«إن يوم إعدام سيد قطب لم يكن يوم معلومًا لأحد، وكنت أجلس في السيارة الأولى وبجواري سيد قطب، وتحركنا إلى السجن الحربي لتنفيذ الحكم، وكان الأخير يرتدى بدلة داكنة اللون تحتها قميص أبيض، ومع بداية مراسم الإعدام لبس البدلة الحمراء وسُئل إن كان يريد شيئًا فطلب كوب ماء تجرعه، ثم دخل غرفة الإعدام وتم تنفيذ الحكم».. 50 عامًا مرت على تلك الرواية التي قصها اللواء فؤاد علام في كتابه «الإخوان وأنا»، فقد كان المسؤول الأول عن تنفيذ حكم الإعدام بحق سيد قطب، أحد أهم قيادات الإخوان، وأحد أهم المؤثرين في نشر فكرها الإرهابي حتى يومنا هذا. «النشأة» ولد سيد قطب في قرية موشا بمحافظة أسيوط، وتلقى بها تعليمه الأولى، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عبدالعزيز بالقاهرة، ونال شهادتها، والتحق بدار العلوم وتخرج عام 1933، ثم عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1950. «الإخوان» مر قطب بمراحل عديدة في حياته من حيث الطفولة، ثم التوجه لدراسة الأدب في مدرسة عباس العقاد، ثم توجه للأدب الإسلامي، وأخيرًا الانضمام إلى جماعة الإخوان في الخمسينات، وأصبح عضوًا بمكتب الإرشاد ورئيس قسم نشر الدعوة في الجماعة، ورئيس تحرير جريدة الإخوان، وله مؤلفات كثيرة كانت أساس للفكر التكفيري والجهادي أدت إلى ظهور الجماعات التكفيرية في مصر والوطن العربى. «البداية» استغل «سيد قطب» حالة الصدام بين نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وجماعة الإخوان الإرهابية، وتزعم محاولة إحياء التنظيم السري للجماعة، لاستئناف عمليات العنف مرة ثانية، حيث كان يهدف «قطب» من تنشيط الجهاز السري للجماعة الحصول على منصب المرشد العام لها، نظرًا لمرض مرشدها العام آنذاك حسن الهضيبي، واعتراض بعض قادة الجماعة علي استمراره في منصبه بسبب الخلاف بينهم. «الاعتقال» تم القبض على سيد قطب، ضمن أعداد كبيرة من جماعة الإخوان على إثر محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالإسكندرية، وتقديمهم إلى محاكم الثورة التي قضت بإعدام سبعة من قادة الجماعة علي رأسهم المرشد العام حسن الهضيبي، وأصدرت أحكامًا شديدة على المتهمين الأخرين ومن بينهم سيد قطب الذي حكم عليه بالاشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عامًا، ثم تم تخفيف حكم الإعدام على المرشد العام للجماعة إلى الاشغال الشاقة المؤبدة أيضًا . «خلف القضبان» ولم تمنع القضبان «قطب» من نشر أفكاره داخل السجون، فبدأ يروج لمنهجه الإرهابي في أوساط أعضاء الجماعة بالداخل والخارج، من خلال الرسائل السرية التي كان يسربها عن طريق شقيقته «حميدة قطب». وحينما أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارًا بالافراج الصحي عن سيد قطب قبل انقضاء العقوبة كاملة، قابل الأخير المعروف بالإساءة، حيث خرج ليخطط لاغتياله فأعيد القبض عليه أثناء وجوده بمحافظة الإسكندرية. «الفكر التكفيري» اعتمد سيد قطب في أفكاره على مفاهيم «أبو الأعلى المودودي» مؤسس جماعة الإخوان في الهند، والتي ظهرت في مؤلفاته المتطرفة عام 1941، وكان يؤمن بأنه لا إصلاح إلا بالجهاد، ونادى بإقامة دولة إسلامية تعصف بالحكام الكفرة والطواغيت. من هنا، انطلقت أفكار سيد قطب، وأقامت من بعده جماعة الإخوان الإرهابية منهاجها العقائدي علي هذه الأفكار ، كما أنه اتبع الفكر الانعزالي، بمعنى الانعزال عن المجتمع، واتبعه الكثيرون الذين عرفوا باسم التيار القطبي. «الإعدام» «إن هذا الوطن هو حفنة من التراب العفن».. كانت آخر كلماته قبل أن يتم القبض عليه ليعدم في نهايات شهر أغسطس 1966، وكان الاتهام قد وجه له وللعديد من جماعة الإخوان بمحاولة إحياء التنظيم الخاص، وتم تحويل القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا لتصدر ذلك الحكم التاريخي.