أضم صوتي إلي صوت الدكتور محمود عزب مستشار فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، عندما قال أنه لا ينبغي أن يتحكم في السلطة متشددون، وأن وثيقة الازهر عالمية جمعت الكل حولها عندما نادت بالدولة المدنية.. والمعروف أن وثيقة الازهر شارك في وضعها النخبة في مصر وصوت الكثير علي المبادئ التي تصلح دستوراً للبلاد.. أهم ما في الوثيقة مدنية الدولة، وأن دين الدولة هو الاسلام ومبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للترشيع ولغير المسلمين حق الاحتكام إلي شريعتهم في أحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية، كما ينادي بذلك حزب الوفد.. ووثيقة الأزهر مبادئها الاساسية تتوافق تماماً مع ثوابت حزب الوفد خاصة فيما يتعلق بالوحدة الوطنية التي هي صمام أمن وسلامة واستقرار البلاد والمواطنة هي أساس الحقوق والواجبات.. بالاضافة علي الديمقراطية القائمة علي أسس التعددية الحزبية والفكرية والعدالة الاجتماعية القائمة علي حسن توزيع الدخل وتقريب الفوارق بين الطبقات.. وكما يقول الدكتور عزب في حواره المنشور أمس بعدد «الوفد الأسبوعي»، أن الازهر الشريف الذي بدأ العودة إلي قوته منذ قيام ثورة 25 يناير، لن يتراجع عن ذلك تماماً وسيستمر في مقاومة الفساد وإعلاء صوته، متخلصاً من الصورة التي رسمها له الإعلام طيلة عقود طويلة، لتفريغ هذه المؤسسة الوطنية من مضمونها.. وإن كنت آخذ علي الدكتور عزب، أنه نسب اهتزاز صورة الازهر للاعلام فقط، ولكن الحقيقة أن الاعلام كان الاداة التي قام بها حكام مصر السابقون لتشويه صورة الازهر بين الناس، ومقاومة هذه النافذة الوطنية التي كانت تطل علي العالم أجمع وليس مصر وحدها.. الحكام منذ ثورة 23 يوليو قد تعمدوا إهانة الازهر في أشياء كثيرة أولها الصورة السيئة التي أظهره بها الاعلام المصري وبالتبعية الاعلام العربي وهكذا الحكام المصريون الذين حكموا بالحديد والنار وكبلوا الحريات ووأدوا الديمقراطية، فعلوا بالأزهر وعلمائه ما فعلوه في كل جموع المصريين، ومن هنا اهتزت صورة الازهر الشريف.. ثم إن عملية تعيين شيخ الأزهر واختياره طبقاً لهوي الحاكم تسبب في فقد الثقة بين هذه المؤسسة الدينية الوطنية وبين جموع المصريين والعالم أجمع.. ومهما كان شيوخ الأزهر الذين تولوا المشيخة علي قدر كبير من الخير والمنفعة إلا أن عملية تعيينهم من قبل الرئيس - أي رئيس- أفقدت المصريين الثقة بهذه المؤسسة الدينية. وفي الحديث المنشور ب«الوفد»، نجد أن الدكتور محمود عزب يجيب عن سؤال مهم للزميل محمد محفوظ، عندما قال أن فضيلة الدكتور أحمد الطيب هو من أعلن أن شيخ الازهر لابد أن يكون بالانتخاب ولكن من خلال هيئة كبار العلماء المسلمين، ولا يحق لأي أحد أن يتقدم لمشيخة الازهر، فلابد أن يكون من كبار العلماء ومن قلب الازهر وأن يكون من خريجي كليات أصول الدين والشريعة واللغة العربية.. والشروط التي أعلنها شيخ الازهر علي لسان مستشاره ليست صعبة التحقيق، فهناك هيئة كبار علماء أجلاء لهم كل التقدير لأبحاثهم العلمية وفكرهم المستنير الوسطي.. وبذلك يكون الازهر لو فعل هذا المبدأ الديمقراطي، سيتخلص تماماً من كل ما لصق به من تهم باطلة لا أساس لها من الصحة وإنما كانت افتراءات إعلامية زرعها كل الحكام السابقين لتشويه هذه المؤسسة الوطنية وتفريغها من دورها الديني والوطني.. وبصراحة فإن الشيخ الطيب من العلماء الأجلاء الذين نكن لهم كل تقدير ونفخر به في جميع المحافل، وعندما يعلن التزامه تطبيق الديمقراطية في مؤسسة الازهر، واختيار شيخ الازهر بالانتخاب، فإن ذلك سيسجله له التاريخ، ويدخله في مصاف الوطنيين الاحرار والعلماء الأجلاء، والبادرة طيبة عندما أعلن عن وثيقة المبادئ الحاكمة للبلاد والتي دعا إليها كل النخب أو علي الأقل عدداً منهم وصدرت وثيقة تاريخية لا شائبة فيها.. وأهم ما يلفت في هذه الوثيقة التي اجمع عليها النخبة وكل الاحزاب السياسية والقوي الوطنية بالبلاد، أنها تتوافق تماماً مع المبادئ والثوابت الوفدية. بقي علي الدكتور الطيب أن يبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة لترسيخ واختيار شيخ الازهر بالانتخاب وليس بالتعيين.. ولا ينتظر فضيلته من سيتولي رئاسة البلاد في المرحلة القادمة حتي يتم تطبيق هذه الخطوة الديمقراطية الرائعة.