تقرَّر عرض الفيلم اللبناني "وهلأ لوين؟" لمخرجته، نادين لبكي، نهاية الشَّهر الجاري في دور العرض المصريَّة، بعد أنّْ حصلت المجموعة المتَّحدة على حقوق توزيعه وهو العمل الثاني للبكي الذي يطرح في دور العرض المصرية، بعد فيلمها الأول "سكر بنات" الذي طرح قبل سنوات. ومن المتوقع أن يتم عرض الفيلم، الذي سيشارك في مسابقة الأوسكار، ب 8 نسخ باعتباره فيلمًا أجنبيًا، وسيتم الاكتفاء بطرحه في دور العرض الرئيسية في القاهرة والإسكندرية فقط . الفيلم يرسم عالما إفتراضيا في قرية حقيقية، انقسمت إلى قسمين مسيحي ومسلم، تعايشا معاً على الحلوة والمرة كما يقال ، فالجامع قرب الكنيسة، والجميع يجتمعون في مقهى واحد يتسامرون ويتحدثون ، ولكن لم يكن بد من بعض المنغصات، لكن الأمور كانت تنتهي دوما تحت حدود السيطرة هذا العالم الإفتراضي الذي أوجده بذكاء السيناريو المكتوب من عدة مبدعين، استطاع جمع حكاية متشعبة وصولا إلى مقولة سامية يريد الفيلم الوصول إليها في القرية كما في كل الوطن العربي . عاشقون وأرامل ومتطرفون من كلا الجانبين، وهؤلاء هم الذين كادوا يقلبون الأمور رأسا على عقب، فحادثة تمر، تعكر صفو العيش المشترك، فيقوم أحدهم بالتعدي على المسجد وإطلاق بعض الحيوانات عليه ليلا، بغية إشعال الفتنة، التي تكاد تحدث بسبب أحد المتشددين من الطرف المسلم، ولم يمر الأمر بسلام، ففي احتفال ديني في الكنيسة، يقوم أحدهم بسكب دم دجاج مذبوح على المذبح ليلوث جباه المصلين . وتصبح المشكلة أكبر، لكن الحدث الأهم في الفيلم، أن نسوة هذه القرية، مسلمات ومسيحيات، رفضن العنف والفوضى وكذلك الاقتتال بين رجالهن، فقررن أن يقمن بكل شيء لحماية العيش المشترك فيها عندما، يصير الشحن الديني في أوجه، تقرر النسوة الدخول في مغامرة غريبة، تتمثل في إحضار مجموعة من الصبايا الأوروبيات للإقامة عندهن مدة أسبوع، ويكون الهدف إلهاء الرجال عن الاقتتال وتتحقق النتيجة المطلوبة ولكن بصعوبة . وتتابع النسوة المغامرة، فيقمن بالتحضير لمأدبة كبرى في المقهى المشترك، بوجود الفاتنات الأوكرانيات، وتضع النسوة المخدر في الطعام، وما إن يبدأ طقس الإحتفال ويأكل الرجال، حتى يبدأ تأثير المخدر، وكأن القوم مخمورين، فيكون الجو لطيفا، ويتآخى الجميع هذه اللقطة التي قدمها الفيلم في هذا التفصيل، غاية في البراعة، وكأنما يريد أن يقول ساخرا، إن التعايش السلمي بين أهل القرية، يستلزم بالضرورة غياب العقل، وكأن العقل بالمخالفة هو المحفز على الشحن الديني والطائفي في القرية وفي المدلول الأعم لبنان ينام الجميع، ليصحوا مع اختلافات جوهرية حدثت للعديد من النساء. هنا تكمن قمة الحدث الافتراضي، كون الفيلم يظهر لنا العديد من النساء وقد بدلن دينهن، فالمسيحيات أصبحن مسلمات، والعكس، وهن يرغبن جميعا بالمشاركة في تشييع شاب مسيحي قتل بسبب أحداث عنف طائفي . المشهد الأخير، كان كرنفالا جميلا من السينما، نعش في المقدمة، يحمله شباب مسيحي ومسلم، ومشيعون وراءه نساء ورجال مسيحيون ومسلمون، يقومون بشكل موحد بأداء طقوس تشييع محددة، في جو من التوحد الديني . ولا تلبث الجنازة أن تدخل المقبرة المخصصة للقرية والتي تنقسم لقسمين، مسيحي ومسلم، في هذا الجو، يحتار الشباب الذين يحمل النعش أين يتجهون بالميت، المسيحي، الذي باتت أمه مسلمة. يقفون مترددين ثم يدورون حول أنفسهم ويسأل الجميع، "وهلأ لوين" . ربما كان القصد، ها قد وصلنا إلى النهاية، إلى المقبرة، فإلى أين، هل سيرافقنا هذا السؤال، مسيحي مسلم، إلى ما بعد الحياة، هل من الضروري أن نختلف حتى نصل لهذه المرحلة . "هلأ لوين"، فيلم رغم قسوة حكايته الخارجية، لكنه شفاف في تطلعاته نحو مجتمع خال من فوضى الإختلاف الديني والمذهبي وهو يقدم نموذجاً سينمائياً ساحراً، عن سينما حارة، تقدم فنا نبيلا في أسلوب قريب ومحبب. السيناريو الذي كتبه رودني حداد كان بطلا حقيقيا، رسم خطه البياني التصاعدي في الأحداث بشكل منظم وقدم جملا حوارية كانت في منتهى الرشاقة واللطف. ورسم شخصياته بدقة، خاصة شخصيتا آمال نادين لبكي وتقلا أم الشاب المتوفى . في الفيلم مشاهد قوية في الأداء التمثيلي، تجلى هذا واضحا في مشهد، مواجهة أم تقلا مع تمثال السيدة مريم في الكنسية، كذلك مشهد آمال في المقهى وطردها لحبيبها إثر عراك بينه وبين شاب. وهلأ لوين إنتاج لبناني فرنسي مصري ايطالي مشترك ، بطولة كلود باز مصوبغ ، ليلى حكيم ، نادين لبكي ، أيفون معلوف ، أنطوانيت نفيلي ، جوليان فرح ، علي حيدر ، كيفن عبود ، بيترا صغبيني ، مصطفى السقا ، ساسين كوزلي ، كارولين لبكي ، أنجو ريحان، محمد عقيل ، جيزيل سمندن، خليل بوخليل ، سمير عوض ، زياد أبو عبسي ، عادل كرم ، أوكساناشيحان ، آنيتا بوصالح ، أولغا يروفيايافا ، يوليا مارون ، أوكسانا بيلوغلازوفا ، فؤاد يمين ، سندريلا يمين ، سامي خرجية ، جورج خوري ، منذر بعلبكي ، سيناريو لنادين لبكي وجهاد حجيلي ورودني حداد ، وإخراج نادين لبكي .