تجددت مرة أخرى أزمة شركة المكتب العربى للتصميمات والاستشارات الهندسية التابع للشركة القابضة للتشييد والتعمير، حيث يعانى المكتب منذ فترة طويلة من عدم الحصول على حجم أعمال مناسب، فضلا عن محاولات عديدة جرت لوقف حال هذا المكتب وتصفيته منذ 1991 ثم تم نقل تبعيته من وزارة الإسكان إلى وزارة الاستثمار. منذ أيام تقدمت اللجنة النقابية للعاملين بشركة المكتب العربى للاستشارات والتصميمات الهندسية بمذكرة قدموا منها عدة نسخ إلى رئيس الوزراء وعدد من الوزارات، تطالب فيها اللجنة النقابية باتخاذ موقف جدى من المشكلة التى يعانى منها المكتب العربى التى أدت إلى تدهور أوضاعه. أشارت المذكرة التى حصلت «الوفد» على نسخة منها أن المكتب العربى كان من أكبر الجهات الاستشارية خلال فترة تبعيته إلى وزارة الإسكان وأن يد التخريب طالته منذ عام 1991 ليتم نقل تبعيته إلى الشركات القابضة المتعاقبة لينتهى به الوضع إلى تبعية وزارة الاستثمار بالشركة القابضة للتشييد والتعمير وطالبت المذكرة بإعادة تبعية المكتب إلى وزارة الإسكان مرة أخرى. وأشارت المذكرة إلى أن وزارة الإسكان هى قاطرة التنمية والمكتب العربى أحد تروس هذه التنمية. وكانت أزمة المكتب العربى قد تفاقمت بعد ثورة 25يناير ووقتها طالب العاملون بالشركة بضرورة نقل تبعية المكتب إلى وزارة الإسكان لضمان حجم أعمال مناسب يتوافق مع قدرات الشركة وهو ما قوبل وقتها بمسكنات وقتية. ثم تجددت المشكلات مرة أخرى العام الماضى عندما قامت إدارة الشركة القابضة للتشييد والتعمير بنقل العديد من العاملين بالشركة إلى المكتب العربى وصفه البعض بأنه تصفية حسابات وعقاب للبعض واعتصم وقتها العاملون بالشركة وطالبوا بوضع تصور لإنقاذ المكتب وانتهت الأزمة على وعد بإعادة هيكلة الشركة وضمان حجم أعمال مناسب لها وهو ما لم يحدث فعلياً على أرض الواقع مما دفع العاملين إلى معاودة المطالبة بنقل تبعية المكتب إلى وزارة الإسكان. ويعود تاريخ شركة المكتب العربى للتصميمات والاستشارات إلى بداية عشرينيات القرن 19 أنشئت مصلحة تختص بإنشاء المباني العامة للدولة وتشرف عليها، وكانت تسمى «مصلحة البنايات أو الأبنية أو مصلحة المعمار»، وفي عام 1829 أنشأ محمد علي «ديوان الأبنية»، ثم تحول اسمه إلى «مصلحة المباني الأميرية» في الربع الأخير من القرن 19، وفي عام 1952 أنشئت «مؤسسة أبنية التعليم» ولكن بإنشائها لم تلغ مصلحة المباني. وفي عام 1958 تم تعديل اسمها إلى «مؤسسة الأبنية العامة»، وكان من مهامها أن تتولى رسم سياسة إقامة الأبنية لمختلف الوزارات والهيئات العامة، وفي عام 1962 تم ضم «مصلحة المباني الأميرية» إلى مؤسسة الأبنية العامة. وفي عام 1965م صدر قرار جمهوري بتغيير اسم «مؤسسة الأبنية العامة» إلى «المؤسسة المصرية العامة للأبنية العامة» التي تحولت بعد ذلك بالقرار الجمهوري رقم 4416 لسنة 1965 الصادر بتاريخ 28/11/1965 إلى شركة مساهمة عربية تسمى «المكتب العربي للتصميمات والاستشارات الهندسية» (Arab bureau for design & technical consultations). وفي عام 1971 صدر قرار بضم «المكتب العربي للتصميمات والاستشارات الهندسية» إلى «الهيئة العامة للتخطيط العمراني» التابعة لوزارة الإسكان والتشييد، ثم نقلت تبعيته إلى وزارة الإسكان والتشييد مباشرة وذلك عام 1973م، وظل المكتب يتنقل في تبعيته للشركات والهيئات العامة إلى أن استقر في تبعيته للشركة القومية للتشييد والتعمير التابعة لوزير مفوض بإدارة شئون قطاع الأعمال العام. أما فيما يتعلق بأرشيف المكتب فهو يعد أقدم أرشيف معماري في مصر. ومن الجدير بالذكر أن هناك بروتوكول تعاون بين مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي والمكتب العربي للتصميمات والاستشارات الهندسية على تحويل مقتنيات المكتب إلى الشكل الرقمي. وبعد الانتهاء من تحويل مقتنيات المكتب، حولت جميع الرسومات المتعلقة بالمشروعات التاريخية التي قام المكتب بتصميمها إلى دار الوثائق القومية. ويعتبر أرشيف الرسومات المعمارية أحد أهم أنواع الأرشيفات المتخصصة. فالرسومات المعمارية تقدم معلومات تاريخية لا يمكن الحصول عليها من أي مكان آخر، كما أنها تصور حالة الفن في فترة زمنية معينة؛ لأن كثيراً من هذه الرسومات يعتبر أعمالاً فنية. ويتميز أرشيف المكتب العربي بأنه يضم الرسومات الأصلية التي يبدأ تاريخها منذ عام 1898 وحتى الآن. كما يضم الأرشيف الفني للمكتب العربي مجموعة قيمة ونادرة من الرسومات المعمارية الأصلية التي أنتجت على مدى قرن من الزمان وأكثر، حيث يرجع تاريخ أقدم مشروع إلى عام 1898، وهو مشروع السلخانة وهناك العديد من الرسومات للمشاريع المختلفة التي تولى المكتب تصميمها ويتجاوز عددها 110000 رسمة فيما يزيد على 4500 ملف منها جميع مباني مؤسسة الطاقة الذرية وبعض الرسومات المتعلقة بالسد العالى وعدد من مطارات مصر القديمة مثل مطار ألماظة والإسكندرية وقصر يوسف باشا وهو الآن معهد بحوث الصحراء كذلك جامعة الإسكندرية والنادى الأهلى بمدينة نصر ومبنى دار القضاء العالى. وجميع مجمعات المحاكم فى مصر مجمع محاكم مصر الجديدة. مجمع محاكم طنطا والزقازيق الطور الغردقة العدوة أسوان، ومبنى مجمع التحرير وأكاديمية الفنون وجميع المبانى الأمنية من مديريات الأمن بالجمهورية ومن سجون قديمة وجديدة أكثر من 40 سجناً، كذلك مبانى أمن الدولة ومكافحة الإرهاب وأكاديمية الشرطة القديمة والجديدة ووزارة الداخلية و معظم مبانى أقسام الشرطة والإطفاء بمصر ومبانى حديقة الحيوان بالجيزة ومستشفى حميات العباسية ومبنى وزارة المالية وضريح سعد زغلول والمركز الثقافى الإسلامى فى فيينا والمسجد الجامع والمركز الإسلامى بلندن. ويؤكد العاملون بالمكتب ضرورة الحفاظ على تاريخاً لمكتب وخصوصيته مؤكدين أن القرار الجمهورى الخاص بتأسيس المكتب رقم 4416 لسنة 1965 الصادر بتاريخ 28/11/1965 إلى شركة مساهمة عربية تسمى «المكتب العربي للتصميمات والاستشارات الهندسية لا يمكن إلغاؤه إلا بقرار مماثل وقال العاملون إن تصفية المكتب وإهدار أهميته هو إهدار لذاكرة مصر المعمارية والأمنية للمبانى الحكومية والسيادية والتذكارية التى تعد ثروة قومية ملكاً للأجيال القادمة وأكدوا ضرورة وجود مكتب هندسى رسمى تعتمد عليه الحكومة فى جميع المشروعات.