قال العميد السابق محمود قطرى، الخبير الأمنى، إن ما يحصل عليه بعض ضباط الشرطة من مكافآت طائلة، نظير حمايتهم للمنشآت والوزارات المختلفة يؤجج حالة الغضب بين جموع الضباط، نظراً لحصول 500 ضابط فقط على هذه المكافآت دون آخرين، وهم الأغلبية، إذ يمثلون 37 ألف ضابط لم يصبهم معيار «الوساطة» التى تساهم فى اختيارهم لأماكن وقطاعات ووزارات حيوية تدر أموالًا طائلة وصلت إلى ملايين الجنيهات، وفجر قطرى فى حواره مع «الوفد» مفاجآت من العيار الثقيل على خلفية تقاضى ضباط شرطة مكافآت من وزارة التربية والتعليم حيث أكد أن ضباطاً بأعينهم يحصلون على هذه المكافآت ويدفعون أموالاً للحصول على هذه الأماكن التى تدر أموالاً ضخمة عليهم فى الوقت الذى لا يجد السواد الأعظم من ضباط الشرطة عيشة كريمة لهم ولأسرهم، وأصبحوا يطلبون وزارات مثل الكهرباء والبترول ومصالح مثل الجوازات والتهرب الضريبى وأيضاً هيئات المجتمعات العمرانية المختلفة، وتحولت هذه الأموال لتصبح «إتاوات» تفرض على الجميع، ومنها البنوك التى يفرض على مديريها الحماية فرضاً رغم أن حمايتها تكون داخل أوقات العمل الرسمية، رغم أن وزارة الداخلية لا تحصل على هذه الأموال وأن ميزانية الوزارة لها أبواب «نهب خلفية» «وكله من دم الغلابة». هل يحق للشرطة تقاضى أموال من المنشآت التى تقوم على حمايتها؟ - لا يوجد فى القانون ما يمنع تقاضيها أموالًا، ولكن القانون فى مجمله يتجه فى مكافأة الموظف الذى يعمل ساعات غير ساعات عمله الرسمى، لكن الشرطة هنا فى هذه الحالة تعمل داخل ساعات العمل الرسمية أثناء تأمين الامتحانات، ومن المفترض أن وزارة الداخلية لا تحصل على أموال أو مكافآت؛ لأن الأمن «لا يباع ولا يشترى» والضابط يأخذ مرتبه عن أداء عمله. لكنك تعلم أن مرتب الضابط الحر لا يكفيه ومرتب الأفراد لا يكفى أيضاً؟ - نعم.. المرتبات غير كافية، وكان من المفترض أن تعطى الداخلية مرتبات تتناسب مع خطورة العمل الذى يقوم به الضباط، ثم بعد ذلك نمنع المكافآت لأن أعلى مرتبات فى العالم هى مرتبات رجال الأمن الذين يقومون بأعمال خطرة، وضعف مرتبات رجال الأمن يجعلهم يلجأون إلى مكافآت الأبواب الخلفية، وللأسف لك أن تعرف أن مرتب مأمور القسم فى عام 1922 كان 30 جنيهاً فى الشهر وثمن الفدان فى هذا التوقيت 25 جنيهاً فكان يستطيع مأمور قسم الشرطة شراء فدان ويفيض من راتبه فكيف تساوى مأمور اليوم بمأمور الماضى، ينبغى أن تعطيه 200 ألف جنيه، وهذا مستحيل لكن نقول أعطه 20 ألفًا حتى يتساوى الجميع. لكن هناك مرتبات للضباط مرتفعة للغاية؟ - صحيح.. لك أن تعرف أن أى مدير أمن يتحصل على 2 مليون جنيه شهرياً لأنه يأخذ من كل قطاعات الحكومة ويأخذ من كل قطاعات الداخلية، وهذا معروف للجميع، ومعروف أيضا لوزارة الداخلية، وهذا المبلغ باستثناء محافظتى القاهرة والإسكندرية. ولماذا هاتان المحافظتان؟ - هاتان محافظتان مميزتان جداً، مدير الأمن فيهما يتحصل على 5 أو 6 ملايين جنيه شهرياً لأنهما محافظتان رئيسيان. هل هذه شبه إتاوات تفرض على تلك المؤسسات؟ هذا قانون... وفقاً لصحيح القانون من قلب القانون وبموافقته، ولك أن تعرف أن الداخلية كانت تأخذ أموالًا من مكافحة «دودة القطن» وحالياً من تطعيمات وزارة الصحة لقاء تحرير محاضر شرطة لمن يتخلف عن تطعيم أبنائه لأن التطعيمات تأتى من الخارج لوزارة الصحة عن طريق منحة تشترط على كل من تنطبق عليه الشروط أن يتم تطعيمه ومن يتخلف يتم إخطار الداخلية حتى يتم عمل محضر ومن أجل هذا المحضر «التافه» ينتج عن ذلك مكافآت يتقاضاها مدير الأمن ويقوم بتوزيعها. وهل هناك أماكن أخرى غير الصحة والتعليم والزراعة؟ - نعم... مكافآت من اتحاد كرة القدم من أجل تأمين المباريات ومن المناجم والمحاجر من كل مكان وفى البحيرة على سبيل المثال، وأيضاً من كل القطاعات مثل البنوك، من أجل الحراسات المشددة والخاصة وتفرض القيادات على كل مديرى البنوك طلب قوات من الداخلية لحراسة البنك ويتم تدعيم أى بنك بقوة أفراد شرطة من 20 إلى 30 فرداً على مدى 24 ساعة، ويدفع البنك فاتورة باهظة التكاليف يأخذها مدير الأمن يوزعها ب«مزاجه» وتقسم كالآتى 20% للوزارة و20% إصلاحات وترميمات و60% يوزعها زى ما هو عايز بجانب تقاضىه أموالًا مقابل حراسة سيارات نقل الأموال، وهذه مأموريات خاصة يحبها الضباط على وجه الخصوص؛ لأن فيها مكافآت خاصة وممتازة فمقابل سيارة نقل أموال سيارة شرطة وأفراد حتى تمنع سرقتها من قبل الآخرين، فهناك فوضى فى «الدخول» بوزارة الداخلية وأيضا يتقاضى الضباط مكافآت من وزارة الكهرباء فكل ضابط فى الكهرباء عندما يتقاضى راتبه شهراً من وزارة الداخلية يتقاضى مقابله شهرين من الكهرباء فيصبح راتبه ثلاثة أشهر بجانب مكافحة التهرب الضريبى التابعة لوزارة المالية وتعتبر أعلى مكافآت يتقاضاها ضباط الشرطة، والأمن متغلغل فى كل مكان يأخذ منها أموالًا، ومطلوب إعادة ضبط وهيكلة «الدخول» فى كل قطاعات الحكومة لكن فى الداخلية هناك فوضى، فمثلًا هناك اثنان من نقباء الشرطة الأول يشغل منصب رئيس مباحث كهرباء بالقاهرة يتحصل على 80 ألف جنيه فى الشهر والثانى يتقاضى 2000 جنيه فى الشهر، وهما دفعة واحدة، وتجد مديرى مرور القاهرة والإسكندرية يتقاضى كل منهما 2 مليون جنيه شهريًا. وكيف يتحصل مدير الأمن على هذا المبلغ رغم ضعف مرتبه الأساسى؟ - نسبة من الغرامات الفورية تذهب إليه، ويتقاضاها عن طريق المحافظة، من أجل هذا يجب أن يقوم ضابط المرور بجلب أكبر قدر من المخالفات لزيادة المكافآت، وهذه كارثة، وهذا ما أكدت عليه سابقاً.. ومن يتقاضى هذه الأموال فى الداخلية؟ - مديرو الأمن ونوابهم من الحكمدارية، ومفتشو الداخلية وعددهم 2 بجانب ضباط التهرب الضريبى والجوازات، وضباط تصاريح العمل، وضباط الأحوال المدنية، وكل هذه القيادات تأخذ بالملايين، إنما السواد الأعظم من الضباط «مش لاقيين يعيشوا» عيشة كريمة فتجد الضباط مستائين جداً عندما يقال إن الشرطة تأخذ »فلوس» لأن بعضهم هم من يتحصل على هذه الأموال وليس الكل، فأى ضابط يأخذ 4 آلاف جنيه لا تؤمن له حياة كريمة بجانب ضباط المعاشات أقل من معاشات البنوك. كم فردا يتقاضى هذه الأموال؟ - فى 27 محافظة تجد 500 ضابط من 37 ألف ضابط هم من يحصلون على «التورتة» والباقى متدرج وهناك 500 آخرون يحصلون على الفتات أو الغالبية العظمى لا تحصل على شيء، ولك أن تعرف أن هناك بدلًا كان يصرف للضباط 59 جنيهاً فى مقابل 120 ألف جنيه لمدير الأمن، ويعرف هذا البدل بمكافأة الجوازات التى طالبنا بها مراراً وتكراراً عندما عرف جميع الضباط بالأموال التى تدرها مصلحة الجوازات، وطالبنا بتوزيعها، فكان نصيب الضابط 59 جنيهاً مقابل 60 ألفًا لضباط الجوازات أنفسهم وللأسف الفارق خطير جداً بين جموع الشرطة وبعض الأفراد المعدودين. هل ميزانية الداخلية تكفى الضباط؟ - الميزانية لها أوجه صرف قانونية وهناك أوجه صرف غير قانونية «تلهف» فيها الميزانية فمثلًا روى لى بعض الضباط عن إنشاء وحدة مرور تمّ تنفيذها بإحدى الطرق السريعة وتكلف إنشاؤها من 3 الى 5 ملايين جنيه وكانت على حساب الأهالى بالجهود الذاتية ورغم ذلك تصرف من ميزانية الوزارة شيكات بقيمة بناء الوحدة وحدث أن رفض أحد الضباط التوقيع على شيك الصرف بسبب ضخامة نصيبه المقدر ب400 ألف جنيه فرفض التوقيع على شيكات الصرف لشعوره بالخوف، ورغم ذلك تم اقتحام بيته والاستيلاء على أوراق ومستندات من بيته فلجأ إلى الرقابة الإدارية وهذه الواقعة منذ زمن حسنى مبارك. وماذا عن مكافآت أمن الدولة؟ - أمن الدولة كان يحكم مصر كلها أيام مبارك، لأن مصر عبارة عن مجتمع من الموظفين فلا تجد وكيل وزارة أو مديرًا عامًا أو موظفًا صغيرًا لا يتم تعيينه إلا بموافقة أمن الدولة؛ فكان متحكما فى الدولة المصرية من «ساسها لراسها» وهذا ما أخشى تكراره، فأمن الدولة يحصل على أموال اكثر من الأمن العام وأكثر من مدير الأمن لأنه الحاكم بأمره، فلك أن تعلم أن أمن الدولة سابقاً «يشيل» محافظ و«يشيل» وزير وكمان يصوره وهذا شىء خطير، ولك أن تعرف أن سلطتهم كانت جبارة؛ لأنهم مختصون بالأمن السياسى الداخلى، وأصبح العرف السائد بينهم هو «مش مهم انت رتبتك إيه المهم انت بتشتغل ايه وفين»... وعلى أى معيار يتم توجيه بعض الضباط لأماكن المكافآت؟ - لا معايير .. فتجد نقيبًا أو رائدًا فى وظيفة رئيس جوازات وضابط صغير فى وحدة الحراسات الخاصة وأيضا أمن الموانئ والمجتمعات العمرانية الجديدة، وهذه مشكلة، فتجد نقيبًا يشغل منصب مدير مكتب مساعد الوزير يتقاضى 100 ألف جنيه فى الشهر فى حين أن زميله النقيب يأخذ 4 آلاف جنيه، وطبعاً يتقلد منصبه ب«الكوسة»، يجب فحص دخول الضباط جميعهم وليس مرتباتهم حتى يتساوى الجميع، ولا يضر وقتها إن زاد أحدهم عن الآخر 100 جنيه وليس 200 ألف أو 150 ألفاً فهذا «فجر» كبير، وفى حاجة لثورة انضباطية داخل وزارة الداخلية لتحديد معايير التعيين فى هذه الأماكن التى يحكمها معيار واحد فقط هو معيار «الكوسة»، فهذه الأماكن يطلبها الضباط بالاسم. هل هذا الأماكن يحكم اختيارها بواسطة فقط؟ - كانت «الكوسة» فى بداية الأمر ثم تطور الأمر الى دفع رشاوى والضباط يسمون هذه الأماكن ب«السعودية» و«الكويت» نظراً لارتفاع الأموال المتحصلة من هذه الأماكن، وتسمى بالأماكن «الطرية»، ويجب أن تفحص القواعد والمعايير التى تحكم الذهاب إلى هذه الأماكن، والضباط ليس لديهم أدنى فكرة عن طبيعة العمل الموكل إليهم، وخبرتهم ضعيفة فى هذا المجال، ما يخلق أزمة، وهذا ما أسقط الشرطة فى عهد حبيب العادلى، فقد كان قادما من أمن الدولة و«مش فاهم» الأمن العام وعمود الخيمة هو الأمن العام، (الأقسام- المراكز) ورغم أمن الدولة فى يده سلطات كبيرة إلا أن الغباء لازم العادلى لعدم فهمه الأمن العام الشامل، وهو أن الأمن العام كان يحمل كرسى عرش الحكم فى مصر وعندما حرقت الأقسام والمراكز سقط حسنى مبارك.