مر السودان كدولة واحدة بعدة مراحل وحربين أهليتين، الأولي كانت عام 1955، والثانية عام 1983، توجتا بإعلان جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة، عام 2005، بعد استفتاء شعبي جاءت نتيجته مؤيدة للانفصال بنسبة 99%. هذان الحربان راح ضحيتها ما يقارب مليون ونصف من المدنيين، ونزح أكثر من 4 ملايين منذ بدء الحرب، كما تعتبر عدد الضحايا المدنيين لهذه الحرب أحد أعلى النسب في أي حرب منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب موقع روسيا اليوم. واليوم بات جنوب السودان على شفا حرب أهلية جديدة، بعد أن سقط مئات القتلى في اشتباكات بين أنصار سيلفا كير، رئيس جنوب السودان، ونائبه رياك مشار، بالأسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات وقذائف الهاون طالت منشآت الأممالمتحدة واندلعت الاشتباكات منذ 3 أيام بين القوات الموالية للرئيس سيلفا كير والمتمردين فى العاصمة السودانية جوبا والتى استمرت حتى صباح اليوم الاثنين، ما اسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص من كلتا الطرفين، في أول تصعيد بعد اتفاقية السلام التى وقعت بين الطرفين فى اغسطس الماضى والتى بموجبها تنص على عودة رياك مشارك الى العاصمة جوبا، وما زال جنوب السودان بعد 11 عاما من الانفصال يعاني من صراع واقتتال داخلي . وبعد الانتقادات الدولية، طلب رئيس جنوب السودان سلفا كير وقف إطلاق النار بعد أيام من الصراع المشتعل مع المتمردين في العاصمة جوبا. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) اليوم الاثنين أن أكثر من 200 شخصا لقوا مصرعهم في عمليات الاقتتال الداخلي التي شملت إطلاق نار كثيف من المدفعية والدبابات والهليكوبتر. وكانت عمليات العنف قد اندلعت بين القوات التابعة للرئيس سيلفا كير من جهة وقوات نائب الرئيس رياك مشار من جهة أخرى. فيما طالبت الأممالمتحدة الجانبين بوقف إطلاق النار في إطار المخاوف على سلامة الملايين من البشر. الجامعة العربية قلقة وتوالت ردود الأفعال الدولية على ما يجري في جنوب السودان، حيث صرح الوزير المفوض محمود عفيفي المتحدث الرسمي باسم أمين عام جامعة الدول العربية اليوم، بأن أحمد أبو الغيظ الأمين العام يستشعر القلق تجاه التطورات التي شهدتها جمهورية جنوب السودان على مدى الأيام الأخيرة مع وقوع اشتباكات دامية بين القوات الموالية لكل من رئيس ونائب رئيس الجمهورية الأمر الذى يثير مخاوف كبيرة حول مستقبل الأمن والاستقرار في هذه الدولة حديثة النشأة والتي تمثل جوارا هاما للمنطقة العربية. اجتماع طارئ بمجلس الأمن فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مجلس الأمن اليوم الإثنين لفرض حظر للسلاح على جنوب السودان ومعاقبة القادة السياسيين والعسكريين الذين يعرقلون تنفيذ اتفاق السلام، بالإضافة إلى تعزيز قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية. واجتمع مجلس الامن فجر يوم الاثنين وطلب المساعدة من الدول المجاورة فى وقف القتال, ودعا كلا من رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، ونائبه ريك مشار إلى وضع حد للاشتباكات والمواجهات في بلدهما، وكذلك زيادة مساهمتها في قوات حفظ السلام الدولية. وندد الأمين العام للأمم بان كي مون في بيان له "أشعر بإحباط شديد جراء استئناف القتال رغم التعهدات التي قدمها قادة جنوب السودان"، وتابع "هذا العنف الذي لا معنى له، غير مقبول وقد يقوض التقدم الذي أحرز حتى الآن في عملية السلام". وأكد مجلس الأمن أنه "يدين بأشد العبارات" المعارك الدائرة منذ الخميس 7 يوليو، مطالبا الرئيس سلفا كير وخصمه رياك مشار ب"القيام بكل ما بوسعهما للسيطرة على قوات كل منهما، وإنهاء المعارك بصورة عاجلة"، كما عبر عن "صدمة وغضب بشكل خاص" بسبب الهجمات على مواقع الأممالمتحدة.