطالبة بمحاكمة واشنطن على الجرائم التي ارتكبتها في العراف وأفغانسان. "تويتر" بداية المساندة التي لا زالت مستمرة حتى الآن، كانت على مواقع التواصل الاجتماعي، التي رفضت القانون، وأعرب روادها عن غضبهم من سعى أمريكا لتطبيقه على السعودية. ودشنوا هاشتاج بعنوان: "السعودية ضد قانون جاستا، والرياض أقوى من جاستا، والعالم يحاكم أمريكا"، وتعالت ردود فعل المغردين ضد القانون المثير واعتبروه يتعدى على سيادة الدول. وتوالت التغريدات مطالبة بمقاطعة المنتجات الأمريكية وسحب الاستثمارات ومقاضاة أمريكا على ما ألحقته من أضرارا وعلى تدخلها السافر في شؤون الدول كالعراق وغيرها، وتحول القانون إلى قنبلة انفجرت في وجه واشنطن. "فرنسا" وعلى صعيد الدول، كانت فرنسا أول المنددين بالقانون، على لسان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية "رومان نادال"، الذي أكد إن بلاده مع كل شركائها في الاتحاد الأوروبي يعتبرون أن "جاستا" يتعارض مع القانون الدولى. وأوضحت الخارجية في مؤتمر صحفي لها أن هذا القانون مخالف لمبدأ الحصانة السيادية للدول والتي تؤكد على أهميتها المحكمة العدل الدولية، مشددًا على ضرورة أن تتفق المعركة ضد الاٍرهاب مع القوانين المحلية والدولية. وذَكّر "نادال" أمريكا بانخراط فرنسا في الحرب ضد الاٍرهاب ومساهمتها بشكل وثيق مع كل شركائها وخاصة الولاياتالمتحدة في القضاء على تلك الآفة، مؤكدًا أن السعودية ليست مسؤولة عن مواطنيها. "روسيا" جاء من بعدها الرد الروسي العنيف على القانون، حيث أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا شديد اللهجة قالت فيها:" أظهرت واشنطن مرة أخرى تجاهلها التام للقانون الدولي، بإضفاء الشرعية على إمكانية رفع قضايا أمام المحاكم الأميركية ضد دول يشتبه في أنها تدعم الإرهاب". وأوضحت أن واشنطن تواصل -حيث يعتقد العديد من السياسيين فيها أن بلادهم "فريدة"- بإصرار نهجها لنشر ولايتها القضائية على العالم كله، دون اعتبار لمفهوم السيادة الوطنية والحس السليم. وتابعت: "لدرجة أنه في هذه الحالة حتى إدارة أوباما التي عادة ما تلجأ إلى ولايتها القضائية لابتزاز الدول الأخرى رفضت هذا القانون، ومع ذلك، تمكن الكونجرس الأمريكي من كسر "فيتو" البيت الأبيض". وقالت: "أن الولاياتالمتحدة استخدمت بنشاط إجراءاتها في مصالح السياسة الخارجية وهو أمر معروف ومألوف بالنسبة لروسيا، من خلال الإجراءات القضائية المسبقة ضد روسيا والمواطنين الروس، والآن نفس التعسف". ولفتت أن مثل هذا الدمار لأحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وهو سيادة الدول من شأنه بسرعة أن يضرب الولاياتالمتحدة نفسها، وليس من قبيل الصدفة، على عكس الكونجرس. واختتمت: "أدركوا أنه على أساس المعاملة بالمثل ستُقابل بدعاوى مضادة مماثلة قدمها القانون الجديد للبلدان الأخرى. بل أكثر - الولاياتالمتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار رغبة الهيمنة العالمية واستخدام القوة العسكرية في جميع أنحاء العالم". "تركيا" كذلك فإن تركيا وقفت إلى جانب السعودية بشأن قانون جاستا، باعرابها عن دعمها البالغ للأخيرة، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوار مع الإعلامي جمال خاشقجي، أن تركيا ستقف بجانب السعودية من خلال إجراءات قانونية. ولم يقف الرد التركي على القانون عند هذا الحد، بل أن "أردوغان" أكد أن أنقرة ستدرس مع السعودية الرد المناسب من كل الجهات على هذا القانون الذي يخالف المنطق، متسائلًا: "كيف تحاسب دول على جرائم أشخاص؟". "مصر" وعلى صعيد الدول العربية، كانت مصر إحدى الدول التي تابعت الأمر باهتمام، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد أن استخدام أوباما حق النقض على قانون "جاستا" ينطوي على اقرار مبادىء المساواة في السيادة وحصانة الدول وعدم فرض القوانين الداخلية على دول أخرى. "البحرين" كذلك أصدر وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد الخليفة، تصريحات غاضبة من القانون، قال فيها: "أن جاستا، سهم أطلقه الكونجرس الأمريكى على بلاده"، مضيفًا: "أليس منكم رجل رشيد؟". "السعودية" وكان تعليق الممكلة ذاتها يحمل تهديدًا بالغًا للجانب الأمريكي، حيث دعته إلى التحرك لتفادي العواقب الخطيرة للتشريع الجديد، وأكدت في بيان لها إن القانون يشكل انتهاكًا لمبدأ أساسي يمنع إقامة الدعاوى القضائية ضد الحكومات وينظم العلاقات الدولية منذ مئات السنين. وقالت: "القانون من شأنه إضعاف الحصانة السيادية التأثير سلبًا على جميع الدول بما في ذلك الولاياتالمتحدة"، معتبرة أن اعتماد القانون يشكل مصدر قلق كبير للدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية.