رغم أن فكرة تحويل السجون إلى فنادق قد تبدو غريبة فى البداية، إلا أن بعض البلدان الغربية تقدم الآن أماكن إقامة كانت فى وقت مضى عبارة عن مرافق إصلاحية، لكن أن تتحول إقامة السجناء أنفسهم وعوائلهم إلى إقامة «فندقية» خلال فترة العقوبة تلك هى المبادرة الأولى من نوعها فى العالم العربى، التى نفذتها السعودية قبل أيام بتدشنتها أول «بيت عائلى» داخل سجن بريمان فى جدة بإشراف نسائى ومواصفات فندقية، لترتيب لقاءات بين السجناء وزوجاتهم. وتعد هذه البيوت– التى تعزز حقوق الإنسان للسجناء بصورة غير مسبوقة فى العالم- من أحدث التصاميم الفندقية المهيأة بممرات مفروشة وزينت بعشرات اللوحات الفنية والأشجار، وتشرف عسكريات وعاملات سعوديات على إدارة هذه البيوت فى سجون المملكة ليتمكن السجناء من لقاء زوجاتهم وأطفالهم بعيدًا عن أى حرج ينجم عن وجود الرجال. ويطبق برنامج اليوم العائلى داخل السجن أو الإصلاحية، ويستفيد منه جميع السجناء والسجينات الموقوفين والمحكومين سواء كانوا سعوديين أو غيرهم دون استثناء بعد قضاء 3 أشهر فى السجن من خلال عدد الوحدات السكنية التى خصصت لبرنامج زيارة اليوم العائلى والمجهزة بكامل الخدمات المنزلية، حيث يستطيع السجين الاجتماع بعائلته (الزوجة والأولاد) فى واحدة من هذه الوحدات السكنية من الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا. ويأتى تدشين البيت العائلى فى السجن العام بجدة استكمالًا لمشروعات البيت العائلى التى انطلقت فى كل من سجون المدينةالمنورة وحائل وجدة وخميس مشيط وأبها والرياض، التى اشتملت على 88 وحدة سكنية بمواصفات فندقية عالية. وحسب ما ذكرته صحيفة «عكاظ» فتحت 26 وحدة عائلية فى سجون جدة أبوابها لاستقبال النزلاء بعد تأهيل عناصر نسائية مدربة لتولى هذه المهمة من خلال ما يقدمه مركز تطوير القدرات النسائية التابع للمديرية العامة للسجون من دورات تخصصية وتدريبية. وتتضمن الوحدات صالات ترفيه للأطفال، وتحمل طرازًا فندقيًا مستوحى من تراث جدة التاريخية، وأثثت بالكامل، كما زودت بشاشات وثلاجات ومطبخ مصغر، بالإضافة إلى جميع الخدمات الأخرى من نظافة ووجبات غذائية تشرف عليها إدارة السجون. وتلقى فكرة «الخلوة الشرعية» أو «البيت العائلى» فى الخليج مؤخرًا رواجًا كبيرًا، حيث قررت الكويت البدء فى إنجاز المشروع الذى يسمح بزيارة شهرية للسجين الكويتى، يلتقى خلالها زوجته وأولاده ووالديه و أشقاءه فى وحدات سكنية خاصة داخل السجون لمدة تتراوح بين يوم و3 أيام، وفق ما ذكرته صحيفة «الرأى» الكويتية. ويتوقع أن يستفيد من هذا المشروع السجناء والسجينات الكويتيون البالغة نسبتهم ثلث إجمالى عدد السجناء الذين يتراوح عددهم بين 4 و5 آلاف سجين. من جهتها، أوضحت وزارة الداخلية الكويتية أن القرار يستثنى المتهمين بجرائم أمن الدولة وجرائم القتل وجرائم تجارة المخدرات، واشترطت على من يشملهم القرار أن يكونوا من المتهمين بجرائم بسيطة، وأن يكونوا حسني السيرة والسلوك، ومشاركين فاعلين فى أنشطة السجن الاجتماعية.. وكانت هولندا قد حولت السجون من عبء مادى إلى مصدر دخل للخزينة بتأجيرها لدول أخرى أو شركات حولتها إلى فنادق، كذلك بدأت أخيرًا استقبال طالبى اللجوء فيها. وتستقبل مئات السجون الهولندية السائحين، وتؤجر الغرفة «الزنزانة» بقيمة 130 يورو، أما «جناح القاضى» أو «السجان» أو «المدير» فكلفته أكبر، مثل فندق «هيت آرست»، أى الاعتقال فى جنوب شرق البلاد، هناك جرى تحويل غرف السجن وزنزاناته وفنائه الداخلى إلى غرف وأجنحة فندقية ومطاعم. وفى شهر أغسطس 2014 وصل نحو 250 سجينًا نرويجيًا إلى سجن هولندى، وكانت السلطات الهولندية قد أجّرت منشآتها وحراستها للحكومة النرويجية. وأقامت السجن الجديد الذى كان سابقًا مصحة نفسية على بعد عشرات الأمتار من سجن معروف فى مدينة فين هاوزن القريبة من الحدود الألمانية. وكانت سياسات ترشيد الإنفاق دفعت الحكومة الهولندية إلى إغلاق عشرات السجون دفعة واحدة عام 2014 ما أدى إلى تسريح مئات السجّانين والعاملين فى هذا القطاع إذًا لم يكن السبب انخفاضًا طرأ فى معدلات الجريمة. فبينما يكلف السجين الواحد يوميًا نحو 145 يورو داخل السجن من حراسة وطعام ورعاية، بات بإمكان الوسائل التكنولوجية تخفيض تلك التكاليف ومراقبة المحكوم والحدّ من حركته من خلال قيد إلكترونى يوضع فى القدم، ويقضى أصحاب الجرائم والجنح الخفيفة محكومياتهم فى منازلهم. وإلى جانب التوفير فى النفقات بات بإمكان الحكومة أن تدخل إلى الميزانية العامة بضعة ملايين من اليورو مقابل تأجير السجون، كما هو الحال مع الحكومة النرويجية، أو البلجيكية التى استأجرت سجن تيبلرغ.