ضغوط كبيرة تواجه الاقتصاد المصرى أدت إلى تغيير سعر الصرف وارتفاع معدلات الأسعار وتأثر مستويات المعيشة لكثير من المصريين خلال الفترة الأخيرة بما يمثل تحديات أمام الحكومة لإصلاح تشوهات الاسواق والصناعة الوطنية وإصلاح هياكل الإنتاج والتصدير. أكدت ورقة تحليلية للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن الأساس فى الأزمة الحالية سواء على المستوى النقدى أو الاقتصادى هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الأجنبية مع تراجع موارد الدولة من السياحة وعدم نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة كافية وتراجع إيرادات الصادرات ولذلك ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء مما يضطر الدولة لاستيرادها واعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلى بنسب متفاوتة تصل فى بعض الأحيان إلى مجرد التعبئة، ويستلزم علاج هذه المشكلات إقامة تنمية صناعية مستدامة فى ظل هيكلة اقتصادية لإقامة صناعات للإحلال محل الواردات من ناحية وتنمية التصدير من ناحية أخرى، وتظهر بوادر هذه الاستراتيجية حاليا فى التنمية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإقامة تجمعات زراعية تصنيعية متكاملة ضمن مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، فالقرارات التى اتخذها البنك المركزى تعد بداية حقيقية للإصلاح الاقتصادى لكن يجب أن تتلازم مع اصلاحات شاملة على صعيد بقية المجالات الاقتصادية لإزالة عوائق لتصدير والاستثمار من خلال إصلاح اقتصادى حقيقى. إن تنشيط الصادرات بصورة فعلية يجب أن يتم من خلال صورة متكاملة لمنظومة التصدير تبدأ من تحديد المستهدفات التصديرية والعمل على فتح أسواق جديدة بصورة متكاملة وأن يتم اتخاذ خطوات جادة لتسهيل خطوات نقل البضائع عن طريق إنشاء شبكة طرق برية ونهرية وتدشين خطوط ملاحية جوية منتظمة وإقامة مراكز لوجيستية تمثل المحور الرئيسى لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بالإضافة إلى وضع برنامج يحمل شعار «التصدير أولاً» يشمل منظومة متكاملة لدعم الصادرات تساهم فعلياً فى تنشيط التصدير بالإضافة إلى معالجة المشكلات الموجودة فى عمليات الرد الضريبى إلى جانب تحسين المواصفات القياسية المصرية فى أسواق الصادرات مع السعى لزيادة الصادرات من الخدمات إلى جانب الصادرات السلعية التى تقوم مصر بالتركيز على تصديرها خلال الفترة الماضية. يجب أن ترتبط استراتيجية الدولة بصورة أكبر بتوزيع المشروعات التنموية جغرافياً فى ضوء مستويات البطالة فى الريف خاصة بين الإناث، فارتفاع معدلات البطالة بينهن يؤكد عدم استغلال لقدراتهن الاقتصادية، لهذا فمشروعات مثل «وظيفتك جنب بيتك» بما ترتبط به من بعد جغرافى ستؤدى إلى تحقيق هدف تخفيض البطالة ورفع معدلات التشغيل للإناث على وجه الخصوص. وفى ضوء الإجراءات الأخيرة، سواء الحكومية أو التى اتخذها البنك المركزى المصرى، فإنه أصبح من الضرورى إجراء تحليل حساسية شامل لتأثير تغييرات اسعار الصرف على مؤشرات التصدير وتكلفة الواردات التى لم تظهر حتى الآن بصورة كاملة خاصة وأنه من المرجح أن تحسن تغييرات الصرف الأخيرة من القدرة التنافسية التجارية لمصر، فضلاً عن إزالة القيود المفروضة على الإيداع الأجنبى بالعملة الأجنبية للأفراد ومستوردى السلع الأساسية ستدعم من إحياء النشاط الاقتصادى والاستثمارى.