رغم الوعود والكلام المعسول لوزير الإسكان مصطفى مدبولى على شاشات الفضائيات للمتقدمين من محدودى الدخل لحجز شقق الإسكان الاجتماعى، إلا أن هذه الوعود تطير فى الهواء كالدخان، ولا يطبق منها شىء على أرض الواقع. فالمواطن البسيط فى رحلة عذاب يومياً، من الوزارة إلى صندوق التمويل العقارى بمدينة 15 مايو، للاستعلام عن اسمه ورقمه فى كشوف المقبولين فى الوحدات السكنية. حتى إذا عرف، فلا تتوقف معاناته عند هذا الحد، إذ ينتقل من بنك لآخر لكى يتمم أوراقه ويدفع المقدم. وأحياناً يرفض البنك أن يفصح له عن أى معلومات، فيضطر للذهاب مرة أخرى إلى مقر صندوق التمويل العقارى أو الوزارة ليحدد مصيره. المصير المجهول ينتظر 120 ألف شاب يحلم ب«4 حيطان» 100 ألف وحدة سكنية تقرر طرحها العام الحالى يتسابق عليها المواطنون فى أولوية الحجز والفوز بهذه الفرصة التى يراها محدودو الدخل لا تعوض أبداً. حقاً هى فرصة ولكن الحكومة اعتادت دائماً ألا تقدم شيئاً بمنتهى السهولة.. فلابد أن يتعذب المواطن ويدوخ السبع دوخات لكى يحصل على الوحدة السكنية، فوزارة الإسكان خير نموذج على هذا المثال. محررة «الوفد» انتقلت فى الحادية عشرة صباحاً إلى مقر الوزارة الكائن بشارع إسماعيل أباظة المتفرع من شارع قصر العينى ليس فقط بالصفة الصحفية ولكن كمواطنة مصرية تتقدم للحجز فى الوحدات السكنية. تكدس شديد داخل مكتب إدارة شئون الموظفين بوزارة الإسكان، مئات المواطنين من الحاجزين فى الوحدات التى تم طرحها عام 2015، يقفون أمام الأبواب كأنهم شحاذون وموظف يقف خلف الباب وينظر من فتحة صغيرة على الطوابير التى تقف على باب المكتب، والمعذبون فى الطابور لا سبيل لديهم إلا صيحات الغضب والصراخ والطرق على أبواب العذاب لكى يتعطف عليهم الموظفون ويسمحوا لهم بالدخول للاستفسار عن مصيرهم المجهول فى كشوف الفائزين بالوحدات. فترة الانتظار أمام الأبواب كفيلة بزن تجعل بعض الأفراد تردد العبارات الغاضبة التى تظهر بوضوح سخطهم من كافة المظاهر العبثية، بالوزارة، وبعد دقائق قليلة سرعان ما يدفعون الباب بقوة فيفتح على مصراعيه ويدخل إلى المكتب عشرات الأشخاص بدت على وجههم علامات الغضب من التعامل السيئ من جانب الموظفين. بعد دخولهم إلى مقر المكتب بالقوة بدأت حالة من الهرج والمرج فى الداخل فيمتنع الموظفون عن مساعدة الناس ويكتفى موظف يدعى «رضا» بالجلوس على المكتب والتحدث فى التليفون غير مهتم بصرخات الناس ولا حتى غضبهم فى حين تقوم موظفة أخرى باستخدام مروحة صغيرة للتهوية خوفاً من العرق حتى لا يزيل بقايا مساحيق التجميل التى تضعها. أما الساعى فيصرخ ويشتبك مع كثير من الأفراد، ويحاول أن يخرجهم من المقر، ولكنهم يرفضون ويصرون على البقاء فى الداخل. الوقت يمر ببطء شديد والغضب والمشادات الكلامية والتشابك بالأيدى تتزايد، وبعد لحظات قليلة يدخل أمين شرطة إلى المقر ويحاول تهدئة الأمور.. ولكنه يفشل فى مهمته، فسرعان ما يتصل بمجموعة من الضباط وأمناء الشرطة لحل الأزمة فإذا بسيل من رجال الشرطة يدخلون المقر وبعد دقائق قليلة من تحدث رجال الشرطة مع المواطنين الغاضبين يشعرون بفقدان الأمل ولا سبيل لحل مشكلتهم، فينصرف بعضهم وعلامات الكآبة والحزن على وجهه، وآخرون يكتفون بالجلوس على أبواب الوزارة المشؤومة مرددين: «حسبنا الله ونعم الوكيل». قصص محزنة استمعت «الوفد» للعديد من القصص المحزنة والمؤلمة للغاية من داخل مكتب إدارة شئون المواطنين بالوزارة. عبدالحميد محمد، موظف بسيط راتبه لا يتعدى 1200 جنيه شهريا، يأتى يوميا إلى مقر الوزارة للاستعلام عن الشقة التى تقدم لحجزها العام الماضى، ويضيف: أسكن أنا وأولادى فى حجرة بسيطة للغاية إيجارها حوالى 300 جنيه فى الشهر، والحمام مشترك، باكيا: حرام اللى بيحصلى ده، أنا نفسى حد من الشئون يأتى علشان يفتش ويعرف مدى المعاناة التى أعيش فيها، مؤكدا أن الموظفين فى الوزارة والتمويل العقارى يرفضون الإدلاء بأى معلومة للمواطنين، ويكتفى بقول: «تعالى اسأل بعد شهر». أما نجوى عبدالغنى، شابة 25 عاما، فتقدمت لحجز شقة العام الماضى، ولكنها صدمت بعدما علمت أن الحكومة لا تهتم حقا بالفئات العمرية الصغيرة خاصة إذا كانت امرأة، ما يعنى تعزيز مكانة الرجل على حساب المرأة ويرددون مقولة «البنت فى الآخر مالهاش غير بيت جوزها.. فهتعمل ايه بالشقة». وأوضحت أن هذا الكلام ليس من وحى خيالها، فموظف فى الوزارة عندما أرادت «نجوى» الاستعلام عن اسمها فى كشوف الفائزين لم يعبأ بطلبها مكتفياً بالحديث إليها بعبارة: «انت هتعملى ايه بالشقة ما تسبيها لشاب احسن» فاكتفت بالبكاء وكلمة «حسبنا الله ونعم الوكيل». وتحكى «نجوى» قصتها قائلة: أعيش أنا ووالدتى فى حجرة بسطة للغاية وأعمل موظفة فى إحدى الشركات الخاصة وللأسف تمنيت أن أحصل على شقة أسكن فيها أنا ووالدتى بدلا من بهدلة السكنة. ولكن للحكومة وجهة نظر أخرى، مشيرة إلى أنها تحصل على إذن يومياً من العمل لكى تستفسر عن اسمها فى كشوف الفائزين وتستعلم عن مصيرها ولكن لا أحد يجيب عن استفساراتها ولا يعبأ بسؤالها. حكاية أخرى على لسان نرجس شعبان، وهى امرأة متزوجة وتعول أسرة بعد وفاة زوجها منذ 3 سنوات، أرادت أن تحصل على شقة لكى تكون بمثابة مأوى لأولادها يحميهم من السكنة والبهدلة ويكون ملكهم فى المستقبل مشيرة الى أنها تأتى إلى مقر الوزارة منذ 3 شهور بعدما تقدمت لحجز الشقة منذ فترة ولكن لا تعرف حتى الآن مصيرها، وكشفت أنها «كعب داير» بين وزارة الإسكان وصندوق التمويل العقارى، ولا أحد يجيب عن أسئلتها. محسن حلمى لا تختلف مأساته عن غيره، فهو متزوج منذ 6 سنوات وعيش فى منزل والده هو وأسرته لأنه لا يستطيع تحمل نفقات السكن الباهظ علاوة على تكاليف أولاده مشيرا إلى أنه شعر بسعادة بالغة عندما سمع عن إعلان الحجز فى شقق الإسكان الاجتماعى وسعى بكل الطرق حتى استطاع توفير المقدم والرسوم المطلوبة لسداد قيمة الوحدة، ورغم ظهور اسمه فى كشوف الفائزين إلا أنه دايخ السبع دوخات من بنك لآخر لكى يستعلم عن المبلغ المطلوب سداده، مشيرا إلى أنه فكر فى اللجوء إلى وزارة الإسكان لكى يستعلم عن الإجراءات ولكنه صدم! فحال الوزارة مثل حال البنوك التى لا تعطى معلومة لأى مواطن يريد أن يستفسر عن أى شىء، فضلاً عن التعامل السيئ من جانب الموظفين وإهدارهم للوقت حتى تمر مواعيد عملهم وينصرفون غير مهتمين بالمئات الذين يتركون مصالحهم من أجل الشقق. سيد عبدالمنعم، موظف فى إحدى المصالح الحكومية، يبلغ من العمر 40 سنة أراد أن يتقدم لحجز شقة يتركها لأبنائه بعد وفاته يعيشون فيها بدلا من السكن بالإيجار، مؤكدا أنه يخاف أن يموت ويتركهم فى الحجرة التى يسكنون بها بمفردهم، خاصة أن السكن مشترك، وهو لا يأمن عليهم عندما يغادر إلى عمله لذلك فكر فى أن يتقدم لحجز شقة تجمعهم وتؤويهم من بهدلة السكن المشترك ولكى يتزوج فيها ابنه بعد وفاته، ولكنه اكتشف أن لا أحد يجيب عن استفساراته، ولا يريد إعطاءه أى معلومة بخصوص الوحدات السكنية التى تقدم لها. رحل «مبارك» وأخذ إسكانه معه! قامت ثورة 25 يناير من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية.. قامت لتؤسس نظاماً جديداً، يحمى الفقراء ومحدودى الدخل. وفى 30 يونية كان تصحيح المسار، بهدف الحفاظ على الدولة ذاتها. لكن، وبعد 5 سنوات وعدة أشهر مرت على الثورة الأولى، ظهر كثيرون يترحمون على مشروعات كان ينفذها نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويقارنونها بمشروعات وخدمات حالية. ومن أبرز ترحمات المواطنين أسعار وحدات الإسكان الاجتماعى الجديدة، وآخر طرح للإسكان الاجتماعى قبل ثورة يناير، وكان ذلك عام 2009. فالحاجزون فى طرح 2009 لم يحصلوا على وحداتهم حتى الآن، وكأن «مبارك» رحل ومعه إسكان الفقراء. «الوفد» التقت عدداً من الحاجزين الذين دفعوا المقدمات ولم يحصلوا على وحداتهم حتى الآن. «كريم عبدالغنى» عامل فى إحدى شركات المقاولات، ما زال ينتظر تسلم وحدته ال 63 متراً، التى علق آماله عليها طيلة 7 سنوات، منذ الإعلان عنها عام 2009، ولكن إلى الآن لم يتسلمها، مشيراً إلى أنه وأكثر من 200 شخص، ذهبوا لكى يستفسروا عليها فى وزارة الإسكان، وكان رد الموظفين: «اللى راح راح.. ومبارك زمنه انتهي ومشروعه كمان انتهى». وأكد «عبدالغنى» أنه باع «اللى وراه واللى قدامه» حتى يحصل على شقة ترحمه من الإيجار الذى يرتفع سنوياً، وانتظر سنوات طويلة، وفى النهاية رد عليه موظف فى الوزارة قائلاً: «الأرض اللى عليها الشقة بقت ملك بنك الإسكان والتعمير، ومفيش استلام»، ويختتم «عبدالغنى» حديثه ل «الوفد» قائلاً: «حسبى الله ونعم الوكيل». ويروى «جابر محمد» موظف، أنه ذهب إلى موقع الشقة التى كان من المقرر أن يتسلمها فى عهد مبارك بمحافظة المنوفية، وانتظر للحصول على الشقة أو استرداد المقدم الذى سدده فى المحافظة دون جدوى، مشيراً إلى أنه دفع 5 آلاف جنيه منذ 6 سنوات، ومنذ ذلك الحين لم يسترد فلوسه أو يستلم شقته.. وأكد أن محافظة المنوفية قالت له: «مالكش حاجة عندنا». أما «سماح يوسف» فلا تختلف قصتها عن سابقيها، إذ تقول إنها علقت آمالها على الشقة الجديدة لتعيش حياة نظيفة بعيداً عن العشوائيات هى وأولادها، ولكنها اصطدمت بالواقع، بعد رحيل مبارك ورحيل الإسكان معه ومقدم الحجز الذى قامت بدفعه للمحافظة من أجل حجز الوحدة. وأشارت «سماح» إلى أن المحافظة تتبرأ من المسئولية وتلقى الكرة فى ملعب الوزارة، لأنها أصدرت قراراً بإيقاف مشروعات الإسكان التابعة للوحدات المحلية، ومنح حق التصرف للوزارة التى لم تسلم الوحدات للمتقدمين سلفاً وبدأت طرح وحدات جديدة ضمن مشروعات جديدة. وأكدت أن المحافظة كانت تسلم الشقق للحاجزين، ولكن بعد قرار الوزارة أصبحت تسلم الوحدات السكنية مباشرة عن طريقها، وبدلاً من أن تسلمها للمواطنين الحاجزين وزعتها على آخرين!!.. والأهالى لا طايلين فلوسهم ولا شققهم. مشاريع «مبارك» و«السيسى» فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك: تم تنفيذ ما يقرب من 87 ألف وحدة سكنية في العديد من المدن الجديدة وفي المحافظات بتكاليف بلغت 4 مليارات جنيه.. تحملت الدولة منها 40% من التكلفة الفعلية. وفرت الدولة قروضاً تعاونية مدعمة تجاوزت قيمتها مليار جنيه بنسبة 45% من جملة ما يتحمله الشاب للوحدة مساحة 100 متر مربع و60% من جملة ما يتحمله الشاب للوحدة 70 متراً مربعاً، و81% من جملة ما يتحمله الشاب للوحدة 63 متراً. مراحل المشروع تم تنفيذ مشروع الإسكان الاجتماعى في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، على أربع مراحل: المرحلة الأولى: شملت المرحلة الأولى إنشاء 15 ألفاً و828 وحدة بمساحة 100 متر مربع واستخدمت فيها أربعة نماذج معمارية تم تنفيذها فى مدينة العاشر من رمضان بواقع 848 وحدة، والشروق 3 آلاف و516 وحدة، والعبور 4 آلاف و88 وحدة، وفى القاهرة الجديدة 3 آلاف و788 وحدة، و15 مايو 692 وحدة، وفى 6 أكتوبر 2896 وحدة. وبلغت جملة تكلفة الوحدة 52 ألف جنيه تحملت الدولة منها دعماً قدره 20 ألف جنيه والباقي تحمله المستفيد من الوحدة ويدخل ضمنها قرض تعاونى قيمته 14 ألف جنيه يسدد على 40 سنة بفائدة 6% والقسط الشهرى 73 جنيهاً. المرحلة الثانية: شملت المرحلة الثانية من مشروع الإسكان الاجتماعى 34 ألفاً و627 وحدة بمساحة 70 متراً تم تنفيذها فى 9 مدن جديدة هى الشروق بواقع 4 آلاف و665 وحدة، والعبور 3 آلاف و83 وحدة، والقاهرة الجديدة 14 ألفاً و961 وحدة، و6 أكتوبر 2949 وحدة، والشيخ زايد 5 آلاف و199 وحدة، والسادات 140 وحدة، ودمياط الجديدة 60 وحدة، والمنيا الجديدة 220 وحدة. بدأت أعمال هذه المرحلة فى مايو 1998، وأنجزت بالكامل وبلغت تكلفة الوحدة 40 ألف جنيه تحملت الدولة منها دعماً قدره 15 ألف جنيه، ويتحمل الشاب 25 ألف جنيه يدخل ضمنها قرض تعاونى قيمته 15 ألف جنيه يسدد على 40 سنة بفائدة 5% ولا يزيد القسط الشهرى على 73 جنيهاً. المرحلة الثالثة: تبلغ مساحة الوحدات فى هذه المرحلة 63 متراً، فى حين بلغ عددها 17 ألفاً و904 وحدات، ونفذت فى 9 مدن هى العاشر من رمضان بواقع 2046 وحدة، والشروق 2063 وحدة، والعبور 2072 وحدة، و6 أكتوبر 4 آلاف و81 وحدة، ودمياط الجديدة 2496 وحدة، وبنى سويف الجديدة 1085 وحدة، والمنيا الجديدة 1700 وحدة، وأسيوط الجديدة 1869 وحدة، وطيبة 492 وحدة. بلغت تكلفة كل وحدة 28 ألفاً و500 جنيه، تحملت الدولة منها 10 آلاف جنيه وتحمل الشاب 18 ألفاً و500 جنيه، إذ يدخل ضمنها قرض تعاونى مدعم يبلغ 15 ألف جنيه يسدد على 40 سنة بفائدة 5% ولا يزيد القسط الشهرى عن 73 جنيهاً. الإسكان الاجتماعى فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2014 شهد عام 2014 طرح 24 ألف وحدة سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى بمقدمات حجز 5 آلاف جنيه، فى 9 محافظات. والوحدات التى طرحت كانت عبارة عن ثلاث غرف وصالة بمساحة وصلت ل 90 متراً بنظام التمليك.. وتم الطرح فى مدن بدر، وبرج العرب الجديدة، والسويس «حى عتاقة»، والبحيرة «مركز دمنهور»، ومدينة سوهاج الجديدة، ومدينة بنى سويف الجديدة، ومركز بياض العرب، ومركز باريس بالوادى الجديد، ونجع حمادى وأبوتشت فى قنا، وقويسنا وبركة السبع وشبين الكوم ومنوف والسادات وسرس الليان بالمنوفية. وكانت الشروط أن يتم سداد 15% من ثمن الوحدة، ويبدأ القسط الشهرى ب 480 جنيهاً كحد أدنى بزيادة سنوية 7% كحد أقصى، لمدة 15 عاماً، ويتم حسابه طبقاً لتكلفة الوحدة، ودخل المواطن. قدم صندوق التمويل العقارى دعماً نقدياً وصل إلى 25 ألف جنيه طبقاً للدخل، فى حين قدم البنك المركزى المصرى من خلال عدة بنوك تمويلاً للوحدات بأسعار عائد مخفضة «تُحسب على أساس مُتناقص» وتبلغ 7% ولا يتم تغييرها طوال فترة التمويل. عام 2015 تم طرح حوالى 30 ألف وحدة سكنية في مختلف المحافظات عام 2015، تقدم لها حوالى 120 ألف مواطن. الوحدات كانت مساحتها 90 متراً مربعاً، بسعر 135 ألف جنيه للوحدة. نصت الشروط على أن المتقدم للشقة سيدفع 15% من ثمنها، بواقع 15 إلى 18 ألف جنيه تقريباً، فى حين كان القسط الشهرى 480 جنيهاً بنسبة فائدة بسيطة 7% سنوياً. عام 2016 شهد العام الحالى طرح 100 ألف وحدة سكنية، بمقدم حوالى 9000 جنيه. شروط التقديم للوحدات السكنية: ألا يقل سن المتقدم عن 21 سنة ولا يزيد على 50 عاماً، فى بداية مدة الحجز. أن يكون المتقدم من محدودى الدخل، وألا يتجاوز دخل الأسرة 3 آلاف جنيه شهرياً، والفرد 2250 جنيه. شهادة تأمينات اجتماعية، شريطة أن تكون التأمينات سارية، ومبين بها بداية التأمين. شهادة معتمدة من جهة العمل تتضمن جميع البيانات الأساسية بصافى الدخل الشهرى، أو السنوى للزوج والزوجة، مع أى مستندات أخرى يراها المتقدم توضح دخله وتعزز أو تضيف للدخل، بشرط عدم تجاوز الحد الأقصى المسموح به. بالنسبة لأصحاب المهن الحرة، يتم تقديم شهادة من محاسب قانونى توضح صافى الدخل الشهرى، مع تقديم صورة من السجل التجارى أو البطاقة الضريبية لأصحاب المشروعات الصغيرة مثل محل أو ورشة. تقديم صور الشهادات الرسمية المثبتة للحالة الاجتماعية، وعدد أفراد الأسرة (صورة من وثيقة الزواج أو الطلاق أو الوفاة وشهادات ميلاد الأبناء، وتكون رقم قومى مميكنة)، وإيصال مرافق حديث لمحل السكن الحالى. محدودو الدخل تكشف الشروط أن محدود الدخل، هو كل شخص يزيد دخله عن 1500 جنيه ولا يتجاوز 2500 جنيه شهرياً. طوابير الإذلال تحاصر مقرات الصندوق العقارى صندوق التمويل العقارى، طريق العذاب للعديد من الشباب الطامحين فى تحقيق حلمهم بامتلاك شقة عن طريق الدعم المادى المقدم للمواطنين. ورغم أن الدولة تطلق على العام الحالى 2016 «عام الشباب»، إلا أن الشباب دائماً فى قائمة «الانتظار»، وليسوا من أولويات الوزارة، فالإسكان تمنح أولوية للمعاقين والمتزوجين والأرامل والمطلقات. أما عذاب الشروط التى يضعها الصندوق فهو شكل تانى، فبعد تقديم المواطنين كافة الأوراق المطلوبة، سرعان ما يكون للصندوق رأى آخر، فقد يعيد طلب الأوراق مرة أخرى لمرور عام على تقديمها مع أن التأخير ليس للمواطن ذنب به، فضلاً عن رفض الموظف الإجابة عن استفسارات المواطنين على أوراقهم ويكتفى بالعبارة المعروفة «اتصل بالخط الساخن» الأمر الذى يكلف الشباب كثيراً من الأموال ولا يحصلون فى النهاية على إجابة. ويشكو المواطنون من بطء الإجراءات وأيضاً الشروط الصعبة وسوء المعاملة من قبل موظفى صندوق التمويل العقارى والذى لا يسمح بدخول أحد إليه سوى المحظوظين. «الوفد» انتقلت إلى مقر صندوق التمويل العقارى بالمدينة 15 مايو، لترصد مشاكل المواطنين واستياءهم من معاملة موظفى الصندوق ممن يخرجون إليهم على فترات متباعدة ويطلبون منهم الانصراف والاتصال بالتليفون، وأحياناً تنشب مشادات كلامية بين الموظفين والمواطنين تنتهى بمعركة كبيرة لا ينتصر فيها إلا الأقوى. فى البداية، تحكى «فوزية محمد» عن معاناتها فتقول: أنا وأسرتى نعيش حياة شديدة البؤس ونسكن مع حماتى فى شقة واحدة بعد وفاة زوجى، فتقدمت بأوراقى عن طريق البريد للحصول على شقة لتسترنا أنا وأولادى منذ عام، ولا أعلم شيئاً عن مصير طلبى وأحضر أسبوعياً من المنوفية إلى مقر الصندوق فى 15 مايو من أجل أى معلومة أو معرفة مصير طلبى دون جدوى.. وللأسف يطلبون منى الاتصال بالتليفون على «الخط الساخن» والذى لا يرد.. وإن رد مصادفة يظل يتحدث دون فائدة وسعر الدقيقة 150 قرشاً مما يحملنا أموالاً جديدة ولذلك أفضل المجيء من المنوفية، وانتظر على باب الصندوق ولكن لا يسمح لنا بالدخول أو حتى معرفة أية معلومة.. وأضافت: «الموظفون يتعاملون معنا وكأننا متسولون فالغلابة مالهمش مكان فى البلد». ويتفق معها محمد مصطفى، موظف بسيط قائلا: تقدمت للحصول على شقة منذ عام ونصف العام وهناك إجراءات طويلة وأوراق كثيرة مطلوبة تصل إلى حد التعقيد وبعد الانتهاء من كل الأوراق، صدمت بعدما أخبرنى الموظف بضرورة عمل مفردات مرتب جديدة وعقد إيجار للشقة التى أعيش فيها رغم أنى قدمتها من قبل، ويضيف أنه وصل لمرحلة اليأس من كثرة الطلبات والأوراق وعند استكمالها يطالبون بأوراق جديدة، ووجه حديثه للمسئولين عن الصندوق قائلا: «حرام عليكم.. بهدلتونا». وأشارت نادية حلمى إلى أن والدها ووالدتها من ذوى الاحتياجات الخاصة ضمن نسبة 5% وتقدمت نادية بكل الأوراق المطلوبة للحصول على شقة لهم ضمن مشروع «1000» وحدة ودفعت المقدم وقدره 5 آلاف جنيه وكل الشروط مستوفاة ورغم ذلك ومنذ شهر أكتوبر من العام الماضى لم تصل الأوراق للصندوق كما أخبروها وحتى الآن لا تعلم شيئاً عن أوراقها وحائرة بين بنك الإسكان وصندوق التمويل العقاري. ويقول محسن عبدالوهاب: منذ عام ونصف العام وأنا مستوفى كافة الأوراق.. ودفعت المقدم، ولكن حتى الآن لم استلم الشقة التى وعدت الحكومة بتسليمها لمستوفى الشروط. ويرى عبدالرحمن محمد، محاسب، أن صندوق التمويل العقارى يمارس إذلال المواطنين، إذ لا يتم السماح لأحد بالدخول أو الاستفسار عن مصير طلبه والموظفون يقولون لنا إن الخط الساخن يجيب عن كل الاستفسارات علماً بأن الخط مشغول دائماً، بالإضافة إلى استغلال المواطنين من خلال تغريمهم تكلفة المكالمة فالدقيقة يصل سعرها إلى جنيه ونصف الجنيه ولا يعطيك الخط الساخن إجابة ويضطر المواطن فى النهاية للسفر إلى مقر الصندوق بالقاهرة ليعرف أين وصلت أوراقه.. وكالعادة الاجابة تكون فى انتظاره «ممنوع الدخول». وأكد ناجى عبدالرحمن محام، أنهم ليسوا متسولين والثورة نادت بالكرامة الإنسانية.. ولكن لم تصل إلى صندوق التمويل العقارى الذى يتفنن فى إهانة المواطنين أمام أبوابه، مطالباً المسئولين بمراعاة المواطنين والرد على أسئلتهم. وقال حسن صبحى إنه أراد أن يتقدم بأوراق ابنه الوحيد البالغ من العمر 22 عاماً لكى يحصل على شقة ليتزوج فيها فاصطدم بالواقع المؤلم الذى لا يهتم بالشباب ولا يضعهم من ضمن أولوياته. وأكد «صبحى» أنه تقدم بأوراقه منذ عام ودفع مبلغ 5000 جنيه، لكن حتى الآن لا يعرف شيئاً عن الشقة وما إذا كان طلبه قد تم رفضه أم لا، نظراً لعدم السماح لهم بالدخول إلى مقر الصندوق أو التحدث مع موظفيه وأشار إلى أن التعامل معهم سيئ جداً حتى مع كبار السن أو السيدات ويظلون منتظرين حتى نهاية اليوم على بابه دون جدوى. ويقول كمال محمد، من سوهاج، إن كل أوراقه مستوفاة رغم صعوبة الشروط وتعنت الموظفين معهم منذ شهر فبراير الماضى وحتى الآن لم يستلم شقته ولا يعلم عنها شيئاً. وأشار محمد إلى أنه يأتى منذ 6 أشهر إلى مقر صندوق التمويل العقارى للاستفسار بعد أن تقدم بكل الأوراق المطلوبة ودفع المقدم ولكن فى مقر الصندوق لا إجابة على شىء ولا يعلم ماذا يفعل!! ويحكى عبدالعزيز عبدالتواب أن اسمه ورد فى قرعة محدودى الدخل الخاصة بإسكان مدينة 15 مايو وتوجه إلى بنك الإسكان والتعمير واستوفى جميع الأوراق المطلوبة ورغم مرور أكثر من 7 أشهر لكن لا حس ولا خبر وكل ما اتصل بالصندوق يقولوا له: «لسه الرد مجاش».