رأت صحيفة "جابان تايم" أن الانتفاضة السورية، أصبحت ضحية نظام قمعى فى الداخل وسياسات واتجاهات دولية وإقليمية متضاربة تحكمها مصالح خاصة وضيقة. فقد خرج السوريون فى مظاهرات بسيطة فى السادس والعشرين من يناير الماضى، ثم تطورت فى الخامس عشر من مارس وكان المطلب المبدئى إجراء إصلاحات سياسية كبيرة . وبعد ذلك تطورت المطالب لتصبح إقصاء النظام الحاكم وحزب البعث عن السلطة بدون شروط. إلا أن الانتفاضة السورية وصلت إلى طريق مسدود تقريبا حيث فشلت فى إضعاف العلاقة بين الجيش والهيئات الأمنية المختلفة من جهة ونظام الرئيس بشار الأسد من جهة أخرى. وأوضحت الصحيفة أن الانتفاضة حتى الآن محصورة فى بعض المدن الصغيرة ، وبعيدة عن أكبر مدينتين وهما دمشق العاصمة فى الجنوب الغربى وحلب فى الشمال. وفى نفس الوقت، فإن المتظاهرين السوريين يبدون مقاومة وإصرار قوى على مواجهة الحكومة خاصة فى ظل استمرار العنف والقتل، كما أن الحكومة لم تنجح فى خمد الانتفاضة، رغم قتل أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة شخص حتى الآن، كما أنها لم تتمكن من تقديم مبادرة سياسية بديلة لتهدئة الأوضاع. والأهم أن من يقدمون أنفسهم على أنهم قادة المعارضة السورية لايزالون منقسمين، ولم يقدموا أى رؤية مشتركة وموحدة نحو التحول الديمقراطى. واكدت "جابان تايمز" ان الوضع فى مصر وتونس يختلف عن سوريا حيث نجح المتظاهرون فى هذين البلدين فى توحيد مطالبهم بالتخلص من الطغاة دون الاستعانة بالخارج وقد تم ذلك فى اسرع وقت ممكن . اما فى سوريا فلم تحظى الانتفاضة حتى الان بدعم المناطق الحضرية والطبقة المتوسطة فى سوريا .واذا كان المجتمع الدولى قد حسم امره مبكرا فى الازمة اليبية وتدخل عسكريا ، الا انه لا زال مترددا حول الملف السورى ، وبمعنى اخر فأن الانتفاضة السورية تم اختطافها من السوريين لتدار من خلال القوى الغربية وبعض العواصم العربية. واذا كان هناك من يقول فى سوريا ان لا سبيل للتخلص من النظام سوى بمساعدة الغرب ، هناك من يرى ان الحل لابد ان ياتى من الداخل . ويحذر البعض من تحول سوريا الى حرب اهلية طائفية تشبه الوضع الذى حدث من قبل فى لبنان. واشارت الصحيفة الى انه فى الوقت الذى يجمع فيه الكثيرون على ان الوضع لن يتغير الا بتدخل دولى من خلال تحرك امريكى ، لاتزال امريكا مترددة ، فهى لا ترغب فى تحمل تبعات التدخل العسكرى دون مساعدة العرب خاصة ان الوضع فى سوريا يختلف عن ليبيا فيما يخص الخسائر البشرية والمادية المتوقعة ، كما انه قد يتطلب تدخلا بريا. وهناك مخاوف من استغلال تنظيم القاعدة للوضع فى سوريا ، وهو الهاجس الاكبر عند الامريكيين ، كما ان روسيا والصين تخشيان على مصالحعهما فى المنطقة فى حالة التدخل الغربى . والامر الاكثر خطورة الذى يؤرق الغرب هو الموقع الجغرافى لسوريا وقربها من اسرائيل وبعض المنظمات المسلحة فى لبنان وفلسطين . ومع ذلك فأن الموقف العربى الاخير الذى عبرت عنه الجامعة العربية ، قد يكرر نفس السيناريو الذى حدث مع ليبيا عندما طلب العرب تدخل مجلس الامن الدولى ، واذا حدث ذلك فأن روسيا والصين قد لا تجدا مبررا للوقوف ضد اى قرار دولى ضد نظام الرئيس السورى بشار الاسد . ولكن حتى يحدث ذلك سيظل السوريون رهينة ما يحدث من ترتيبات للاجندات الاقليمية والدولية.