بارقة أمل بدأت تنير قلب الحاجة فادية محمد بعد 18 عاماً من المعاناة مع ابنتها زينب التي تعاني من تأخر في نموها العقلي وتأخر في النطق ومشاكل في الحركة.. داخل حديقة مركز قناة السويس لتنمية قدرات الأطفال كانت الأم والابن الأكبر في انتظار انتهاء «زينب» من جلسة التعلم التي تواظب على حضورها للأسبوع الثالث على التوالي ليصطحبوها إلى المنزل.. داخل المركز الأول من نوعه في محافظات القناة وسيناء والأول في مصر المقام على نموذج عالمي كان أولياء الأمور في ساحات الانتظار بحديقة المركز الأمامية ينتظرون مواعيد انتهاء أطفالهم من الجلسات الخاصة. وتقول أم زينب: «أنا قعدت 18 سنة مش عارفة أتعامل مع بنتي، لا قادرة أستوعب عصبيتها وغضبها ولا فاهمة هي عايزة إيه، زينب اتولدت طبيعي وأصيبت وهي رضيعة برعشة في الدماغ وبعدها عرفت أنها تعاني من «كهربة زيادة» في المخ وده طبعاً أثر على نموها العقلي وصعوبة في المشي وعدم الكلام وتأخر بالنطق». وأضافت: «رحلة شاقة مع الأطباء وفي المستشفيات كان كل هدفنا فيه تحسين وضعها الصحي وخلال الرحلة فقدنا الأمل أن زينب ممكن تتحسن حالتها وتعرف تتكلم وتمشي وتتعلم». وتابعت: «إحنا عايشين في قرية بالإسماعيلية وكان كل علمنا أن المكان الوحيد اللي ممكن يستوعب الأطفال اللي زي زينب هو المدرسة الفكرية ولكن إحنا فضلنا بقاءها في البيت».. وأكدت: «لما عرفت أن في مركز متخصص بيقبل الحالات زي زينب وأن ممكن يكون فيه أمل ولو ضعيفاً أن البنت تكون أحسن جيت وبصراحة لاقيت في الأول اهتمام منهم سوى بالبنت أو بالأسرة وبدأت ألاحظ أن زينب بتتغير للأحسن بعد جلسات التخاطب وتنمية المهارات وكان ده السبب إني أواظب على حضورها». وتابع محمد عادل، شقيق زينب: « هناك تحسن في حالة زينب ولدينا ثقة وأمل أن زينب هيحصل عندها تغيير لأننا لاحظنا ده مع أول جلسات بدأت تتلقاها هنا».. وأضاف: «أنا كنت فرحان لما عرفت من المدربين أن زينب ممكن مع التدريب والمواظبة على حضور الجلسات يحصل عندها نمو في قدراتها العقلية تصل لسن فتاة في الثامنة عشرة من عمرها وهو ما أعتبره إنجازاً كبيراً وأظن ان هذا يكفي ويدفعنا كأسرة لمواصلة التدريب مع زينب». وقالت منال سامي، مدربة وإخصائية تخاطب بالمركز ومسئولة عن زينب: «زينب تعاني من تأخر عقلي وتأخر في الكلام ولم يسبق لها التعامل والتعلم داخل مراكز متخصصة وهو ما يستدعي إعداد برنامج تدريبي وتعديل سلوكي لزينب، وفي الجلسات الأولى بدأنا برنامجاً تعريفياً للأشياء البيئية المحيطة بنا كالطيور والحيوانات وبالفعل تمكنت خلال فترة بسيطة من الكلام وتحسين مخارج الحروف وتم بالفعل تدريبها على معرفة الأشياء في أماكن وأوقات مختلفة ومع أشخاص مختلفين حتى يتم تعميم المفاهيم، وتضمن البرنامج الخاص بزينب تدريب اللسان على نطق الحروف». وقالت زينب فؤاد، موجهة بالتربية والتعليم وأم للطفل أحمد 9 سنوات: «أحمد مازال مبتدئأ في جلسات التخاطب بالمركز ولكن ألاحظ أن هناك تقدماً في حالته».. وأضافت: «أتمنى أن يزود المركز برعاية الأطفال ذات المواهب الموسيقية لأن أحمد ميوله موسيقية». وقالت أم ياسين 4 سنوات: «ياسين ابني لديه تلعثم في نطق بعض الحروف وهو يخضع لتدريب في التخاطب وتنمية المهارات».. وأضافت: «وجود مركز متخصص في علاج وتأهيل الأطفال نفسياً وتنمية مهاراتهم وسلوكياتهم ومجهز ويتبع النظم العالمية يعد بارقة أمل». وتقول منى ماهر، إخصائية تخاطب وأكاديمي بالمركز: «أنا مسئولة عن تدريب وتأهيل نحو 9 أطفال يترددون عليّ في الأسبوع الواحد ومهمتي تختلف مع كل طفل حسب حالته واحتياجاته وتدريب الأطفال يستقطع منه دقائق لتدريب ولي أمر الطفل تحقيقاً للتكامل بين المركز وفي البيت». وتابعت: «من خلال برنامج aba بسعى لتعديل سلوكيات الطفل واعتبار ما يتعلمه أسلوب حياة سواء في نطق الحروف والكلمات او في علاج التبول اللاإرادي أو في التعامل مع مرضى التوحد وفرط الحركة والتأخر العقلي وغيرها». وقالت: «في البداية الطفل يخضع لاختبارات ذكاء وتكون هناك جلسات للأب والأم لتحديد مشكلة الطفل الحقيقية».. وتابعت: أحمد طفل عمره 11 سنة مصاب بمتلازمة داون ونسبة ذكائه جيدة لكن لديه ضعف في الذاكرة البصرية والسمعية وهو يحتاج لتدريبات لتقوية الذاكرة وبالفعل بدأ بعد تلقيه الجلسات الأولى في تحسين وضع الذاكرة لديه، وأيضاً منة الله بنت في المرحلة الاعدادية تعاني من الخجل ومنخفضة الذكاء ومن خلال جلسات التدريب والتأهيل تكون هناك تدريبات لرفع مستوى الذكاء ومحاولة إدماجها مع العالم الخارجي، والأمر يختلف تماماً مع «عمر» فهو طفل في الرابعة من عمره يعاني ضعف عضلات اليد وهذا يتم تداركه بالتنسيق بين المدرب من جهة وطبيب العلاج الطبيعي من جهة أخرى من خلال تقوية مهارات الحركة. وقالت الدكتورة أمانى غريب، مدرس التربية الخاصة بجامعة السويس وفي المركز: «إن المركز مزود ب 6 قاعات تدريب وفصلين دراسيين للتعامل مع الأطفال من سن 2 إلى 12 سنة الذين يعانون من التوحد ومتلازمة داون وذوى الإعاقة الذهنية واضطراب نقص الانتباه». وأضافت أن المركز قادر على استيعاب نحو 150 طفلاً في مرحلة التشغيل الأولى ويضم مجموعة متميزة من أطباء أعصاب الأطفال والعلاج النفسي، وإخصائيي تربية خاصة، وبالتعاون مع كل من قسم أعصاب الأطفال بمستشفى عين شمس الجامعي برئاسة الأستاذة الدكتورة أمنية الرشيدي، والجمعية المصرية للتوحد «الأوتيزم» برئاسة الدكتورة داليا سليمان، بالإضافة إلى أن هناك نحو 14 مدرباً مؤهلين فى التخصص التخاطب والأمراض النفسية. وتابعت أن هدفنا تنمية المهارات الحركية والاجتماعية والتعليمية للأطفال من خلال العاب مخصصة ودورات تدريبية مخصصة لكل حالة على حدة. وأضافت أنه تمت مراعاة أن تكون جميع الألعاب الموجودة بالمركز ذات غرض تعليمى للأطفال، كما تمت مراعاة أحدث البرامج التعليمية، فضلاً عن أن المركز مراقب بالكاميرات لقياس مدى التقدم فى حالة الأطفال واستجابتهم للبرنامج التعليمى المقدم لهم. حضر حفل الافتتاح كل من الدكتورة منى حافظ مسئولة الإعاقة بوزارة الصحة المصرية، ومسئولة ذوي الإعاقة بمنظمة الصحة العالمية. وكان الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس قام بافتتاح أول مركز متخصص لدعم الأطفال ذوي القدرات الخاصة بالإسماعيلية في الشهر الماضي. وقال «مميش»: إن إقامة المركز جاءت من دور هيئة القناة المجتمعي وحرصاً على تقديم خدمة لأسر الأطفال في محافظات القناة ومصر عموماً ورسالة إنسانية سامية لذوي القدرات الخاصة الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً». وقال: «لن نتأخر عن دعم المركز بأية تخصصات وإمكانيات وسبل تعليمية حديثة ومتقدمة، وتزويدها بالكوادر الطبية المناسبة». وأكد «مميش» أن المركز يعد أول نواة للعناية بالأطفال في منطقة القناة في المرحلة الأولى وتعد خطوة من ألف خطوة لاستكمال العمل بهذا المركز، مؤكداً أن دور المركز في الفترة المقبلة انتقاء المشرفين والمدربين وتدريبهم على التعامل مع الأطفال وقال: «علينا ألا نتعامل مع هؤلاء الأطفال على أنهم مرضى بل هم أطفال لهم قدرات متخصصة وعلى أسرهم التباهي بهم وتشجيعهم وتنمية مهاراتهم». وأعربت الدكتورة أمنية الرشيدي رئيسة قسم أعصاب الأطفال بمستشفى عين شمس الجامعي عن سعادتها بافتتاح المركز باعتباره أول مركز نموذجي لرعاية ذوي القدرات الخاصة في الجمهورية، مؤكدة ضرورة تكرار هذه التجربة في كل محافظات الجمهورية، وطالبت بضرورة ربط المركز بالمؤسسات التعليمية ومديريات التضامن الاجتماعي لتقديم خدمة للأطفال ذوي القدرات الخاصة ودعم المؤسسات التعليمية بالخبرات اللازمة وإطلاعهم على التجارب العلاجية للتعامل مع هؤلاء الأطفال. وقدمت الدكتورة داليا سليمان رئيسة الجمعية المصرية للتوحد «الأوتيزم» خلال حفل الافتتاح شرحاً تفصيلياً عن الوسائل والطرق العلاجية التي ستتبع في المركز، وأشارت إلي أنها ستقوم بالإشراف على تدريب الأطباء والإخصائيين لمدة شهر كامل بهدف توفير الكوادر المؤهلة القادرة على التعامل مع تلك الحالات.