تواجه الصناديق الخاصة حاليًا موجة جديدة من اللغط حول تحديد مصير أموالها، ويشهد مجلس النواب حملة عنيفة يشنها بعض النواب لتمرير مشروع قانون لإلغاء تلك الصناديق بالوزارات والهيئات الحكومية، على أن تؤول أموالها وأرصدتها إلى الخزانة العامة للدولة، ووجهوا اتهامات بأنها تتضمن أوجه فساد عديدة من إهدار المال العام. يأتى ذلك فى الوقت الذى تدافع فيه وزارة المالية عن الصناديق الخاصة، وذلك لتفعيل قرار ضم 15% من إيرادات تلك الصناديق إلى الموازنة العامة للدولة، بدلاً من 10% فقط، وكشف مصدر مطلع بوزارة المالية أن الحصيلة المتوقعة من ضم هذه النسبة تصل إلى نحو 2.5 مليار جنيه، وأكد المصدر أن هذا المبلغ لا يعد ضعيفاً مقارنة بالحجم الحقيقى لأموال الصناديق، نافياً ما يتردد بشأن التقديرات الجزافية لحجم أموال الصناديق الخاصة، والتى تزعم أنها تجاوزت التريليون جنيه. ورفض مسئول وزارة المالية ضم جميع أموال الصناديق الخاصة لموازنة الدولة، نظراً لما تمثله أموال الصناديق من أهمية للصرف على الجوانب الاجتماعية والخدمات العامة، وأكد ذلك بإعفاء بعض الصناديق من تحويل نسبة من إيراداتها للخزانة، وهى المبالغ الخاصة بالتأمينات والمحصلة لحساب الغير والقروض وأقساطها وحسابات رأس المال الدائم بالمدارس الفنية، واستثناء قيمة الأدوية والمستلزمات الطبية بقيمتها الشرائية من إيرادات حسابات صناديق تحسين الخدمة بالمستشفيات، وكذلك المكون السلعى بالوحدات الإنتاجية حفاظاً على رؤوس أموال هذه الكيانات، كما أن عدداً كبيراً من هذه الصناديق تمثل كيانات اقتصادية مثل مشروعات رصف الطرق التابعة لصناديق تحسين الخدمة بالمحافظات بالإضافة إلى بعض الصناديق ذات غرض اجتماعى، مثل صناديق تحسين الخدمة للمستشفيات الصحية والتى تتلقى تبرعات من المواطنين. وشهد مجلس النواب خلال الأيام القليلة الماضية جدالاً ساخناً بين بعض النواب وممثلى وزارة المالية، ودافع أنور عبدالرشيد، مراقب مالى بوزارة المالية: إن الصناديق الخاصة يصل عددها إلى 5700 صندوق، وتخضع لمراقبة مالية داخل الوزارة، وأوضح أنه تستفيد منها المحافظات فى إقامة المشروعات، كما أن صناديق المحليات منها صندوق النظافة وصندوق الخدمات المحلية، وصندوق استصلاح الأراضى وغيرها. وكشفت أحدث بيانات وزارة المالية بشأن الصناديق الخاصة أن الموازنة العامة الماضية تعرضت لانخفاض قدره 4.4 مليار جنيه فى تكلفة تمويل العجز، وذلك نتيجة قرار نقل أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات الخدمية وحسابات الهيئات الاقتصادية من البنوك التجارية إلى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى، وهو القرار الذى سمح باستخدام تلك الأرصدة كحسابات مساندة للخزانة العامة. فى المقابل أكدت الوزارة أن الإصلاحات التى طبقت بقطاع الصناديق والحسابات الخاصة حققت ما يزيد على ال4 مليارات جنيه، حيث ساهمت تلك الصناديق بنحو 13.2 مليار جنيه فى صورة إيرادات إضافية حصلت عليها الخزانة العامة خلال الثلاث موازنات الأخيرة، حيث استهدف إصلاح آليات عمل الصناديق والحسابات الخاصة معالجة الخلل الناتج عن تعاظم أموال تلك الصناديق، والتى أصبحت كياناً مالياً موازياً للموازنة، حيث وصل إجمالى الأرصدة بها إلى 32 مليار جنيه، رغم أن الأصل أن تعكس الموازنة العامة جميع التدفقات المالية للجهات العامة. وحول المطالبات بضم أرصدة الصناديق الخاصة للموازنة العامة، كشف المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن وجود بعض التحديات التى تعوق تحقيق ذلك، موضحاً أن عدداً كبيراً من الصناديق تمثل كيانات اقتصادية مثل مشروعات رصف الطرق التابعة لصناديق تحسين الخدمة بالمحافظات. وأوضح المركز أنه يجب أن يتم أولاً دراسة الهياكل التمويلية لهذه الحسابات أو الصناديق لمعرفة ما لها من حقوق وما عليها من التزامات حتى لا تتحمل الدولة عبء سداد هذه الالتزامات، وذلك قبل الحديث عن ضم الحسابات الخاصة بالجهات الإدارية المفتوحة خارج البنك المركزى. وطالب المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بضرورة دراسة أوضاع كل الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص من الناحية القانونية والمالية والإدارية لوضع تنظيم متكامل لها وتوفيق أوضاع ما لم يوفق منها، واتخاذ إجراءات التصفية الخاصة بمن يمكن أن يتم تصفيته منها، مع مراجعة ما أنشئ منها باتفاقات دولية بالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتعاون الدولى فى هذا الخصوص، والنظر فى اللوائح المالية والرقابية الخاصة بالصناديق العاملة حالياً، والتى سيستمر عملها مستقبلاً بالتنسيق مع الإدارة المختصة بوزارة المالية، مع إعداد المسودة النهائية للقانون المنظم لتسوية أوضاع الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص، فى ضوء الدراسة المتكاملة الأوضاع تلك الصناديق والحسابات والوحدات، ووضع الضوابط والقواعد لتنظيم الهياكل الإدارية الخاصة بهذه الصناديق والوحدات ذات الطابع الخاص وأسس المرتبات والمكافآت والحوافز للعاملين بها مع تطبيق الحد الأقصى للأجور عليها.