جدلًا كبيرًا أثارته اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، منذ اللحظات الأولي لإبرام الرئيس عبدالفتاح السيسي لها مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، خلال زيارته للقاهرة في أبريل الماضي. ويزيد حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، الصادر صباح اليوم الثلاثاء، الذي يفيد ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي نقلت بموجبها تبعية جزيرتي تيران وصنافير من مصر للمملكة، واستمرار الجزيرتين تحت السيادة المصرية، من حدة الجدل. وقضت المحكمة أيضًا برفض دفع هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى البطلان، علي اعتبار أنها عمل من أعمال السيادة. وعلق عدد من القانونين على قرار محكمة القضاء الإداري بمصرية جزيرتي "تيران وصنافير"، باعتباره سقطة غير مسبوقة للقضاء الإداري، لعدم اختصاصه في نظر الاتفاقيات والمعاهدات السياسية وأعمال السيادة، بينما ذهب أخرون للتأكيد علي أن الحكم نهائي وواجب النفاذ، موضحين أن القضاء هو من يحدد ما إذا كانت القضايا التي ينظرها من أعمال السيادة أم لا. وأكدوا في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أنه يجوز الطعن علي الحكم خلال 60 يوما، عن طريق هيئة قضايا الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا، باعتباره هو السبيل الوحيد لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر صباح اليوم. اعتبر أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن قرار محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود، سقطة قانونية غير مسبوقة في مجلس الدولة، مؤكدًا علي أنه حكم معيب قانونيًا، كما أنها لم تقوم بتسبيبه. وأوضح أن القرار يعد سقطة لأنه حتى الآن لم تقوم الحكومة بإحالة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية للترخيص بالتصديق عليها، وهو ما يعني أن محكمة القضاء الإداري تعجلت في حكمها واستبقت كل الأعراف القانونية. وتابع سلامة، أن المحكمة ضربت بحكمها المتسرع عرض الحائط بكافة الأحكام القانونية السابقة من المحكمة الدستورية، التي أخرجت الاتفاقيات والمعاهدات السياسية، التي تعقدها الحكومة عن رقابة القضاء في مصر، فضلًا عن أن محكمة القضاء الإداري أخرجت أعمال السيادة من رقابتها. وأشار إلي أن هذا القرار سيتبعه قيام الحكومة عن طريق هيئة قضايا الدولة، بالطعن علي ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا. وأكد رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري، علي أن حكم القضاء الإداري اليوم بمصرية جزيرتي "تيران وصنافير"، نهائي وواجب النفاذ، موضحًا أنه يجوز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، خلال 60 يومًا، من قبل هيئة قضايا الدولة. وأضاف أن الحكم لا يصبح باتً إلا بعد مرور 60 يوما دون طعن أو صدور قرار بتأييد الحكم أو الغائه، مشددًا علي أنه لا مجال للحديث الآن عن اختصاص محكمة القضاء الإداري بالنظر في تلك القضية من عدمه بعد صدور الحكم. وأشار بطيخ، إلي أنه وفقًا للدستور فإن القضاء لا يختص بنظر أعمال السيادة، إلا أنه في الوقت ذاته هو ما يحدد ما إذا كانت القضايا التي أمامه من أعمال السيادة أم لا، مؤكدًا علي أن الطعن فقط هو ما يمكنه وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، وصدور قرار علي إثره بإيقاف تنفيذ الحكم. وقال إبراهيم أحمد، رئيس قسم القانون الدولى بجامعة عين شمس سابقًا، إن حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية واجب النفاذ، موضحًا أنه يجوز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، ولكنه لا يوقف تنفيذه. وأوضح أن الطعن من الممكن أن ينتهي إلي تأييد الحكم، وهو ما سيتبعه إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود واستمرار تبعية جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة المصرية، وإما صدور قرار بإلغاء الحكم ، مشيرًا إلي أن القضاء الإداري هو الجهة المختصة بمراقبة الحكومة والجهاز التنفيذي من الناحية القانونية.