أكد الروائي أحمد زغلول الشيطي أن الانتخابات الحالية لن تسفر عن سلطة تعبر عن الشعب، ولا عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مشددا على ضرورة إيجاد مشروع تنوير حقيقي بديلا لمشروع التنوير الزائف المزمع من قبل النظام السابق. كما أكد الشيطي في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد الإلكترونية" على إدراك المصريين بالعملية الانتخابية كونها لعبة زائفة، وناتجها البرلماني لن يُمثل بحال من الأحوال الشعب المصري، فهذه الانتخابات بدأت بينما يتساقط الشهداء في ميادين التحرير، وبإصراريبلغ حد العناد من المجلس العسكري، ولهفة وتكالب للإسلاميين وفي ظل انفلات أمني مصطنع، وأزمة اقتصادية خانقة، وانقسام مروج له ما بين ما يسمى "عباسية- تحرير"، فلا يمكن أن تتم التسوية بين ما يسمى بالعباسية وميدان الثورة. وقال الشيطي: "الانتخابات خطوة من خطوات الثورة المضادة، تمت تحت تأثير التهديد بغرامة غير دستورية، وقد سمعت بنفسي أسلوبا تهديدا فجا من قبل رئيس اللجنة العليا للانتخابات يؤكد أنه سيرسل أسماء من لم يصوتوا إلى النيابة، ولا أعرف بأية تهمة ستتم المحاكمة، متناسيا ذلك القاضي رئيس اللجنة أن المقاطعة حق دستوري وموقف سياسي كالمشاركة تماما". واضاف: "بعدما بدى أن التهديد غير مجدٍ، أظن أن نسبة الأقبال على التصويت في المرحلتين الثانية والثالثة ستقل، ولن تكون بذات الزخم، بخاصة بعد الاحتفاء بالفرحة العارمة لاتجاهات الإسلام السياسي، وفضح مقدار التماهي العضوي بين الجماعات الدينية والمجلس العسكري، وابتعاد خطابات التيارات الإسلامية عن القضايا الاجتماعية، وستتضح القوة الحقيقية لتواجد "الإسلام السياسي" في الشارع والتي لا تزيد عن 30% من الكتلة التصويتية". وحول أسباب حصول التيار الديني على نسبة أعلى مما ذكر الشيطي، أوضح قائلا: "الذين صوتوا للإسلاميين فعلوا ذلك لأن "التيار الديني" الأكثر تواجدا في الشارع، والأبهر دعاية، والراعي للخدمات المادية؛ فضلا عن هذا التيار قدم نفسه وكأنه "الضحية الوحيدة" للنظام السابق، لكني مطمئن أنه سرعان ما ستكتشف الجماهير فشل هذا التيارفي حل المشكلات الاجتماعية، وأنه ليس سوى بديل ديني للحزب الوطني، والراعي الجديد للرأسمالية". وبشأن تخوف الكثيرين من المثقفين من فرض التيار الإسلامي لرقابة مشددة على الإبداع، أكد صاحب رواية "ورود سامة لصقر" على أنه منزعج بشأن الحرية الإبداعية وحرية التفكير، كما أبدى اندهاشه من تصريحات السلفي عبد المنعم الشحات، قائلا: "صدمني جدا ما قاله الشحات، وكان لي بمثابة مؤشر بأن هناك رياح سوداء تهب على مصر، وقيود جديدة على حرية البداع؛ فذكرتني تصريحات الشحات بموقف طالبان، عندما نسفت تماثيل بوذا، وانتابني الفزع على كل منجزنا الحضاري الحديث منه والقديم، لأن هذه التيارات تتمنى أن تهلك إرث الطهطاوي، محمد عبده، سيد درويش، يوسف إدريس، ويحيى حقي، وغيرهم، ويريدون أن يسلخوا مصر من روحها الحضارية". وقال: "ومخاوفي تمتد إلى كافة التراث المصري القديم والإسلامي، وأضرحة آل البيت، وعلى كل ما يمثل الروح المصرية؛ حيث تسعى هذه التيارات لفرض الوهابية على المصريين، وهو ما يطرح على الجماعة الثقافية مهاما عاجلة، تستوجب تكاتف الجميع في مواجهة هذه الهجمة، وألا يهادنوها، وأن يتراص المثقفون ضدها، وإلا سنفاجأ بتحطيم كل انجازنا الحضاري مثلما حطمت طالبان الإرث البوذي، وإن كنت على يقين أن الروح المصرية التي ملئت العالم فنا وجمالا وتنويرا لا يمكن أن تنقضي أبدا". وقال الشيطي أن الإخوان يتحملون جزءا مما آلت إليه الأوضاع، فهم الذين نظروا إلى الوطنية المصرية على أنها تالية، فمصر ليست أولى أولوياتهم، وهم لا يقلون سوءا عن التيارالوهابي؛ حيث تتكون الجماعة من شقين: الأول وهابي، والآخر شق ينتمي للنموذج الباكستاني سيء السمعة، أما تمسحهم بالنموذج التركي فمفضوح وغير مصدق، لاعتبارات الفروق بين الإسلاميين التركيين والإخوان. كما ذكر الشيطي أن الانتشار لأفكار الوهابية المُعادي للإبداع يكشف زيف عملية التنوير الحكومي، التي اقتصرت على إصدار كتب، ومشروعات وهمية، ثبت فسادها، كمشروع مكتبة الأسرة؛ وفشل التنوير يكمن في أن المشروع "الحكومي" لم يرتبط بمصالح الناس وقضاياهم الاجتماعية، كما أنه كان بمثابة عملية "تجميل" لمظهر الدولة المصرية، قام بها مجموعة من المنتفعون، والمرتزقون من الوزارة، ومن قدموا أنفسهم كداعمين للتنوير كجابر عصفور، والذي هرول إلى كرسي الوزارة، بينما المصريون يقتلون في ميدان التحرير. ولمواجهة هذا الزيف الفكري، رأى الشيطي أنه يتوجب فضح التحالف الجديد بين العسكر التيارات المدعومة بالأموال النفطية، ونجاحنا في الكشف عن ذلك تابع لمجرى الثورة المصرية على الأرض؛ فالثورة تقترح بديلا جذريا لدولة نظام يوليو، وهي دولة مدنية تعددية حديثة، تحترم القانون، وقد عبرت عنها الجماهير داخل الميادين، مجسدة حالة إبداعية مصرية خالصة. مضيفا، بناء على ذلك يترتب على التيارات المدنية والفاعلة داخل الثورة مهمة إحداث التغيير الحقيقي؛ فبعد سقوط الدولة البوليسية أصبح مطلب الدولة المدنية مطلبا ملحا، ولن يتحقق التنوير الحقيقي إلا عندما تجلس الثورة في مقاعد الحكم، وتحقق كافة مطالبها، لأنها النقيض الحقيقي لكل ما تم من فساد اقتصادي وسياسي واجتماعي وفكري طوال السنوات الماضية.