أعتقد أننا عندما طالبنا بإبعاد كل من شارك في تزوير الانتخابات الماضية، فنحن نتحدث عن كل من أعد أو ساهم أو شارك في عملية الانتخابات، وأعتقد أن مطلبنا هذا ينطبق على بعض المسئولين في الدولة آنذاك، وعلى رأس هؤلاء قيادات وزارة الداخلية ، حيث نعلم جميعا أن وزارة الداخلية شاركت بالنصيب الأكبر في عملية التزوير، فقد كانت أداة النظام والحزب الوطني التي زورت وزيفت الأصوات والنتائج النهائية، وأن هناك شبه اتفاق وإجماع على أن وزارة الداخلية هي اليد التي لعبت بأصوات الناخبين. لهذا من الغريب أن نعلم أن المسئول في وزارة الداخلية عن إدارة العملية الانتخابية القادمة هو نفسه بشحمه ولحمه الذي أدار العملية الانتخابية خلال العشر سنوات الماضية، وعلى وجه التحديد هو نفس المسئول الذي أعد وأشرف على انتخابات 2010، فقد فوجئت عندما تأكدت من بعض الأصدقاء أن اللواء محمد رفعت قمصان مساعد أول وزير الداخلية هو المسئول عن إدارة الانتخابات بعد الثورة، حيث يشغل الآن نفس المنصب الذي كان يشغله قبل الثورة، وهو قطاع الشئون الإدارية والانتخابات بوزارة الداخلية، وهذه الإدارة حسب علمي هي التي تعد للعملية الانتخابية، ابتداء من تجهيز كشوف الناخبين، ومرورا بتحديد الدوائر الانتخابية، ومقرات اللجان، وتحديد المشرفين في كل لجنة من الموظفين والقضاة، وإعداد الصناديق ونقلها، وتجميع النتائج ورفع النتيجة النهائية للوزير أو للمسئولين في الدولة، وقد سبق وقامت هذه الإدارة برئاسة اللواء قمصان بإدارة انتخابات مجلس الشعب الماضية، ونحن نعلم ما هي انتخابات 2010، وكيف تم تزويرها في المرحلة الأولى، وكيف قام أحمد عز، فك الله سجنه، من خلال أدواته في وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة باللعب فى الصناديق والوصول بالنتائج إلى نسبة 99% حزب وطني، وهو ما دفع حزب الوفد إلى إعلان انسحابه منها، ومن بعده انسحبت جماعة الإخوان، وكانت الشرارة الأولى لقيام الثورة. المدهش فيما سمعته ليس فقط في أن اللواء قمصان هو الذي سيدير ويشرف على الانتخابات القادمة أول انتخابات برلمانية تجرى بعد الثورة، ولا أنه هو الذي أشرف على استفتاء الإعلان الدستوري بعد الثورة، بل في أن اللواء قمصان بلغ سن التقاعد وقد تم المد له لمدة ستة اشهر بموافقة المجلس العسكري، وهو ما يعنى أن هناك سبق إصرار من قبل المجلس الحاكم العسكري ووزارة الداخلية من الإبقاء على اللواء قمصان في منصبه وقيامه بالإعداد وإدارة الانتخابات البرلمانية القادمة، لماذا؟، الله أعلم. على أية حال هناك شبه اتفاق وإجماع بين القوى والأحزاب السياسية على إصدار قانون يمنع كل من أفسد الحياة السياسية في المشاركة مرة أخرى خلال الخمس سنوات القادمة، وقد طالبنا بان يشمل القرار جميع قيادات الحزب الوطني، وجميع الأعضاء الذين شاركوا في انتخابات 2010 من الحزب الحاكم، وأن يشمل القانون كذلك جميع المسئولين في الدولة الذين ساهموا بشكل ما في إفساد الحياة السياسية من خلال مواقعهم الوظيفية. وإذا كان قانون المنع أو العزل أو الحظر أو الغدر(المزمع إصداره) سوف يشمل من شاركوا في العملية الانتخابية، فمن باب أولى أن يشمل من أعدوا واشرفوا على العملية الانتخابية ذاتها، فكيف أمنع النواب الذين فازوا أو رسبوا فى انتخابات 2010، تحت زعم المشاركة في التزوير أو إفساد العملية الانتحابية، ولا أمنع الذين مهدوا لهم الإفساد أو التزوير؟، كيف أعزل من نجحوا من أعضاء الحزب الوطني وأبقى على من سهل لهم هذا النجاح؟، ما هو المقصود من استمرار المسئول عن الانتخابات المزورة فى منصبه؟، لماذا تبقى وزارة الداخلية والمجلس العسكري وحكومة فلول الحاج شرف على اللواء قمصان الذي طبخ انتخابات برلمان 2010؟، لماذا لم يتم تغييره في حركة ضباط الوزارة؟، لماذا تم المد له بعد بلوغه سن التقاعد؟، ولماذا كلف بالإعداد والإشراف على انتخابات البرلمان القادمة؟، وهل سيتم المد له لكي يشرف على انتخابات الرئاسة؟.