أول جمعة من شهر أبريل موعد سنوي كل عام للاحتفاء بيوم اليتيم في أحدي دور رعاية الأيتام التي تحتضن ممن حرمهم القدر من أحد والديه، حيثُ تبدأ الأسر في اقتناء الهدايا والألعاب كمحاولة منهم لإسعادهم وتخفيف شعور آلامهم بالوحدة والنقص، وغيرها من الكلمات التي تعبر عن الشفقة من قبيل "يا حرام دا يتيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله"، دون أن يعيروا اهتماما بمدي تأثير تلك الكلمات على مسامع الطفل اليتيم وحالته النفسية. ولأن هناك فرقا كبيرا بين نظرات الشفقة والحنان، يقول الدكتور محمد عادل الحديدي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، قواعد الأتيكيت لا يقتصر دورها فقط على التعامل مع الآخرين أو آداب تناول الطعام فحسب، وإنما أيضا معاملة اليتيم تتطلب مزيدا من الأتيكيت والرقي للحدّ من شعوره بالنقص الذي يزداد يوما بعد يوم نتيجة فقدانه أحد والديه اللذان يمثلان السند والظهر بالنسبة له. ويضيف :"يولد اليتيم ويلازمه الشعور بالنقص، واحساسه بأنه مختلف عن نظرائه في كل شئ، فهؤلاء لديهم من يدعمهم ويقف بجانبهم في الحياة، وذلك لأن الأب يمثل السند والظهر بالنسبة للولد، ومصدر الأمان ومثال لزوج المستقبل بالنسبة للفتاة، والأم مصدر للأمان والحنان لكلا الطرفين. ويشدّد على الأسر التي تحرص على الاحتفاء مع الأيتام في يوم اليتيم، أن يتجنبوا نظرات الشفقة الممزوجة بالدموع والآهات، وتجنب التفويه أو التتمتم بعبارات من قبيل يا حرام ده يتيم وخلافه، مشيرا إلى أن نظرات الشفقة تشعره بالنقص وأنه أقل من غيره، مضيفاً:" يجب معاملته كطفل طبيعي، عن طريق الاحتكاك معه من خلال فتح حوار نقاش لمعرفه ما يعانيه وما ينقصه، ومحاولة التطلع على أفكاره وأحلامه المستقبلية، لسد خانة النقص في العلاقة". ويستطرد "الحديدي" قائلا :" تكثيف الزيارات والهدايا والأنشطة الترفيهية التي تتم من جانب المؤسسات الخيرية في يوم واحد يجعل الطفل يشعر بوجود شئ غير طبيعي، ويتسائلون لما هذا اليوم بالتحديد"، مؤكدا :"أن اليتيم في حاجة لمن يعوله ويهتم بأموره، ويقف بجانبه في عقبات حياته، لافتا إلى أن الهدية أو الأغنية أو الربت على الكتف والظهر غير كفيل لتخفيف أوجاعه". ويوجه حديثه للحريصين على الاحتفاء بيوم اليتيم، بإلا يجعلوا مقصور على يوم واحد في السنة، وأن يتقمصوا دور الوالدين لتعويض حالة النقص لديهم، وغرس القيم والمبادئ بداخلهم، والعناية بتهذيب نفوسهم حتي يكونوا أفراد نافعين في المجتمع، واحتوائهم وتوفير الرعاية لهم، وسد احتياجاتهم فهم أحق فئة بالحب والاهتمام.