أظن أنه أصبح من الضروري فتح ملف العمالة المصرية بالخارج، ودور البعثات الدبلوماسية نحوهم، واعتقد أنه حان الوقت لكي نعيد النظر فى الآلية التي كانت تتعامل بها الخارجية المصرية مع أولادنا وأخواتنا في دول المهجر، خاصة فى الدول العربية. الأسبوع الماضي تناولت مشكلة بعض المدرسين المعارين في سلطنة عمان، وقد اشتكوا من عدم إغاثة البعثة المصرية لهم، وتركهم يواجهون السيول وتأخر المرتبات دون أن يمدوا يد العون إليهم وإنقاذهم من داخل المدارس التي حاصرتها السيول والعواصف، في الوقت الذي هبت فيه السفارتان الجزائرية والتونسية في إنقاذ رعياهما، ومنحهم شيكات بقيمة مرتباتهم التي تأخرت عليهم لكي يواجهوا الحياة. منذ يومين تلقيت رسالة من أحد العاملين في المملكة الأردنية الهاشمية، وتحديدا في مدينة عمان، عقب في الرسالة على مشكلة إخوانه في سلطنة عمان، وطالب أن نلقى الضوء على العمالة في المملكة الأردنية، مشيرا إلى أن عدد العاملين هناك يقارب 400 ألف عامل، جميعهم يعملون في مجال المعمار والنظافة والخدمات العامة، وأغلبهم يواجه مشاكل مع السلطات الأردنية دون أن تقف معهم السفارة المصرية، وقد لخص صاحب الرسالة مشكلة العمالة في المملكة الأردنية في بعض النقاط: - بشكل يومي تمتلئ السفارة المصرية بعشرات العاملين الذين يأكل أصحاب العمل حقوقهم ويغدروا بهم، دون ان تساعدهم السفارة على استرداد مستحقاتهم، ولا قيام السلطات الأردنية بإعادة هذه الحقوق. -عدم توفير شروط الأمان للعمالة من قبل السلطات الأردنية، وخاصة في قطاع البناء، حيث تنشر الصحف الأردنية يوميا حوادث إصابة ووفاة عمال مصريين في هذا القطاع دون توفير أدنى وسائل الحماية لهم أو حتى تعويض أسرهم. -ملاحقة الشرطة الأردنية للعمالة والقبض عليها بالرغم من عدم حاجة المصريين لتأشيرات لدخول الأردن انطلاقا من مبدأ المعاملة بالمثل، حيث يستطيع الأردني دخول مصر بدون تأشيرة. في حالة رغبة المصري في العمل داخل الأردن يجب عليه أن يستصدر تصريح عمل، وفي هذه الحالة فقط يحق للسلطات الأردنية ملاحقة المصريين لعدم حصولهم على هذا التصريح، ولكن السلطات الأردنية تلاحقهم بسبب أو بدون، والأكثر من ذلك لا تقوم السلطات الأردنية بترحيل المقبوض عليهم، بل تقوم بحجزهم وجعلهم يقومون بتنظيف أقسام الشرطة وتسديد غرامة عدم استصدار تصريح عمل، ومن ثم إطلاق سراحهم وذلك للقبض عليهم من جديد ودفع الغرامة. -تعنت السلطات الأردنية في دخول المصريين للأردن من قبل السفارة الأردنية في مصر حتى وان كانت للزيارة ، حيث حضرت عدة حالات في هذا الشأن، تقدم بعض المصريين بطلب لزيارة الزوج أو الأخ أو الأب، وقد رفضت شركات الطيران المصرية والأردنية وطلبت منهم الحصول أولا على تصريح عمل من السفارة، هذا في الوقت الذى يسمح فيه بدخول المملكة الأردنية بدون تأشيرة. أستاذ علاء لو عدت لتقارير منظمة العمل والعفو الدولية، تكتشف أنها أدانت أوضاع العمالة المصرية في المملكة الأردنية، كما أنها شبهت أوضاعهم هناك بالعبودية، ورغم ذلك لم تتحرك الحكومة المصرية، فهل سيتغير هذا الوضع بعد قيام الثورة؟، هل ستعمل الحكومات المصرية القادمة على متابعة العمالة المصرية ومساعدتها والوقوف بجانبها وصيانة كرامتها؟». هذا نص رسالة القارئ الكريم، لكن ما أعرفه أن المملكة الأردنية من الدول التي تواجه مشاكل اقتصادية كبيرة مثل مصر وأن نسبة البطالة مرتفعة بشكل ملحوظ، وأن القيود التي تفرض على العمالة المصرية لها منطقها ومبرراتها، وأن العمالة الأردنية والفلسطينية المقيمة هناك لها أولوية عن غيرها، وأظن أيضا أنهم في المملكة الأردنية لولا تحرجهم الشديد لأغلقوا الباب تماما أمام العمالة المصرية، على أية حال مهما كان الوضع فللسفارة المصرية دور نحو هذه العمالة، وعليها أن تقوم به، خاصة أن هذه النوعية من العمالة قليلة الحيلة وأغلبها لا يجيدون القراءة والكتابة.