ما جدوى صدور قانون العزل السياسي اليوم إذا كانت الانتخابات البرلمانية ستجرى بعد أقل من أسبوع: "العزل السياسي يعني الحرمان من حقوق الترشح والانتخاب في أي انتخابات تتم بالبلاد، وحاليا لا توجد فرصة لذلك لأنه وفقا لنص القانون الذي صدر اليوم سوف تبدأ البلاغات ضد رموز النظام السابق ثم تحقيقات النيابة ثم إحالة لمحكمة الجنايات، ونتعرض بعد ذلك لألاعيب المحامين كما حدث في قضايا محاكمات رموز النظام السابق (مبارك وأعوانه) من رد للمحكمة التي تنظر قضية العزل ثم رد المحكمة التي تنظر طلب الرد..وهكذا إلى أن تنتهي دورة مجلس الشعب القادمة ويصبح القانون غير ذي جدوى ، فنحن لدينا محامون لديهم القدرة على "مطوحة" القضايا لمدة 10 سنوات مش بس 5 سنين هي مدة مجلس الشعب ": " لا تنتظروا عزل أحد وفقا لهذا القانون ..ولا أراكم الله مكروها في معزول لديكم".: "كيف ننتظر عزل أحد رموز النظام السابق سياسيا قبل انعقاد المجلس المقبل، في حين أن القضايا الجنائية المتهم فيها رموز النظام السابق استغرقت حتى الآن سنة كاملة ولم تتحرك خطوة واحدة؟".أن المرسوم بقانون العزل السياسي الصادر اليوم لم يحظر الطعن على حكم المحكمة بالعزل مما يفتح الباب على مصراعيه لتلاعب المحامين وطعونهم وتستمر مضيعة الوقت، كما أن هذا القانون به كارثة وهو أن مصطلحاته فضفاضة ولم يحدد ماهية جريمة إفساد الحياة السياسية على وجه التحديد مما يجعل القاضي، الذي ينظر القضية يجتهد لتعريف الجريمة. أن القانون بشكله الصادر به اليوم يجعله ينطبق على جميع طوائف الشعب المصري، لأنه ينطوي على معاقبة من تهاون في إفساد الحكم والحياة السياسية والإضرار بمصلحة البلاد، وبهذا المنطق وتلك الصياغة الفضفاضة فنحن جميعا تهاونا وصمتنا على ارتكاب النظام السابق (نظام مبارك) لهذه الجرائم طيلة 30 عاما. أن قانون العزل السياسي بالصيغة المقترحة لا جدوى منه ويصطدم بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إن وضع نص في القانون يُلزم المواطن المتقدم بالبلاغ بجمع أدلة ومستندات تثبت إفساد الشخص للحياة السياسية بأنه تلاعب من جانب واضعي القانون إنهم أرادوا إراحة الرأي العام، أما أرض الواقع فلن تشهد تطبيقًا فعليًّا للقانون، فحتى يكتمل جمع المستندات وتقدم للنيابة وتحول للقضاء وبعدها يمكن الطعن عليها في درجات النقض، يكون قد مرَّ وقت طويل قد يصل لسنوات في المرحلة الانتقالية التي من المعروف أن عمر البرلمان بها لن يطول كثيرًا. إن صدور قانون العزل السياسي بعد فتح باب الترشح وبدء إجراءات الانتخابات لا قيمة له، ونطالب بإصدار مرسوم بقانون أو قرار إداري بحرمان كل رجال النظام السابق من دخول انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وكذلك منعهم من تولِّي الوزارات والصف الأول فيها، ورئاسة الجامعات وعمادة الكليات، بجانب النقابات المهنية والعمالية. ويحدد الفئات التي يشملها الحرمان من الممارسة السياسية، فتضم (أعضاء الحزب المنحل في برلماني 2005 و2010، وأعضاء لجنة السياسات والأمانة العامة وأمناء المحافظات)، أن يطول القانون كل من أفسدوا الحياة السياسية طوال فترة حكم المخلوع الممتدة من (10 أكتوبر 1981م) وحتى (11 فبراير 2011م). أن هناك عددًا من الوقائع لا بد من تحديدها لتطبق على مفسدي الحياة السياسية، ومنها تزوير الانتخابات، ووضع قوانين تكرس التوريث، والعبث بمواد الدستور المصري، ويجب ضرورة أن يضم القانون مفسدي الحياة الاجتماعية، كإفساد حياة المصريين بقوانين الأحوال الشخصية، وتوجيه مصر إلى المجتمعات المرتفعة كحياة الجولف والمنتجعات السياحية، بينما تركوا الفقراء في العشوائيات وجعلوها مفرخةً للجريمة، وكذلك الإفساد الاقتصادي ببيع أراضي الدولة بثمن بخس، وتصدير الغاز للصهاينة، وإفساد الحياة الزراعية، وكذلك تدهور التعليم والصحة. يعتبر الفساد السرطان الذي ينخر الدول والمجتمعات ويهدم كل مرافق الحياة والكرامة الإنسانية ويمرغ بها الأرض، يقوض التي بنتها المجتمعات عبر فترة طويلة من الكفاح والنضال وما رافقه من عقود وقرون زمنية، وتعد الدول الصناعية الكبرى حسب دراسة قدمها أساتذة بجامعة كاليفورنيا رأس الفساد وعينه، تقوده مجموعة من الشركات المتعددة الجنسيات لأنها بقوتها الاقتصادية استطاعت أن تدخل وتسيطر على الدول النامية والتي استشرى فيها الفساد، فكل يشكل جزء من صفقاتها هذه الشركات التي استطاعت بفضل ضغط من لدن قادة مجموعة الثمانية من اختراق دول العالم الثالث التي نخرتها المديونية وأصبحت عبارة عن جيوب تدفع منها الرشاوى وسيشتري بها الفساد خدمة لمصالح جهات نافذة لا توان أمام فرصة شيوع الفساد طالما أنه يعود عليها بالربح، وهنا في مصر من بعد ثورة 25يناير ماذا لو لم يتوصل القضاء إلى أدلة تدين رموز النظام السابق بجرائم الكسب غير فقد تم تفعيل قانون الفساد السياسي والذي ينص بعاقبة كل موظف عام أو وزير أو عضو مجلس شعب أو شورى أرتكب عمل من شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها أو مخالفة القوانين واستغلال النفوذ للحصول على مكاسب ذاتية لنفسه أو لغيره من أي سلطة عامة ، جريمة الغدر تسري أيضا على كل من أستغل وظيفته للتأثير بالزيادة أو بالنقص بطريق مباشر أو غير مباشر في أثمان العقارات والبضائع والمحاصيل والأوراق المالية بقصد الحصول على فائدة ذاتية لنفسه أو للغير. أن كافة رموز النظام السابق تنطبق في حقهم جريمة الغدر المنصوص عليها في القانون رقم 344لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 المعروف بقانون الغدر الذي مازلت مواده سارية ولم يصدر قرار بإلغائه وينصص ا القانون بتوقيع العقوبات على كافة رموز النظام السابق المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون والمتمثلة في ( العزل من الوظائف العامة و سقوط العضوية من مجلسي البرلمان أو المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات و الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأي مجلس من المجلس البرلمانية لمدة اقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم و الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة أقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم و الحرمان من الانتماء لأي حزب سياسي مدة أقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم إضافة إلى الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التي تخضع لإشراف السلطات العامة ومن آية وظيفة بهذه المؤسسات لمدة أقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم و الحرمان من الاشتغال بالمهن الحرة المنظمة بقوانين أو المهن ذات التأثير بتكوين الراى أو تربية الناشئين أو المهن ذات التأثر على الاقتصاد القومي مدة أقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم إضافة إلى الحرمان من المعاش كله أو بعضه كما يجوز الحكم بإسقاط الجنسية المصرية عن الغادر أن البعض فهم خطأ أن في قانون العقوبات ما يكفي من عقوبات ومنها العزل من الوظيفة ربما لا محل معه لتطبيق قانون الغدر، وهو فهم خاطئ لأن العقوبات إما أن تكون عقوبة جنائية وإما عقوبة تأديبية، وإما عقوبة سياسية، وهو الذي تنبه إليه المرسوم بقانون سالف الذكر عندما نص علي أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبات جنائية أو تأديبية، يعاقب في العقوبات سالفة الذكر وأهمها العزل السياسي كعقوبة سياسية قد يحكم بها منفردة دون أن تكون أمام عقوبة جنائية أو تأديبية وعلي ذلك فالعزل السياسي هي صفة للعقوبة التي توقع كعقوبة سياسية علي من يرتكب أفعالاً حددتها المادة الأولي من المرسوم ووصف مرتكبوها بأنهم مرتكبو جريمة الغدر. -- كاتب المقال خبير في القانون العام