اعتبرت صحيفة (إندبندنت) البريطانية أن موجة التظاهرات الجديدة التي تشهدها مصر حاليا واتساع مداها الجغرافي تظهر كم الفرص التي تم إهدارها على مدار التسعة أشهر الماضية منذ اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير الماضي، والتباطؤ في السير نحو إجراء إصلاحات جذرية خلال المرحلة الانتقالية. وذكرت الصحيفة أن مصر - التي تعد البلد الثاني بعد تونس الذي ينجح في الإطاحة برئيسه على مدى عقود طويلة في ثورة شعبية سلمية - تصدر الآن مشاهد من قلب القاهرة وغيرها من المدن المصرية تستقبلها أعين العالم بقلق وتخوف بالغين. وأوضحت أن المزاج الشعبي لهذه التظاهرات يختلف في طبيعته عن تلك التي خرجت في 25 من يناير الماضي حينما ساد الشعور بالأمل والتفاؤل في أن القادم هو الأفضل، وأن لا شىء مستحيل. وأضافت أن المخاوف وحالة الترقب حول مصير البلاد خلال المرحلة الانتقالية قد عرفت طريقها إلى قلوب المصريين، إذ تراود كثيرا من المصريين مخاوف من الفشل الآن في إدارة المرحلة الانتقالية والعبور بالبلاد إلى بر الأمان وإجراء انتخابات حرة وإعادة بناء مؤسسات الدولة المصرية وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى نزولهم مرة أخرى إلى ميدان التحرير ملاذهم الأول. وعزت (إندبندنت) أسباب نزول المصريين للشوارع مرة أخرى إلى عدم حدوث تغييرات وإصلاحات ملموسة على أرض الواقع في أي من القطاعات المصرية، بل وقالت إن المستويات المعيشية للمواطن العادي داخل مصر شهدت انخفاضا بدرجة أكبر مما كانت عليه، بالإضافة إلى انكماش عائدات قطاع السياحة، وجميعها عوامل ساهمت في تعزيز الشعور بالإحباط، وأن لا شىء جديدا سوف يحدث. ورجحت أنه على الرغم من قرب موعد خوض المصريين أولى خطواتهم نحو الديمقراطية من خلال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 28 نوفمبر الجاري، إلا أن الواقع يشير إلى عدم قبول هؤلاء الشباب بالعودة لمنازلهم والعدول عن الاستمرار في التعبير عن آرائهم. وحذرت الصحيفة من أن الإصرار على إجراء الانتخابات في مثل هذا المناخ المشتعل لن يسفر سوى عن تفاقم الأزمة .. لافتة في الوقت ذاته إلى أن أي قرار بإرجاء الانتخابات قد يحمل معه مخاطر اندلاع مزيد من الاشتباكات مصحوب بشعور من اليأس والإحباط.