بجوار السرير داخل عنبر الحالات الحرجة بقصر العيني ( الفرنساوي).. تقف الحاجة صفية مكتوفة الأيدي أمام ابنها أحمد ابن ال29 ربيعاً، تنظر إليه بحسرة قائلة: " أبوه متوفي وهو اللي بيصرف علينا أنا وأخته .. الحمد لك يا رب على كل حال". سألنا أحمد ( 29 عاماً .. فني معمل) إذا كان من المتعصمين أمام مجلس الوزراء، فقال عن إصابته: لم أكن من المعتصمين ونزلت يوم الجمعة في الساعة الثالثة عصراً عندما رأيت الهجوم الوحشي على المتظاهرين في التلفزيون .. أنا أنتمي لأي أحزاب سياسية ولكني مؤمن أنه من واجبي مساندة الثوار العزل ويتابع : أصبت بطلق ناري في ظهري خرج على الفور من بطني وتم نقلي إلى المستشفى، هذه ليست المرة الأولى التي أجني فيها ثمار الثورة، فقد تم اعتقالي يومي 25و26 يناير وتم الإفراج عني مع مجموعة من المعتقلين. على الرغم من حالة أحمد الحرجة إلا أنه متابع للصحف اليومية، ويقول: أعيب على وسائل الإعلام التي تصدر للجمهور صورة سلبية عن المعتصمين، نحن لا يوجد بيننا باعة جائلين إلا بأوامر الداخلية، وهذا سر استقوائهم وبلطجة بعضهم، أما أطفال الشوارع فهم ضحية نظام بأكمله كيف نمنعهم من دخول ميدان التحرير وهم مصريون مثلنا. ويؤكد أحمد أن الأطباء وعدوه باستخراج التقارير الطبية، ويقول: " لكن الله أعلم عندما أتعافى هل سيعطوه لي حقاً أم لا؟! أما النيابة فجاءت لتأخذ أقوالى وانا في البنج وحتى الآن لم يعاودوا مرة أخرى". بالرصاص الحي في السرير المجاور يرقد أحمد سمير ( 30 عاماً، عامل في الصاغة)، اعتاد على التوجه إلى ميدان التحرير مساء الخميس ويعتصم حتى الجمعة، فتواجد في تلك الاشتباكات وأصيب يوم الجمعة عصراً بطلق ناري في جنبه الأيمن، وتم استخراجه بعملية في المستشفى . يقول: مازال النظام يتعمد التعامل معنا وكأننا لسنا بشر، لقد ضاع حقي وأنا ملقى هنا كالكلب، فهل من المعقول أن يتم التعامل مع ثوار عزّل بتلك الوحشية؟ لقد رأيت "عبودي" سبب الشرارة ومدى عدم الانسانية التي تعاملوا معه بها .. لقد تركت العمل بعد ركود حركة التجارة في الصاغة منذ قيام الثورة ، ورغم ذلك ما زلت مصرا على المشاركة وها أنا مصاب وأعلم أنني لن أسترد حقي يوماً. حسين عبد الحميد موظف بمؤسسة الأهرام ، متطوع في المستشفى الميداني في ميدان التحرير وأثناء نقله لأحد المصابين يوم الجمعة أصيب بطلقات في يده أسفرت عن كسر الرسغ وقطع في أحد الشرايين مما أدى لإصابته بشلل الخنصر والبنصر بيده اليمنى. ويدلي بشهادته على الأحداث والحرائق قائلاً: عساكر الجيش هم من كانوا أعلى مبنى الطرق والكبارى ومجلس الوزراء يلقون بالشبابيك الزجاجية والرخام وقنابل المولوتوف على المتظاهرين، فعلقت قنابل المولوتوف بالشجر ما أدى إلى حرق تلك المباني . مصاب بالصدفة ذهب سيد عبد المعطي ( موظف بوزراة التجارة) إلى إحدى الصيدليات الكبرى في وسط البلد ليشتري علاج لخشونة المفاصل، فرأى نيران مندلعة من شارع قصر العيني فقاده فضوله إلى استكشاف الأمر. ويضيف: وقفت على بداية الشارع مع مجموعة من النشطاء والصحفيين في أمان الله، وفجأة شعرت وكأن ديناميت انفجر في ساقي ولم أحتمل الوقوف عليها، ووجدت قدمي في اتجاه معاكس لا أستطيع التحكم فيها، في تلك الأثناء أصيب أحد الواقفين معي بطلقة نارية سببت له انفجارا في الحوض. ويتابع: " أنا اتصبت ولا بيا ولا عليا .. وعمري ما مشيت في مظاهرات غير 25 يناير ..بس توبة أروح التحرير ولا أهوب ناحيته .. بس ربنا يكرمني وأخف لحسن خايف مقفش عليها تاني أبداً" وفاة وجروح قطعية من جانبه يصرح الدكتور تيمورمصطفى ،مساعد مدير مستشفى قصر العينى التعليمى الجديد، أنه منذ اندلاع أحداث مجلس الوزراء استقبلت المستشفى 26 حالة يوم الجمعة ترواحت أعمارهم بين 20 و30 عاما ومعظمهم طلبة وحرفيين، تم حجز 12 حالة منهم، وتوفت منهم حالتان وهم حالة أمين لجنة الفتوى الشيخ عفت وسنه 52 سنة وشاب آخر يدعى أحمد منصور قطب عمره 21 سنة، وفى يوم 17 ديسمبر استقبلت المستشفى 12 حالة خرجوا كلهم ماعدا حالة واحدة . ويشير إلى أن معظم حالات الإصابة تتفاوت بين جروح قطعية بسبب الحجارة وأجسام صلبة وكسور، وأن هناك إصابات بطلقات نارية قد تكون رش أو مقذوف، مؤكدا أن حالتى الوفاة كانتا نتيجة طلق حى وتم تسليم الفوارغ للطب الشرعى لفحصها وتم استخراج تقرير طبى بذلك . وتعليقاً على الأخبار التي تناقلت عن عدم السماح بخروج تقارير طبية للمرضى، أكد د.تيمور أنه مسموح لكل مصاب أن يحصل على تقرير طبى يشمل حالته ونوع الإصابة وسببها وفقا للطبيب المعالج. شاهد صورهم: