«سيناء رجعت كاملة لينا» تعالت الأصوات لتتغنى بعودة سيناء كاملة، باسترداد طابا في 19 مارس 1989، وتناسى الجميع أن الانتصار منقوص، وهناك جزء مصري خالص مازال تحت سيطرة الكيان الصهيوني، وهو قرية «أم الرشراش». جدل دائر منذ عشرات السنوات حول مصرية «أم الرشراش» حيث اختلفت الأقاويل بينها كونها جزء مصري تحتله إسرائيل حتى الآن، أو مدينة إسرائيلية بالأساس، أو فلسطينية كما أشار احمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق. قرية «أم الرشراش» أو ميناء «إيلات» حالياً، مدينة إسرائيلية على ساحل خليج العقبة، تقع فى أقصى جنوبفلسطين بين مدينتى العقبة الأردنية من الشرق وبلدة طابا المصرية من الغرب. وأنشئت المدينة في 1952، حيث احتلتها قوة إسرائيلية بقيادة اسحق رابين في 10 مارس 1949، وتحتوي على ميناء يصل إسرائيل بموانئ الشرق الأقصى، ويوجد فيها مطارين يخدمان السياح، كما يربطها معبر حدودي مع مدينة العقبة الاردنية، و«أم الرشراش» هي الحبل السُري بين مصر والعرب، وهمزة الوصل بين المشرق والمغرب العربي، ومن هنا تأتي أهميتها لدي مصر باعتبارها أرضًا مصرية تختصر المسافات بين الدول العربية. ولنفس السبب أيضًا تظهر أهميتها لدى إسرائيل، والتي تتمسك باغتصابها لفصل وإبعاد مصر عن الدول العربية، لكونها محطة أساسية واستراتيجية يمر عليها الحجاج في طريقهم إلى الحجاز. تبلغ مساحة «أم الرشراش» 1500 متر مربع، ولأهميتها الاستراتيجية سعى الغزاة دائما للسيطرة عليها، ففي أيام الحروب الصليبية لم يغفل الصليبيون عن احتلالها مرتين، وفي الأولى أخرجهم منها صلاح الدين الأيوبي، وفي الثانية أخرجهم منها الظاهر بيبرس. وكانت تحت الحكم المصري حتى نهاية القرن التاسع عشر أثناء حكم الطولونيين، وفي عام 1906 وبسبب وجود مصر تحت الاحتلال البريطاني قامت القوات العثمانية باحتلال «أم الرشراش». ووقعت أزمة عالمية وقتها قامت على إثرها بريطانيا بالضغط على اسطنبول، وانسحبت القوات العثمانية وعادة «أم الرشراش» لمصر بفرمان عثماني. ومع نهاية حرب فلسطين، كان يقيم بها حوالي 350 فردا من جنود وضباط الشرطة المصرية حتى يوم 10 مارس 1949، عندما هاجمتها إحدى وحدات العصابات العسكرية الصهيونية، وقتلت كل من فيها واحتلتها غدرا بقيادة إسحاق رابين، رئيس وزراء إسرائيل في هذا الوقت. ولأن القوات المصرية كانت ملتزمة بعدم إطلاق النار بحسب اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل لإنهاء حرب 1948، فلم تطلق الشرطة المصرية طلقة واحدة، أما اليهود فقد كسروا الاتفاقية وقاموا بمذبحة قتل فيها جميع أفراد الشرطة المصرية واحتلوا «أم الرشراش» وحولوها إلى ميناء إيلات 1952. وتعود تسمية المنطقة «أم الرشراش» نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي كانت تقيم بها، كما تشير دراسات مصرية إلي أن القرية كانت تدعى في الماضي «قرية الحجاج» حيث كان الحجاج المصريون المتجهون إلى الجزيرة العربية يستريحون فيها. الصمت المصري تمنى الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» استرداد «أم الرشراش» ورفض استبدالها بكوبري يمر فوقها ويربط بين المشرق والمغرب العربي، قائلا: «كيف نستبدل أرضنا بكوبري ممكن أن تنسفه إسرائيل في أي وقت ولأي سبب». وفي عهد السادات، ورغم تمنيه استرداد «أم الرشراش» إلا أن استرداد طابا كان له الأولوية أمامه، وأعطى طابا جُل اهتمامه باعتبارها أهم وأكبر، ومع ذلك أدرجت «أم الرشراش» ضمن ملف التحكيم الدولي الذي رفعته مصر بشأن طابا. أما الرئيس الأسبق مبارك، فهناك الكثير من المواقف التي تؤكد مصرية هذه القرية، منها مطالبته الإسرائيليين عام 1985 بالتفاوض حول أم الرشراش، التي أكدت مسبقا جامعة الدول العربية بالوثائق أنها أرض مصرية. كما أعلن الرئيس مبارك، كما ورد بجريدة العربي، في عام 1996 أن أم الرشراش مصرية. مصرية أم إسرائيلية تأسست الجبهة الشعبية المصرية لاستعادة «أم الرشراش» وتضم باحثين وحقوقيين وأساتذة قانون دولي وصحفيين وجغرافيين، وجميعهم يؤكدون مصرية أم الرشراش. وفى مفاوضات تحرير طابا صرخ أسامة الباز في عزرا فايتسما وقال له إذا كنت تجادل في تحرير طابا فأعطنا أم الرشراش. كما نسب بيان للباز أكد أنه أدلى بتصريحات أعلن فيها أن بلاده سوف تلجأ إلى استخدام ذات الأساليب التي حررت بها طابا لاستعادة أم الرشراش، لأنها من بين القضايا المعلقة بين مصر وإسرائيل. وبعد نجاح ثورة 25 يناير، تحرك ملف أم الرشراش مجددا حيث تقدم رئيس حزب الأمة، وعلى أيوب المحامى، بدعوى ضد كلا من رئيس الوزراء الأسبق، ووزير الخارجية الأسبق، ورئيس مجلس الشعب الأسبق، والسفير الإسرائيلي في مصر بصفتهم، لامتناعهم عن عمد عن إصدار قرار بتحويل قضية استعادة أم الرشراش المعروفة إسرائيليا باسم "إيلات" للتحكيم الدولي. أبورشراش فلسطينية وفي 2008، أعلن وزير الخارجية الأسبق، احمد أبو الغيط، أن قرية «أم الرشراش» ليست أرضا مصرية، وفقا لاتفاقيتي عامي 1906 و 1922، مشيرا إلى أنها كانت ضمن الأراضي المعطاة للدولة الفلسطينية، وفقا لقرار الأممالمتحدة 181 في نوفمبر عام 1947. وأوضح أبو الغيط، أن إسرائيل دخلت إلى هذه القرية بالعدوان على حقوق الفلسطينيين، وكل ما يثار من مطالب مصرية في هذا الشأن هدفها إثارة المشاكل بين مصر وإسرائيل.