لم تكن المرة الأولى الذى ينتقد فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى وسائل الإعلام, ومشيرًا إلى دورها السلبى فى ظل تردى الأوضاع والجهود المبذولة من الدولة لكبح جماح المؤامرات الداخلية والخارجية, وحسب رؤية الرئيس خلال لقاءاته وخطاباته كرر حديثه الغاضب ازاء الأخطاء المرتكبة من جانبهم , فآخر تصريحات الرئيس فى هذا الشأن ما قاله خلال الجزء الثالث من حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية سألت الإيطاليين على أى أساس اتهموا الشرطة المصرية بقتل «ريجينى»؟.. فأجابوا على أساس ما نشرته وسائل إعلامكم. فضلا عن عبارته «للأسف هناك من يتحدثون فى موضوعات دون تدقيق معلومات وفى مسائل تتعلق بأمن البلاد على غير أساس من الحقيقة وفى قضايا دون دراية أو خبرة» مشيرا الى انه لا يضيق صدره برأى او فكر موضوعى ونريد اعلامنا ان يكون على مستوى المسئولية الوطنية «وبصراحة أنا لا اعتبر كل ما يقال فى الإعلام الخارجى مؤامرة علينا ولكنه انعكاس لبعض ما نقوله فى اعلامنا». وعبر الرئيس مسبقا عن غضبه من الإعلام قائلا: «إن الإعلام فى الخارج قاصدًا وبعض الإعلام فى الداخل من غير قصد يمكن أن يتم استخدامهم فى الحرب ضد مصر كما لفت الى وجود خلل فى آلية تدفق المعلومات المقدمة للإعلاميين، مطالبًا بضرورة أن تعمل هذة الآلية». وكانت المرة الأولى للرئيس فى انتقاد الإعلام حينما أعرب عن غضبه الشديد من تناول عدد من وسائل الإعلام لأزمة غرق الإسكندرية، خاصة الهجوم الشخصى عليه بأنه ترك الأزمة وجلس مع مسئولى شركة سيمينز الألمانية، قائلًا: «أنتم بتعاقبونى عشان جيت وقفت هنا»، إشارة إلى توليه منصب الرئاسة, وبين تصريحاته فى هذا الشأن حينها قال الرئيس «ميصحش كده.. المرة الجاية هشتكيكم للشعب». وفى نفس السياق اتفق خبراء اعلام مع رؤية الرئيس, مؤكدين وجود تخبط واضح فى الإعلام نتيجة غياب قانون منظم لعملهم واحتكار بعض رجال الأعمال للقنوات الفضائية, وشددوا على ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات المنظمة لميثاق الشرف الإعلامى والصحفى لتجنب سلبيات المهنة التى تؤثر على مصر فى تلك الفترة الحرجة التى تمر بها البلاد. وأشار الخبراء أن الرئيس ليس غاضبا من الإعلام لكنه يحاول تقويمه للنهوض بمصر وإن الشعب نفسه غير راض عما ينشر أو يذاع عليه, فضلا عن بحث الإعلاميين عن الشو والسباب لتحقيق نسب مشاهدة مطالبين البرلمان بسرعة اصدار قانون الإعلام الموحد والاعلاميين بتحرى الدقة فيما يقال عبر برامجهم وضرورة اكتمال الاطار القانونى والتشريعى للمنظومة الاعلامية، وتطبيقها القانون والزام الجميع به، ووضع قواعد صارمة للاحتكار وامتلاك القنوات، فضلا عن بحث المشاكل الاقتصادية والادارية فى الاعلام القومى والسعى لحلها. ومن جانبه انتقد الخبير الاعلامى الدكتور ياسر عبدالعزيز الوضع الاعلامى فى مصر لاسيما فى الفترة الاخيرة مؤكدا أنه يشهد حالة من تردى الاداء، والابتعاد عن القواعد المهنية وانخفاض التأثير الاجابى والرؤية، وعدم الالتزام بوظائفه الاساسية فضلا عن ارتكاب اخطاء جسيمة تعرض المصالح العامة والخاصة للضرر. وأضاف «عبدالعزيز» «من حق الرئيس المصرى انتقاد الأداء الاعلامى فهو بذلك يشارك مؤسسات الدولة من برلمان واعلاميين وجمهور قلقها واستنكارها لانماط الأداء الردىء فى الاعلام» ولفت الخبير الاعلامى أنّ الحكومة ليس دورها انتقاد الاعلام وإنما الاشراف على تنظيم الاداء الاعلامي، فالمواطن من حقه النقد أما الدولة لها الدور الرئيسى فى التنظيم وهو ما تخلت عنه الحكومة بشكل واضح». وأوضح «عبدالعزيز» أن انتقاد الحكومة للاداء الاعلامى هو نقد للذات فعليها محاسبة نفسها قبل التعليق على الأداء الاعلامى، منوها أن الدولة لا تقوم بدورها فى اصدار القوانين المنظمة للاعلامى، ولم تعلن رؤيتها الواضحة بخصوص ذلك. وأكدت الدكتورة ليلى عبدالمجيد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أنّ المجتمع بأكمله بما فيه عدد كبير من الاعلاميين غير راضين عن الأداء الاعلامى وليس الرئيس وحده. وأرجعت «عبدالمجيد» أسباب ذلك لحملات التشويه الشرسة التى تعرض لها الاعلام القومى ومحاولات النيل من مصداقيته لاسيما بعد ثورة 25 يناير مما آثر بشكل سلبى على هذه المنظومة والتى تمثل الاغلبية من المصريين، فضلا عن انتشار الاعلام الخاص المملوك لافراد وجميعهم رجال اعمال لهم مصالح واهداف ويسعون للحفاظ عليها دون ادنى التزام بالقواعد المهنية مما تسبب فى ارهاب فكرى للمجتمع. وأشارت عميد الاعلام السابق أن التحاق عدد كبير من النشطاء والحقوقين والفنانين والرياضيين بالمجال الاعلامى والعمل كمذيعين ومقدمين برامج، أثر بشكل سلبى على الأداء الاعلامى خاصة أن الكثير منهم لا يمتلك قواعد المهنة وأوصولها، فضلا عن سعى الكثير من الاعلاميين المختصين فى مجارتهم والسعى وراء الشو الاعلامى فظهرت المعارك والسباب على شاشات التلفاز. وذكرت «عبدالمجيد» أن من أسباب التردى فى الأداء الاعلامى اعتماد الكثير من مقدمى البرامج على شبكات التواصل الاجتماعى فى الحصول على المعلومات دون التأكد من صحتها او توثيقها، اضف إلى ذلك الرواتب الباهظة للكثير من الاعلاميين والتى اثارت حفيظة الفقراء وانتقادهم. وأوضحت عميدة الاعلام السابق أن ما يحدث غير معتاد وغير مألوف، فالفترة التى يمر بها الاعلام فى الوقت الراهن من الفترات النادرة جدا مؤكدة أنّ الاعلام كان دائما مع المجتمع وكان يحظى بكامل رضاه أما ما يحدث الآن فقد آثار حفيظة المصريين ورئيسهم الذى يؤمن بدور الاعلام قبل حملته الانتخابية وشدد كثيرا على دورة وواجبة. وشددت على ضرورة اكتمال الاطار القانونى والتشريعى للمنظومة الاعلامية، وتطبيقها القانون والزام الجميع به، ووضع قواعد صارمة للاحتكار وامتلاك القنوات، فضلا عن بحث المشاكل الاقتصادية والادارية فى الاعلام القومى والسعى لحلها.