قضية الهجرة الجماعية للعقول المصرية بعد الثورة . البحث العلمي العامل الأساسى في الارتقاء بمستوى الإنسان، فكرياً وثقافياً والاساس فى تقدم ونهضة الدول ، فلم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين ! إذ أصبح البحث العلمي هو محرك النظام العالمي الجديد ! وأصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من التقنية والمعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية للشعوب .ولا يختلف اثنان في أهمية البحث العلمي لفتح مجالات الإبداع والفن والتميز لدى الأفراد والشعوب في المجتمعات مهما تعددت واختلفت ثقافاتها .. كما أن البحث العلمي يعمل على إحياء التراث والأفكار والموضوعات القديمة وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً، وبالتالي تطويرها للوصول إلى اكتشافات ومبتكرات جديدة .. فيسمح بفهم جديد للماضي في سبيل انطلاقة جديدة للحاضر ورؤيا استشرافية للمستقبل..وتبدو أهمية البحث العلمي بشكل أوضح في مصر بالذات عندما ندرك أن البحث العلمي هو الكفيل بتهيئة الظروف لتقليل الفجوة العلمية والثقافية بين مصر والعالم المتقدم. البحث العلمي يُعتبر الدعامة الأساسية للاقتصاد والتطور،ومع أن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة وتغطي أكثر من مجال علمي وتتطلب الأموال الطائلة، إلا أن الدول المدركة لقيمة البحث العلمي ترفض أي تقصير نحوه، لأنها تعتبر البحوث العلمية دعائم أساسية لنموها وتطورها. والزراعة تستحوذ على اكبر عددمن الباحثين من حملة الشهادات العليا في مصر، يليها في ذلك العلوم الهندسية والأساسية، ثم بعد ذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية،أما بالنسبة للحقل الصناعي المهم في بناء القاعدة الإنتاجية، فلا يزال عدد الباحثين قليلاً جداً . يوجد فى مصر عدة الالاف من حملة الماجستير والدكتوراة فى جميع التخصصات،يسعون الى تفعيل دورهم والمساهمة فى المجتمع بعد تهميشهم ايام النظام السابق ،وتقدم هولاء عدة مرات للمسؤلين فى ايجاد فرصة لهم للعمل بالدولة ،حيث انهم اما مؤقتين اوعاطلين ، فما وجدوا سوى التعنت والكبرياء امام محاولاتهم ، مما اصابهم باليأس والاحباط بعد ان تفاءلوا بالثورة وان التغيير قادم ، وصل بهولاء الامر الى التظاهر والاعتصام عدة مرات ، وايضاً لم ينتبه المسؤلين الى تلك المطالب ، واخيراً تقدم هولاء باوراقهم للهجرة جماعياً لعدة سفارات عربية ، ولقوا قبولا وترحيباً من دولة قطر ،ودولا عربية اخرى ،وهناك اتجاه للهجرة الى السودان . كيف يتم التفريط فى تلك العقول التى سوف تبنى مصر مستقبلا ، فهولاء احق من غيرهم فى ادارة تلك المرحلة التى يجب ان يكون الاساس فيها للكفاءة والادارة العلمية وفقا للاساليب الحديثة القائمة على التخطيط ،والرؤية المستقبلية . ان جامعات ومراكز البحث العلمى فى مصر تفتقر الى الكفاءة وشيخوخة باحثيها وعقم الانتاج البحثى ،والفساد الادارى ، لانه مازال يقومون بتدريس مناهج الستينات فى الجامعات المصرية ،وهذا راجع لعدم التدريب وتحويل الباحثيين واعضاء هيئة التدريس الى موظفين ، يعانون ضعف الرواتب واهتمامهم بحياتهم المعيشية الصعبة مما اصاب الجوانب العلمية بالشلل ، بل يجب توفير حياة كريمة محترمة لتلك العقول ،حتى تنتج ،وتطور من شكل الحياة فى مصر . دعوة الى رئيس الوزراء المصرى الاكاديمى د.الجنزورى،باتخاذ قرار سريع بتعيين كافة حملة الماجستير والدكتوراة - وبدون تعقيدات ادارية - فى الجامعات والمراكز البحثية ، بدلا من هجرة تلك العقول التى لا يقدر ثمنها باى اموال سوف تدفعها خزينة الدولة فى تعيينهم !! وسوف تتاثر مصر مستقبلا بهجرة هولاء اذا حدث هذا ، لانهم يمثلون عدة اجيال ، وفى عدة تخصصات تحتاجها مصر فى تلك الفترة من اجل التقدم والتطوير . الى السادة المسؤلين فى مصر ، انتبهوا الى محاولات الهجرة للعقول المصرية للخارج ، ومحاولة استقطاب عدة دول لهم ، وسوف تتحول مصر الى مجتمع خال من العقول الشابة المحترفة العلمية ، ويصاب بالشيخوخة العلمية ، فلا تتعنتوا مع هولاء ، واشركوهم فى المرحلة القادمة فى تطوير مصر !! فلننتظر قرار المسؤلين ؟