عاشق المسرح النجم الكوميدي مجدي فكري يعود بقوة فوق مسرح مبتروبول، من خلال «حارة السنان».. رائعة جديدة تنتمي الى النقد الساخر اللاذع لأوضاع اجتماعية عاشتها مصر وعايشها الشعب على مدار اربعين عاما، كادت أن تصل بالبلاد الى ما وصلت اليه سوريا وليبيا واليمن، لولا يقظة الشعب المصري الذي كتب عنه مؤرخنا المفكر جمال حمدان «المصريون يختمرون في داخل خلاياهم كل أشكال العبقرية والتمرد والمقاومة».. نص المسرحية للكاتب والشاعر الشاب سامح سليم، أراد من خلالها ان يوقظ الضمير الحي لدى الشعب حتى لا تفتر حماسته في أعقاب ثورة 31 يونية التي نجحت في طرد أكبر استعمار عالمي - الاستعمار الامريكي - بعد احتلال دام أربعين عاماً.. وهو ما فشلت فيه شعوب أخرى حاولت وقاومت وتراجعت أمام طغيان الخبث الصهيوني الأمريكي.. المسرحية تحذر من الذين كانوا يسعون لبيع مصر للمستعمر مهما تغيرت أشكاله وألوانه، وتحذر المجتمع من العودة الى الخديعة. المسرحية تعيد المخرج والكاتب الكبير حسن سعد الذي دعم مسرحنا المصري والعربي بعشرات الأعمال الجادة التي تضعه في قائمة كبار مبدعي ومنقذي مسرحنا، فهو مؤلف بداخله شوكة التحدي كمخرج راسخ وهو مخرج تستفزه إبداعاته المكتوبة فوق الورق.. والناتج هو هذا الكيان المسرحي النموذجي المشع.. يكثف في مسرحية «حارة السنان» خبرته فاذ به يخرج بنا من الحارة الشعبية الى آفاق من الفكر ومساحات من التمرد على التحديات التي تواجهنا.. ديكور المسرحية كان نابضاً بالحياة للمبدع أحمد شوقي وبرغم أن حسن سعد اراد ألا يغير هذا الديكور وفي كل مشاهد المسرحية تحدي الملل، فكان متألقاً مجدداً كل خلايا نجومه. النجم مجدي فكري في أعلى حالاته، يتفاعل مع الشخصية حتى النخاع وينطلق بها الى سحر الاداء البسيط العميق.. هو فنان ذو رؤية لا يقبل الا ما يجد نفسه فيه، يختار أعماله بدقة وتكون ذائقته دائما في خانة المتلقي، فمنذ رأيناه في مسرحية سعد الله ونوس «الملك هو الملك» للمتألق دائما مراد منير، ونحن نترقبه بريقاً أخاذاً مميزاً الى حد التفرد. عصام الشويخ نموذج للفنان المتكامل، أراه مخرجاً صاحب فكر راديكالي ينحاز دائما الى أزمات البسطاء ويرتقي في بلورتها وتجسيدها كاريكاتورياً.. في اداء ساخر أخاذ في مسرحيتنا نجح في حشد مشاعر المتلقي بذكاء ووعي وترقب منا لأعماله دائما. النجمة مونيا، جاءت في دورها مبدعة واثقة الخطى، تضيف الى رصيدها.. وإن كنت أتمنى ألا تعتكف عن الاضواء.. لأن ذاكرة الفن - عامة - قاسية، قد تحذف من يتوارى عن الضوء مهما كانت عبقريته. محمد الخولي، أدى دوره في بساطة ودقة توحي بموهبة كبيرة تخترق الحواجز سريعاً.. طالما يلتزم بتقاليد الفن الحقيقي بعيداً عن السائد من انحطاط وتردي وزحف وراء المشرع الصهيوني الذي يهدف الى تدمير فنوننا مثلما نجحوا في العراقوسوريا حيث نقلوا موروثهم الفني وآثارهم الى متاحف واكاديميات نيويورك وتل أبيب. الفنان محمد عنتر، برع في تقديم شخصية الخواجة المستعمر الذي يسعى لتدمير الشخصية المصرية لصالح الغرب. عادل زهدي فنان درس دوره بوعي لمفرداته الحقيقية. عايدة غنيم، أدت دورها بحرفية وكذلك الفنانون ثناء وجمال والمها وابراهيم وسحر وخالد. موسيقى باسم عبدالعزيز مفاجأة وخاصة في تلحين الاغاني التي كتبها سامح سليم.. وكانت استعراضات وفيق كمال مبدعة تستكمل خطى الحوار وتلتزم به.