أصبحت تجارة الأعضاء البشرية فى الآونة الأخيرة أكثر انتشارًا من تجارة الخضراوات والفاكهة، فقد صارت بمثابة الوريد الذى يغذى جيوب هؤلاء السفاحين الذين يتخذون مهنة الطب ستارًا لهم. من المؤسف تصنيف مصر في المركز الثالث على المستوى العالمي، بعد الهند والصين من منظمة "كوفس" المعنية بمحاربة تجارة الأعضاء البشرية، ويرجع ذلك إلى عدم وجود منظمات تُجرم التجارة بالأعضاء، فضلًا عن عدم وجود قوانين مفعلة لمحاسبة كل من يتجرأ على سرقة الأعضاء البشرية و الاتجار بها. 15 ألف دولار للكُلية.. عبّر محمود فؤاد، رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، عن استيائه مما كشفه تقرير منظمه "كوفس" العالميه لمناهضة الاتجار بالأعضاء البشرية في سويسرا، التى احتلت به مصر المركز الثالث بعد الهند والبرازيل في مجال تجاره الأعضاء البشرية. وأشار فؤاد إلى أن المنظمة تساورها الشكوك حول قدوم الأفارقة للاتجار بأعضائهم في مستشفيات وسط العاصمة، موضحًا أن التقرير أظهر أن "الكُلى"، بلغت التجارة بها 15 ألف دولار، ويأتى "الكبد" بنسبة 30 ألف الدولار، والرئة بقيمة 20 ألف دولار، والبنكرياس 25 ألف دولار. وأوضح رئيس المركز المصري للحق في الدواء، أن عدد العمليات السنوية التى يتم من خلالها نقل الأعضاء تقارب 7000 عملية سنويًا، لافتاً إلى أن المنظمة طالبت السلطات المصرية فى تقريرها بسن تشريعات تغلظ العقوبات، حتى لا تتحول مصر إلى برازيل الشرق الأوسط. اللبن والدم حلال.. وعن رأي الشرع في تجارة الأعضاء، أوضح أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الدين الإسلامى كرّم الإنسان عن بقية المخلوقات؛ لذا لا يجوز لأى كائن حى أن يحط من قيمته وقدرة، لافتًا إلى أن الإنسان خليفة الله فى الأرض فلابد أن يتبع تعاليمه، ولا يحيد عنها مهما كانت الأسباب. وأكد كريمة، أن جسد الإنسان وجميع أعضائه هبة الله له ولا يحق لأى مخلوق التفريط فيما وهب الله، مشيرًا إلى أن الشرع حرم بيع وإعارة وإهداء أى عضو من أعضاء الجسم، سواء من ميت لحى أو من حى لحى، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) " كسر عظم الميت ككسره حيًا" وأضاف كريمة، أن الدين حرّم هبة الأعضاء الحية فيما عدا اللبن والدم، بشرط أن يقوم الإنسان بالتبرع بها وليس بيعها، مؤكداً أن تجارة الأعضاء إثم مبين، لذا يجب أن يتم توقيع القصاص الشرعى على كل من يتجرأ على القيام بهذا الفعل المشين. وأشار كريمة، إلى ضرورة منع منح الأعضاء، لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، حتى وإن كانت من الزوج إلى زوجته، أو بين الأخوات. وناشد أستاذ الشريعة الإسلامية، الحكومة بضرورة تغليظ عقوبات منح وبيع الأعضاء لأن هشاشة القوانين هى التى أدت إلى انتشار تجارة الأعضاء، قائلًا "تلك الهشاشة أباحت المبيحات وأدت إلى بيع أعضاء المصريين لأثرياء الخليج". إعدام المتورط في التجارة السوداء.. أستنكر خالد عبدالعزيز فهمى، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إهمال وزارة الصحة في محاربة ظاهرة بيع وتجارة الأعضاء البشرية، خصوصًا بعد تصنيف مصر الثالث عالميًا بعد الهند والصين من منظمة كوفس المعنية بمحاربة تجارة الأعضاء البشرية. وتساءل عبدالعزيز عن دور وزارة الداخلية فى منع ومحاربة تلك الظاهرة البشعة، مؤكدًا أنه سيتقدم بمشروع قانون لإعدام من يتورط فى هذه التجارة القذرة سواء (بالخطف أو البيع أو الواسطة أو إجراء العملية) حتى نستأصل تلك الكارثة. وأوضح عضو مجلس النواب، أن حبس الجاني أو إغلاق المستشفى أو العيادة ليس كافيًا، لافتًا إلى أن هذا دور مجلس النواب بإقرار مشروع قانون سريع للقضاء ووأد تلك التجارة المعتمة. إعادة النظر في التشريعات الحالية.. أكد المستشار أحمد الخطيب، رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقًا، ضرورة إعادة النظر في التشريعات الحالية المتعلقة بحماية الأرواح، لافتًا إلى أن مهنة الطب تعانى من أزمة أخلاقية، الأمر الذى أدى لانتشار ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية بشكل مبالغ فيه بالآونة الأخيرة. وأشار الخطيب إلى أن الدعوات الإنسانية أصبحت ستارًا لترويج هذه التجارة، فيقوم التجار بالتحايل على المتبرعين باسم الإنسانية، ويصل ذلك الأمر إلى حد الإعلان في الصحف صراحة، موضحًا أن هناك عيادات متخصصة تقوم بتجهيز المتبرع سواء بمقابل مادى أو من دون مقابل واختبار مدى تطابق أعضائه مع المتبرع له. وأضاف الخطيب، أن التبرع بالأعضاء أصبحت عادة مألوفة فى المجتمع المصر ي، بغض النظر عن اختلاف الفتاوى حول شرعيتها أو حرمتها أو قانونية ذلك من عدمه، لافتًا إلى أن التبرع بالأعضاء يختلف تمامًا عن سرقة الأعضاء أو الاستيلاء عليها بالإكراه من خلال عمليات الخطف والتخدير وإجراء عمليات النقل، أو أثناء العمليات الجراحية للمرضى. وناشد الخطيب، الحكومة بضرورة تغليظ العقوبات على كل من يقوم بالتبرع بالأعضاء أو سرقتها والاتجار بها، فضلاً عن إعادة ترتيب القوانين الخاصة بذلك وسن قوانين جديدة من شأنها الحد من تجارة الأعضاء. وشدد رئيس محكمة استئناف القاهرة، سابقاً، على ضرورة محاكمة المراكز الطبية التى تتخذ من مهنة الطب ستارًا لأعمال السمسرة والاتجار فى الأعضاء البشرية، مشيرًا إلى ضرورة إصدار قرار بمحاكمة هؤلاء محاكمة عاجلة من أجل إخافة كل من يفكر بالاتجار فى الأعضاء البشرية، كما يجب معاقبتهم في محكمة الجنايات وليس الجنح.