عشش خشبية عفى عليها الزمن لا تستر ما بداخلها، بيوت قديمة ومتهالكة مياه الصرف الصحي تتخلل جدرانها التي تحاصرها المخلفات والقمامة، لا خدمات ولا مرافق حياة تجسد صورة غير آمية يستوطنها أشخاص حاملون لأمراض مزمنة لغياب الرعاية الصحية عن المنطقة، وكأنها تعلن عن انتظارها كارثة محدقة لتنهار على رؤس قاطنيها المستسلمين والمتعايشين مع الأمر الواقع أنها عزبة أبو حشيش. تقع عزبة أبوحشيش، على مساحة حوالى 10 أفدنة، يسكنها أكثر من 6 آلاف نسمة، يعيشون فى فقر مدقع، صانعين بيوتهم إما من الألواح الخشبية والصاج، أو الطوب الذى عفى عليه الزمن . "بوابة الوفد" تجولت داخل حارات وممرات عزبة أبو حشيش الضيقة لرصد معاناة أهالي المنطقة الذين سقطوا من حسابات المسئولين، ولا يزالوا حتى الآن عاجزين أمام إيجاد حلول للقضاء على العشوائية فى المنطقة. فبمجرد وصولنا إلى منطقة غمرة، لبدأ الجولة بعزبة أبو حشيش تخيلنا فى بادئ الأمر أنها منطقة مخصصة لبيع الروبابيكا والخردوات القديمة فقط، لما وجدناه من انتشار مكثف، للأدوات المنزلية القديمة، والأجهزة الكهربائية المتهالكة، فضلا عن انتشار أكوام القمامة والخشب والصاج والحديد بجميع الشوارع الرئيسية والجانبية للمنطقة. وبالتجول أكثر داخل الحارات والممرات الجانبية للمنطقة، التى لا يزيد اتساعها عن المتر الواحد ستجد أغلبية العقارات غارقة فى مياه الصرف الصحى، وأكوام القمامة تحاصرها يمنيًا ويسارًا، فضلًا عن حالة التربص و الخوف التى كانت تبدو على ملامح السيدات والرجال بالمنطقة. فتحية محمد، أحد سكان المنطقة، قالت إن العديد من المسئولين يترددون من الحين إلى الأخر عليهم للسماع إلى شكاوهم، ووعدهم بإيجاد حلول لهم وتطوير المنطقة فى أسرع وقت، ولكن لا يتحقق شيئا من ذلك. واضافت ان منزلها يحتوى على العديد من الشروخ بالسقف مما يتسبب فى هطول الامطار عليهم فى فصل الشتاء، ولكن الفصل الاكثر صعوبة بالنسبة لهم هو الصيف حيث ان ارتفاع درجة الحرارة تجعلهم يشعرون وكأنهم يحترقون . وأشار عم محمد، بالغ من العمر 75 عاما، إلى أن لديه 10 أولاد فى مراحل عمرية مختلفة بحاجة إلى التعليم والمأكل والملبس وهو أصبح غير قادر على تحمل مصاريفهم لذلك اجبر على حرمان ابنه الاكبر من استكمال دراسته للمشاركة في سد احتياجات الأسرة. وأوضح محمد أنه يعيش هو وأسرته داخل حجرة واحدة وصالة ودورة مياه مشتركة، ولا يملكون سوى سريرين يتبادلونه أبناؤه فى النوم عليهم يوميا . وتدخلت فى الحديث أمينة يسرى، بائعة للحلوى، قائلة:"إن ساكنى المقابر يعيشون فى حال أفضل من حالهم فهم دائما مايشعرون وكأنهم كالاموات"، متمنية أن ينظر لهما بعين الرحمة ويسعى أى مسئول الى مساعدتهم . وقالت "انا لا املك أى شيئا سوى حجرة متر ونصف فى اتنين متر ونصف موضحة أن أولادها يلجأون إلى الجيران لشرب المياه الباردة فهى لا تملك حتى ثلاجة". فيما أشار ابراهيم على"حداد"، إلى أن القوات المسلحة أجرت عمليات تطوير بأحد منازل المنطقة كما أنها قامت بإنشاء مركز للشباب، مطالبًا الهيئة الهندسية باستكمال التطويرات بجميع منازل المنطقة. وأضاف أنهم أحيانًا يغرقون فى مياه الصرف الصحى حتى أنها تصل إلى داخل منازلهم وتعيق حركتهم . شاهد الفيديو كاملا