بين نيران الحرب والاقتتال الشعبى وتقسم الأمة بين الفصائل المسلحة، لا يكون هناك مكان للحب، ولا لكلمات الشعراء، فأمام الموت وضياع وطن، يضيع كل شىء، لكن الشاعر السورى الشاب «آلان كيكى» تحدى هذه القاعدة، ولم يتوقف عن كتابة الشعر والروايات القصيرة وإنتاج الأفلام التسجيلية عن مأساة وطنه سوريا. ومن بين نيران الحرب جاءت كلماته عن الحب كصرخة ألم إنسانية تهز ضمير العالم، بأن السورى إنسان من حقه الحياة والحب والأمان، فأبهر العالم بإشعاره وكلماته عن الحب تحت نيران الحرب التى من الممكن أن تصيبه فى أى لحظة لتسكت للأبد كلماته. ولد آلان كيكى عام 1996 من أسرة بسيطة، درس فى كلية الهندسة المدنية، مات من أفراد أسرته من مات، وهاجر آخرون فرارا من الموت، ولجأوا إلى مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود، ولا يزال يعيش حاليا فى دمشق، ورغم دراسته الهندسية إلا أن كلمات شعره تقطر إنسانية، حتى تلقفتها قنوات وإذاعات عالمية لتذيعها أو تترجمها إلى اللغات الأجنبية مع كثير من الدهشة بأنه لا يزال هناك سورى يكتب الشعر فى زمن الحرب وبين أصوات المدافع، هناك من يستهجن نظمه للشعر وسوريا تمر بهذه الظرف المطول من الحرب والموت والدمار، وآخرون يرون أن صوت الإنسانية باقٍ حتى بين أنات الموتى لتوقظ ضمير العالم، فشعره يصرخ بالحب والألم والمعاناة.. معاناة وطن ليبكى كل من سمع شعره أو ترجمة هذا الشعر فى دول العالم، فقال فى سوريا: ديارنا يا أماه ما عادت ديارنا.. حينا صار ركام، وأشجار حديقتنا صارت ركام، ولدت مغتربا وما فارقت وطنى.. أعوام مضت وأنا أفتش عن وطن وأنا فى وطنى، أعرف يا أماه أنك تساعدين الموتى قليلا علك تقولين إنك عشت.. وأعلم أننا خلقنا وأكفاننا معنا.. لا ندرى الفرق بين العيش والموت، وإذا اغتربنا عن أوطاننا قالوا انا هجرنا وطنا وما بنيناه، وأوطاننا تقتل فينا بأنا نعمرها.. وأن للطائر أن يبنى عشاً من قش فى صبح بدل زقزقة العصافير بزقزقة المدافع. ولم يكن الوطن فقط هو شاغله، بل كل الحالات الإنسانية الأخرى، فكان أكثر نصيراً للمرأة وقضاياها أمام الرجل، فجاءت مجموعته الشعرية «إذا مللت حبى»، وقال فى مقدمة ديوانه «إهداء إلى كل فتاة تحمّلت ما قد تحمّلت من حبيب لم يحمل يوماً صفات العاشقين» إذا مَللتَ حُبّى ارحل، لا تُجاملنى، ولا تُبرّر لى، ارحل، كُن واعياً، اترك يَدى. وهو من قال فى المرأة أيضاً خواطره: تعجبنى المرأة القوية.. التى لا يضيرها غائب ولا يعذبها اشتياق، امرأة وضعت حدودا للتعامل معها، امرأة يحسب لها الرجل ألف حساب.. تعرف متى تتكلم ومتى تصمت ومتى تثور ومتى تهدأ.. تعرف الفرق بين الجرأة والوقاحة، امرأة لا يكسرها سخف مجتمعاتنا ولا يطغى عليها رجل باختصار .. تعجبنى المرأة القوية، فالمرأة المنكسرة لا تثير شيئاً سوى الشفقة. وفى عام 2014 حصل آلان كيكى على جائزة أفضل رواية، ليثبت أن القوة الناعمة لها وجودها، ويمكنها أن تلفت نظر العالم إلى قضايا الوطن بما تملكه من أدوات أيًا كانت رقتها.