موعد متوقع لإعلان "مجلس غزة" وسط خلاف "الجثة الأخيرة"    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    اليوم، قطع الكهرباء عن بعض المناطق ب 3 محافظات لمدة 5 ساعات    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    بيع ساعة يد للمخرج الأمريكي كوبولا ب 10.8 مليون دولار في مزاد    ارتفاع عدد قتلى انفجار بولاية ميتشواكان غربي المكسيك إلى 3 أشخاص    مشغل شبكة الكهرباء الأوكرانية يقول إن إصلاح الشبكة سيستغرق عدة أسابيع    تأجيل محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية التجمع الإرهابية    أقرأ تختتم دوراتها الأولى بتتويج نسرين أبولويفة بلقب «قارئ العام»    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    زيادة المعاشات ودمغة المحاماة.. ننشر النتائج الرسمية للجمعية العمومية لنقابة المحامين    محافظ الإسماعيلية يتابع تجهيزات تشغيل مركز تجارى لدعم الصناعة المحلية    إصلاح كسر مفاجئ بخط مياه بمنطقة تقسيم الشرطة ليلا بكفر الشيخ    "الراجل هيسيبنا ويمشي".. ننشر تفاصيل مشاجرة نائب ومرشح إعادة أثناء زيارة وزير النقل بقنا    رحمة حسن تكشف عن خطأ طبي يهددها بعاهة دائمة ويبعدها عن الأضواء (صورة)    قلت لعائلتي تعالوا لمباراة برايتون لتوديع الجمهور، محمد صلاح يستعد للرحيل عن ليفربول    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لاكتشاف المواهب| صور    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    برودة الفجر ودفء الظهيرة..حالة الطقس اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    بدون أي دلائل أو براهين واستندت لتحريات "الأمن" ..حكم بإعدام معتقل والمؤبد لاثنين آخرين بقضية جبهة النصرة    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    جورج كلونى يكشف علاقة زوجته أمل علم الدين بالإخوان المسلمين ودورها في صياغة دستور 2012    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    أسعار الذهب اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    أول صورة لضحية زوجها بعد 4 أشهر من الزفاف في المنوفية    الاتحاد الأوروبى: سنركز على الوحدة فى مواجهة النزاعات العالمية    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الحكومة البريطانية تبدأ مراجعة دقيقة لأنشطة جماعة الإخوان.. ماسك يدعو إلى إلغاء الاتحاد الأوروبى.. تقارير تكشف علاقة سارة نتنياهو باختيار رئيس الموساد الجديد    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي للمرة الأولى.. فيديو    أسوان والبنية التحتية والدولار    وزير الاتصالات: تجديد رخص المركبات أصبح إلكترونيًا بالكامل دون أي مستند ورقي    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    هيجسيث: الولايات المتحدة لن تسمح لحلفائها بعد الآن بالتدخل في شؤونها    أخبار × 24 ساعة.. متى يعمل المونوريل فى مصر؟    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تحترقوا .. فإن الله يرى
نشر في الوفد يوم 18 - 01 - 2011

حين تتحول الحياة لسوط يلهب ظهرك، وتتحول رحابة الدنيا إلى سجن تغرس قضبانه فى صدرك لينزف ألمك، حين يختنق صدرك بالبكاء فلا تجد من يجفف دمعك، ولا تجد سوى الجدار بقلبه الحجر لتستند عليه ويحتضن حزنك، فتبكى وحدك، ولا تعرف الضحكة طريقا لوجهك، حين يعز الرزق ويشيح عنك الصديق بوجهه وقت الضيق، وتغلق أبواب البشر مصاريعها دونك، فتقف فى الصقيع أو تحت نيران الشمس عاريا وحيدا .. عندئذ تهون عليك الدنيا وما فيها، ويكون الرحيل عنها هو الأهون ..لكن لا تمهل .
مما لا شك فيه أن كل ما سبق قد شعر به المواطن المصرى عبد الله الجبلى لحظة قرر الانتحار حرقا، وهو أيضا ما شعر به من قبله الشاب التونسى بوعزيزى، الذى كان سببا فى ثورة الجياع، فقد أدرك هذا وذاك أن أعين الحكومات التى يزرحان مع ملايين غيرهم تحت وطأتها ... حكومات لا تراهم ، لا تشعر بهم وبما آلوا إليه من فقر وجوع وجبال من المشاكل، تأكدوا أن حكوماتهم باتت عمياء لا ترى إلا نفسها وكراسى الحكم الوثير التى يتربعون عليها منذ سنوات قد بليت، فقرر كل منهما لفت نظر الحكومة بإشعال النيران فى جسده، انطلاقا من مفهوم " إذا ما عميت العين فإن الأيدى تحس " ، عسى أن تحس أيدى الحكومة نيران الأجساد الملتهبة، فتتحرك بالقرارات لمصلحة الشعب .
ولكن هل حقا الانتحار حرقا هو الحل ..؟
من المؤسف له أن النظام فى تونس لم يتزحزح من موقعه " الأسمنتى" إلا بعد أن
أحرق العزيزى نفسه، وخرج الثوار الجوعى، ومن المؤسف له أن المسئولين الأفاضل بمصر لم يتحركوا لحل مشكلة الجبلى إلا بعد أن أحرق نفسه، وقرر أن يموت، أو يضحى بأجزاء من جسده للنيران فى الدنيا، غير عابئ بنيران العذاب فى الآخرة التى تترقب كل إنسان يقتل نفسه، أو لعله لم يفكر فى الآخرة بعد أن أعيته سبل الدنيا، وقد ظن أن اللجوء إلى المسئولين الذين صموا آذانهم وأسملوا عيونهم عن الشعب ومشاكله هو الملاذ الوحيد أو باب الرحمة الأخير، ونسى فى خضم مأساته أن هناك بابًا أوسع للرحمة، وأن الله يراه ، يبتليه ليختبره ويختبر صبره على فساد المفسدين من أولى الأمر ، وعلى فساد الدنيا وضياع حقه فيها .
أنا لا ألوم الجبلى على فعلته، ولا على فقدان صبره، وهوان الحياة عليه فى لحظة، أو رغبته فى أن تشعر حكومة عمياء بنيران جسده، بل أقول له لو أغلقت أبواب البشر كل أبوابها أمامك فإن باب الله مفتوح لا يغلق، وإن قصدته لن يردك ولو بعد حين، فلا شىء فى الدنيا يساوى أن نقتل أنفسنا، أن نقابل الله مجرمون بذنب الانتحار وقتل النفس، لا يستحق أولى الأمر المفسدين أن ندخل من أجلهم جهنم فى آخرتنا، بعد أن عشنا هذه الجهنم بسببهم فى دنيانا، الأقلام أو الأصوات التى هللت للحدث، واعتبرته بشرة خير وتيمنًا بما حدث فى تونس، مخطئون، علينا جميعا .. إعلاميين .. مثقفين وقادة رأى وفكر ألا نكرس فى نفوس شبابنا أبناء مصر ثقافة الانتحار وقتل النفس وإحراق الأجساد للفت أنظار الحكومة والمسئولين الأفاضل، هناك طرق أخرى ووسائل مشروعة للفت نظر الحكومة وتحريك قرارات المسئولين .
وحتى لا تتحول عمليات الانتحار حرقا إلى صرعة بين أبناء بلدى تيمنا بما حدث فى تونس، وأملا فى الإطاحة بنظام حاكم أو حتى مسئول بمجلس بلدى أو عمدة ، و لفت أنظار الأشاوس من مسئولينا إلى مشاكلنا، علينا ألا نهلل أو نكرس سياسة قتل النفس من أجل لقمة العيش، أو من أجل إيجاد حل لمشاكلنا المتراكمة ، وإحياء ضمير مسئول غاب ضميره، علينا أن نبحث عن الطرق الأفضل لدنيانا وديننا ، هناك وسائل الإعلام الشريفة والحرة التى تفتح أبوابها للمواطينين ومشاكلهم صوتا وصورة وكلاما ، وهناك بعض المسئولين الذين لا يزالون شرفاء يراعون الله بضمائر حية فى مواطنيهم ، وهناك طرق التظاهر السلمى والاعتصام، هناك ألف وسيلة ووسيلة يمكن أن تصل بها أصوات الشعب إلى المسئولين بعيدا عن الموت والانتحار .
وأراهن أن الشعب التونسى لو حاصر قصر الرئاسة أياما، لحدثت نفس النتيجة دون إحراق الأجساد وإراقة الدماء، والتاريخ حافل بالثورات البيضاء التى أطاحت بعروش وغيرت أنظمة بائدة .
على كل مظلوم أن يسعى ألف مرة لرفع الظلم عن نفسه، إن أعياه باب مسئول موصد فاليبحث عن الآخر ويصبر على بلائه، لن يموت جوعا فإن الله لا ينسى " رزق الدودة فى قلب الحجر" الإيمان يا سادة هو العاصم من حالة الجزع والفزع المصاب بها أغلبنا ، الإيمان يا سادة بأن الله يرى ويسمع، وأنه يمهل ولا يهمل، الإيمان بأن العالم لو اجتمع على إيذائك بشىء لم يرده الله لك ما استطاعوا، وإنك لن تدفع عنك ضرا أراده الله لك، ولن يمنع عنك أحد فى الأرض خيرا أرسله الله عليك، الإيمان بأن رزقكم فى السماء وما تعلمون .
ولا يفهم أحد أننى أدعو للتواكل والصبر والخنوع وقبول الظلم، بل أدعو للسعى فى الدنيا للرزق ورفع الظلم الواقع علينا، ولكن مع التمسك بالصبر والإيمان، ليس الحل أن نقتل أنفسنا ونتتحر كفارا برحمة الله، ليس الحل أن يشنق شاب نفسه، أو تلقى فتاة بنفسها من النافذة، أو يحرق الجبلى جسده أمام مجلس الشعب، الحل أن نثابر على طلب حقنا بكل الطرق المشروعة، فلم ينتحر المسيح رغم إيذاء اليهود له، ولم ينتحر سيدنا محمد " ص " رغم كل الإيذاءات التى تعرض لها، ولنا فيهما أسوة .
علينا أن نفكر لحظة، فيما كان سيحدث لو مات الجبلى منتحرا، وحصلت أسرته على حقه الضائع بعد انتحاره، كنوع من شعور المسئولين بعقدة الذنب، ماذا كان سيحدث، كيف كان أولاده وزوجته سيواجهون الحياة بدونه، وأى ثقافة غرسها الأب فى نفوس أولاده، أن ينتحروا من أجل لقمة العيش، أن يموتوا كفارا برحمة الله بدلا من أن يعيشوا جوعى أو بنصف بطن ممتلئة، ومن سيمنع ابنته من الانتحار مستقبلا إذا ما صادفتها مشكلة ما أو وقع عليها ظلم .
الانتحار هو ثقافة للاستسلام، يجب ألا يعتنقها شبابنا على أنها المخرج الوحيد من مشاكل الدنيا ، وإلا قولوا على الدنيا والدين السلام ، علينا أن نفكر قليلا فى آخرتنا ، وأن نعيش على إيماننا بأن الدينا ليست إلا رحلة وتنتهى بعذاباتها أو حلوها القليل، وأنها بلاء وابتلاء، وطريق إلى سعادة الآخرة، علينا ألا ننسى ديننا يا سادة فى صراعنا من أجل لقمة العيش والحق، علينا أن ندرك قول الله سبحانه " وخلقنا الإنسان فى كبد "أبنائى أبناء مصر، وأخوتى، لا تنتحروا، لا تحترقوا فإن الله يرى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.