احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    محافظ الجيزة يشهد افتتاح فندق «حياة سنتريك كايرو ويست» أحد أبرز المشروعات الفندقية    ملفات تقنين الأراضي| تفاصيل اجتماع رؤساء الوحدات المحلية بقنا    التضخم ما زال مرتفعًا.. والفيدرالي يواصل مراقبة السوق    للعام الثالث.. طب طنطا تحصل على شهادتي الأيزو الجودة والإدارة التعليمية    الفيدرالي يتوقع خفض الفائدة الأمريكية 1% بحلول 2027    إيران.. بدء الموجة ال 13 من عمليات الوعد الصادق بإطلاق صواريخ بعيدة المدى    جوتيريش يجدد دعوته لوقف النزاع بين إسرائيل وإيران    الجيش الإيراني يطلق المرحلة السادسة من هجوم الطائرات المُسيّرة على الأراضي المحتلة    لماذا هاجمت إسرائيل إيران؟    ماكرون يدعو إسرائيل لضبط أهداف هجماتها على إيران    رئيس كرواتيا: إسرائيل تنتهج سياسة إجرامية بدعم من واشنطن    كأس العالم للأندية 2025| الهلال السعودي يصنع التاريخ بالتعادل مع ريال مدريد    حمدي فتحي: الثقة سلاح الأهلي للفوز على بالميراس    باتشوكا يعلن تشكيله لمواجهة سالزبورج    مدرب العين: الأهلي الفريق العربي الأقرب للتأهل للدور الثاني بكأس العالم للأندية    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    القنوات الناقلة لمباراة العين الإماراتي ويوفنتوس اليوم في كأس العالم للأندية    "سماح حمزة".. أول سيدة تشغل منصب مدير تعاقدات في مصر بنادي الفيوم    عاجل.. الكشف الجهاز الفني الجديد للاتحاد السكندري بقيادة أحمد سامي    برقم الجلوس.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة دمياط    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا بحادث تصادم في البحيرة    بسبب ركنة سيارة.. حبس شخصين بتهمة التعدي على آخر في النزهة    بالزفة والزغاريد.. مطار الاقصر الدولي يستقبل أول أفواج حجاج الجمعيات    محافظ الدقهلية يتابع جهود المراكز والأحياء في التصدي لظاهرة التلوث السمعي ومصادرة 50 طقم صوت    خبير تربوي: امتحان اللغة العربية هو الانطلاقة الفعلية لماراثون الثانوية.. نصائح مهمة للطلاب    رئيس حي شرق الإسكندرية تصدر قرارا بهدم عقار باكوس المنهار جزئيا حتى سطح الأرض    غدًا.. افتتاح أولى ليالي "يمين في أول شمال" على مسرح السلام    مشيرة إسماعيل: مفيش فنانة تصلح لتقديم الفوازير زي نيللي وشريهان    عمرو يوسف بطلًا ل«موسم صيد الغزلان» عن رواية أحمد مراد    فيلم "المشروع X" يواصل اكتساح دور العرض المصرية    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    هيفاء وهبي تحيي حفلا مشتركا مع محمد رمضان في لبنان أغسطس المقبل    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    ضياء رشوان: ترامب لا يحترم إلا من يفرض قوته على المشهد    "نيوزويك": إسرائيل تسحب قوات من غزة وتنفي وجود نقص في صواريخ "آرو" الاعتراضية    لجنة السكان بقنا تبحث التدخل السريع لمواجهة "النقاط الحمراء" بأبوتشت ودشنا    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب    آخر موعد لتقديم مرحلة رياض الأطفال KG1 في القليوبية (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسامة كمال: حديث نتنياهو عن امتلاك إيران لسلاح نووي قديم ومكرر منذ 2011    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    البابا تواضروس لرئيس وزراء صربيا: الأراضي المسيحية المقدسة موجودة في فلسطين ومصر    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    حيل نفسية لكسر حاجز القلق والخوف من الامتحانات.. تعرف عليها    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    جامعة القناة تطلق دورة لاستراتيجية والأمن القومي 19 يوليو المقبل    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع عن فتواك يا فضيلة الشيخ القرضاوي
نشر في الوفد يوم 20 - 11 - 2011

تطرق الشيخ يوسف القرضاوي في خطبة الجمعة الماضية الى الانتخابات في مصر، وقال كلامًا أعتقد أنه سيثير ردود أفعال سلبية .
قال القرضاوي إن "التصويت فريضة شرعية وضرورة دنيوية"،ودعا المصريين إلى البحث عن الأحزاب التي تدعو إلى الخير و" تبتعد عن الكفريات والحرام " .
وقارن القرضاوي ، بين التصويت في الانتخابات وبين أحكام الإدلاء بالشهادة في الإسلام قائلاً: "اشهدوا لمن يعترف بالخير والصدق والإسلام، ولا تشهدوا لعلماني، ولا للاديني، أو لمن لا يقبل بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً " .
فتوى الشيخ يوسف صريحة في أنه يدعو المصريين إلى عدم التصويت للقوى السياسية التالية:
* العلمانيين.
* اللادينيين ، أي الملحدين.." أخشى أن يكون قد قصد الأحزاب اليسارية "
* غير المسلمين، وهم في مصر المسيحيون حيث لا يوجد يهود حتى تشملهم الفتوى.
بعد استبعاد هذه القوى الثلاث..ماذا بقي من الفئات والقوى المرشحة في الانتخابات ؟.
بقى الإسلاميون بمختلف أطيافهم، وفتوى القرضاوي تدعو إذن للتصويت لهم وحدهم رغم أنه لم يسمهم بالاسم، لكن كلامه واضح ،فهم الذين أشار إليهم بأنهم أحزاب تدعو للخير وتبتعد عن "الكفريات والحرام".
لا أعرف موقع "الفلول "من فتوى القرضاوي، فلم يرد ذكرهم صراحة، ولا ضمنًا فيها، فهل يستثنيهم ويضعهم مع الإسلاميين في دائرة من يجب أن يصوت لهم المصريون، أم أنهم مشمولون ضمن القوى الثلاث المشار إليها بتحريم التصويت لها ، فإذا كان "الفل" علمانيًا ،أو "لا دينيا"، أو مسيحيًا فإنه يطاله التحريم، مثلما يطال المرشحين من تلك القوى من غير "الفلول"، حتى لو كانوا ممن شاركوا في الثورة ، وضحوا من أجلها ، أو ناضلوا ضد النظام السابق.
من غرابة فتوى القرضاوي ومن شكوكي في أنها يمكن أن تصدر عنه أنني بعد قراءتها على موقع "سي ان ان" لم أصدقها إلا بعد أن أكدها لي أحد الأشخاص الذين تابعوا خطبته كاملة، حيث لم أتابع إلا الجزء الأخير من الخطبة عبر تليفزيون قطر .
أقول ذلك وأنا مصدوم في الشيخ الذي يقول إن الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة ، والذي يعد نصيرا عتيدا للثورات العربية، وهو أكثر العلماء الذين يواكبون الثورات بحماسة بالغة، وخطبه وكلماته وتصريحاته كانت تشحذ همم الثوار في البلدان التي انتصرت فيها الثورات ، ومازالت كلماته تضخ دماء الإصرار والثبات في شرايين الثوار في البلدان التي مازالت الثورات مشتعلة فيها، وحديث الشيخ عن الثورات ودعمه لها لم يكن يفرق بين المشاركين فيها من إسلاميين وعلمانيين ومسيحيين وحتى لا دينيين ،فحديثه له صفة العمومية، لا يستثني ولا يحدد ولا يختص، فلماذا اليوم وبعد أن بدأت الثورة المصرية تخطو أول خطوة عملية نحو المراد منها وهو إجراء الانتخابات يزيح القرضاوي كل من شارك بالثورة ويفتي بحرمة التصويت لمن ترشح منهم ويختص الإسلاميين وحدهم بالتأييد والدعاية من فوق منبر الجمعة، حيث بذلك يدفع المترددين الى حسم خيارهم بالتصويت للإسلاميين بمنطق ديني بحت، وليس بمنطق المصلحة الوطنية ومن يستحق الصوت ومن لا يستحقه، وكيف للعالم الذي يقاوم الاستبداد والطغيان أن يكون إقصائيا الى هذه الدرجة، ولا يحتمل أن يشارك أبناء الوطن جميعا في صياغة المستقبل ويدفع المصريين إلى الانحياز لفصيل واحد فقط دون غيره عند التصويت .
ألا يدرك الشيخ أنه ليس من مصلحة الإسلاميين أن ينفردوا بالبرلمان والحكومة وحدهم، بل مصلحتهم في شراكة وتوافق مع كل القوى السياسية على الساحة في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ مصر.
إذا استبعدنا الملحدين ، فإننا سنجد بين أحزاب العلمانيين والليبراليين من يدعو ل "الخير ويبتعد عن الكفريات والحرام " - حسب مقاييس القرضاوي لمن يجب التصويت له -، بل إنني لم أجد بين الأحزاب المتنافسة من يدعو إلى الكفريات والحرام، وألا يكفي برهانًا أنها كلها تؤيد المادة الثانية في الإعلان الدستوري الخاصة بالشريعة الإسلامية، وكلها متفقة على أن تكون نفس المادة موجودة في الدستور الجديد، كما تتفق على أن مصر دولة دينها الإسلام، وفي نفس الوقت سنجد بين المرشحين العلمانيين من يعترف بالخير والصدق والإسلام، فليس من حق أي شخص مهما كان أن يشكك في إسلام أي مرشح علماني ، الأصل أن المرشح المسلم أيا كان توجهه السياسي لا يحق لأحد منحه شهادة بكونه مسلمًا أو حرمانه منها، أما صحة الإسلام والاعتقاد ودرجة الإيمان فهي مسألة متروكة لله وحده .
وبالنسبة للخير والصدق، فهي صفات نسبية قد تختلف من شخص لآخر، وهنا أقول إن الإسلاميين الذين دعا لهم القرضاوي بالتصويت دون غيرهم قد يكون جانب الخير والصدق في بعضهم أو في كثير منهم أقل من العلمانيين والليبراليين ، فليس بالضرورة أن كل إسلامي هو ملك طاهر، كما أنه ليس بالضرورة أن كل علماني هو شيطان مريد.
مثار استغرابي من فتوى القرضاوي أيضًا أنه قد سبقه بأيام أحد دعاة السلفيين وحرم في فتوى له التصويت لنفس الفئات والقوى التي أشار إليها القرضاوي يوم الجمعة الماضي، ولم ألق بالاً بما قاله هذا السلفي لأنه بغير وزن ولا تأثير كبير إلا بين أتباعه ، وقلت ساعتها إنها من ضمن شطحات بعض دعاة السلفية المستجدين على العمل السياسي ، وإنهم مع التدريب سيتطورن ويتسيسون ويكتشفون أن الدين لا يجب أن يكون مرتبطا دائما بالسياسة والفتوى، لأن السياسة تفسد الدين أحيانا، وتشوهه في أحيان أخرى، لكن أن يأتي القرضاوي بما له من ثقل ومكانة وفقه واجتهاد ويسير في فتواه على خطى هذا الشيخ السلفي فهو الأمر المستغرب والمستهجن والمحير في شيخنا الوسطي المعتدل الذي ألقى خطبة رائعة في جمعة الاحتفال بانتصار الثورة بميدان التحرير وكان ودودًا في حديثه عن القوى السياسية المشاركة في الثورة وكذلك عن الأقباط وإشادته بدورهم في الثورة وتضحياتهم وحمايتهم للمسلمين وهم يصلون بالميدان .
اليوم يفجر القرضاوي جرحًا طائفيًا ووطنيًا آخر، فالفتوى بلا شك ستصيب كل مرشح مسيحي بالألم والغبن لأنها ستحرمه من صوت مسلم كان يفكر صاحبه في إعطائه له، وستقسم الفتوى المصريين على أساس ديني بين مسلم وغير مسلم، ويمكن أن يكون هناك رد بألا يصوت المسيحي للمرشح المسلم ، وهكذا يزداد تمزق الوطن والمجتمع على أساس ديني وطائفي خطير .
ثم ماذا يقول القرضاوي عن المسيحيين الأعضاء بحزب الإخوان "الحرية والعدالة"، وحزب " الوسط "، والأحزاب الإسلامية الأخرى، هل وجودهم فيها حرام أيضًا ويجب طردهم ، وهل يغذي القرضاوي بذلك ما يقوله البعض من أن وجود الأقباط مجرد ستارة لتنزع هذه الأحزاب تهمة أنها أحزاب دينية طائفية ، وهل سيبقى الأقباط في الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أم يغادرونها طالما أن المرشد الروحي لتلك الأحزاب يفتي بعدم التصويت للمسيحيين، وما هو الموقف من القائمة الإسلامية التي بها مسيحي، ألا يتم التصويت لها أيضًا، وما هو الموقف من المرشح المسيحي الفردي المدعوم من الإخوان أو السلفيين هل يحرم التصويت له كذلك؟.
أتصور أن الفتوى الدينية في قضية سياسية حياتية بشرية تحتاج إلى التأني والدرس العميق حيث قد يكون لها أضرار خطيرة على السلام الاجتماعي وعلى التعايش بين الشركاء السياسيين في المجتمع، وأتصور أن تخوفات التيارات الليبرالية والعلمانية واليسارية ومعهم المسيحيون من الإسلاميين قد تتزايد الآن ،لأن خطاب القرضاوي الدعائي للإسلاميين وحدهم وتحريم التصويت لغيرهم يجعل القوى الأخرى تقول إن هواجسنا حقيقية، وليست مجرد ظنون ، وإن الإسلاميين يناورون لخطف الدولة المصرية بصندوق الانتخاب وتجييرها وفق خططهم وأهدافهم .
أدعو فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي لتوضيح فتواه إذا كان النقل عنه غير دقيق، أو التراجع عنها إذا كان هذا ما قاله لأنه يضر بنفسه وبمكانته وبقيمته وبوسطيته وباعتداله وانفتاحه، كما يضر بالإسلاميين ضررًا بليغًا من حيث أراد أن يخدمهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.