طالب خبراء معنيون بالشأن الصحي بعدم تخفيض ميزانية الصحة ومضاعفة الإنفاق الحكومى من 3.2% إلى 7%, مع عدم تقسيم العلاج إلى حزم وبوالص متعددة يعجز الفقراء عن دفعها. وانتقد الخبراء، في ندوة بمركز "تاريخ الأهرام"، تحويل هيئات الخدمات الصحية إلى صناديق وشركات ربحية قابضة وتابعة وطالبوا بعدم حرمان غير المؤمن عليهم من الرعاية الصحية المهارية المتقدمة التى يقدمها العلاج على نفقة الدولة. واعتبر د.محمد حسن خليل رئيس هيئة التأمين الصحى الأسبق: "أن محاولات خصخصة الصحة بدأت أولى خطواتها عندما قام وزير الصحة السابق إسماعيل سلام (وهو الذى وقع عام 1998 مشروع الإصلاح الصحى مع رئيس البنك الدولى كممثل لمجموعة المانحين) فى مايو 2000 بصياغة مشروع قانون ينص على تحميل المنتفع من التأمين الصحي ثلث ثمن الخدمة، فى العمليات والفحوص والأدوية والعيادة الخارجية والإقامة بالمستشفى. وأضاف: "أن وزير الصحة الحالي د.حاتم الجبلي يريد هدم عدد كبير من المستشفيات بينها مستشفي العجوزة وهليوبوليس والرمد وأخرى بمدن ساحلية، وبيع أراضيها لمستثمرين ورجال أعمال لبناء فنادق ومولات تجارية عليها". وقال خليل: إن هيئة التأمين الصحي ترفض نشر ميزانيتها السنوية وتزعم زورًا وجود عجز سنوي بها، رغم أنها تحقق فائضًا سنويًا يصل إلى 100 مليون جنيه على الأقل وفقًا لميزانية عام 2006، بخلاف وجود وديعة قيمتها 684 مليون جنيه. وأضاف أن القانون الحالي للتأمين الصحي يعالج كافة الأمراض دون تصنيف على عكس أهداف الهيئة والوزير من مشروع القانون الجديد. وكشف خليل عن غياب 50 مليون أمريكي عن مظلة التأمين الصحي وحرمانهم من العلاج بسبب قانون التأمين الصحي "التجاري" الذي تريد الحكومة استنساخه وتطبيقه في مصر. وكشف أن بنود القانون السرية تتضمن تقسيم الأمراض إلى "حزم" يدفع المواطن اشتراكات عنها ولا يتمتع بالعلاج منها إلا بدفع المزيد من المال، بخلاف استحداث القانون بندا للمساهمات يدفعها المريض عن كل خدمة يتلقاها بما لا يزيد عن 5% من تكلفتها وهو الأمر الذي سيحول مديري المستشفيات ومجلس إدارة هيئة التأمين الصحي إلى تجار. وأوضح أن القانون يقر حصولهم على نسب من أرباح ودخول المستشفيات التابعة لهم، فيما ستزيد نسبة اشتراكات المواطنين إلى أكثر من 4% من دخولهم دون تقسيطها، كما يقر القانون الحالي الذي تمنح المادة السادسة منه الوزير الحق في إصدار قرارات بعلاج أصحاب الأمراض الخطرة علي نفقة الدولة ويحصل عليها كثيرون بالوساطة. وأرجع خليل نشأة التأمين الصحي بعد نكسة يوليه إلى اختبارات طبية للملتحقين بالكليات العسكرية والشرطة أكدت عدم لياقة نحو 60% منهم، ما جعل الحكومة وقتها تتنبه لضرورة الحفاظ على صحة المصريين. وكشف خليل عن قبول 9 حالات فقط من بين 150 مريضًا طلبوا رعاية صحية بمستشفي معهد ناصر لأمراض مستعصية، كأمراض الدم منذ 30 يونيو الماضي. وأشار إلى أن موارد التأمين الصحي من اشتراكات الممولين بلغت 2.7 مليار سنويا، وأن 41 مستشفى تابع للهيئة لا يعالج كل المشتركين، في حين يعاني نصف الهيكل الطبي المصري من الترهل. وأضاف أن ميزانية الإنفاق على الصحة بلغت 23 مليارًا بما يعادل 3 % فقط من الناتج الإجمالي، فيما تحصل القوات المسلحة والشرطة على 38% منه كأولويات سياسية، مقابل النزول بالإنفاق الحكومي على الصحة رغم الكوارث والأوبئة العالمية. من جانبه وضع د.عماد فؤاد رئيس جمعية الجراحين الدولية تصورات لمقومات نجاح التأمين الصحى, من بينها فصل المنسق (شركات التأمين والحكومة) عن مقدمى الخدمة(العيادات والمستشفيات), والاتفاق على أسعار مناسبة للعلاج التأمينى تسمح بالعلاج الحقيقى وتتماشى مع الدخول. وطالب بمساهمة الحكومة في نفقات علاج غير القادرين وضم مستشفيات التأمين الصحى والمؤسسات العلاجية والمراكز المتخصصة وكلها تابعة لوزارة الصحة فى هيئة عامة وأن يكون التأمين الصحى بنظام عائلى بقدر الإمكان مع تحديد الحالات الأولى بالرعاية، كالأطفال وكبار السن.