في الزمن الجميل للإعلام المصري كان هناك برنامج اسمه «حياتي»، يذاع على القناة الأولي في الخامسة مساء يوم الجمعة من كل أسبوع تقدمه الإعلامية الكبيرة فايزة واصف. هذا البرنامج الذي جمع بين الدراما والحوار كان يغوص في مشاكل الأسرة المصرية حيث جسد معاناة المطلقات والابن العاق والأرامل ومشاكلهم والأسرة التي تعاني من الفقر الشديد وجحود الأبناء تجاه الأمهات. الأسرة المصرية كانت تلتف حول الشاشة لمتابعة هذا البرنامج الذي لمس حياة المصريين ومشاكلهم بشكل مباشر لكنه اختفي بمجرد إحالة مقدمة البرنامج للمعاش، التقينا مع الإعلامية الكبيرة فايزة واصف لإجراء هذا الحوار حول طبيعة هذا البرنامج ولماذا اختفي هذا النوع من البرامج. من وجهة نظرك لماذا تعلق الجمهور ببرنامج «حياتي»؟ - البرنامج ببساطة كان يعتمد علي تجسيد مشاكل الأسرة المصرية وعرضها علي الشاشة في شكل درامي ثم إجراء حوار مع مختصين لإيجاد الحلول لكل مشكلة مدة البرنامج 35 دقيقة، 20 دقيقة دراما و15 دقيقة حوار مع مختص وقد تعلق الجمهور بالبرنامج بسبب البساطة الشديدة. كانت صورة ومحتوي البرنامج جيدة .. حدثينا عن كواليس التحضير للبرنامج؟ - ببساطة كان البرنامج يعبر عن الناس ويحل مشاكلهم بشكل عاجل لك أن تعلم أن البرنامج كان يعمل فيه مخرجون علي أعلي مستوي منهم إبراهيم الصحن وحسين كمال ويوسف مرزوق وفايز حجاب ومجيدة نجم، وكنت أقوم بنفسي بكتابة السيناريو والحوار بدون أجر، وكنت مؤهلة لذلك لأنني حاصلة علي ليسانس آداب قسم دراسات نفسية واجتماعية وبكالوريوس فنون مسرحية قسم تمثيل وإخراج كنت بشتغل بحب. لماذا اختفى هذا النوع من البرامج؟ - طبيعة الحياة تغيرت بتتكلم عن «حياتي» التليفزيون المصري مفهوش برامج أطفال، الدنيا اتغيرت في الإعلام، توك شو وبرامج حوارية وبرامج أكل عيش. لماذا اختفى الإبداع على شاشة التليفزيون المصري؟ - بصراحة شديدة التليفزيون «باظ» بسبب الواسطة والمحسوبية وإنفاق الفلوس عمال على بطال يعني واحد يكون أساسي مرتبه 400 جنيه ويحصل في نهاية الشهر على 17 و18 ألف جنيه، اختفى مبدأ الثواب والعقاب حتى اللي يعمل حاجة كويسة محدش بيشجعه، الزحام الفضائي أثر على الجميع لكني لا أنكر أبدا فيه شغل كويس في التليفزيون حاليا لكن للأسف لا يشعر به أحد بسبب الزحمة لا ننسي زمان كان عدد قليل يعني المناخ يسمح بالإبداع لم نكن نهتم بالمناصب، علي فكرة آخر منصب حصلت عليه كان مدير عام برامج العمال والريف وأنا بصراحة مكنتش بفهم في هذا ثم مستشار الرئيس التليفزيون بلا عمل ماكانش ده يهمني المهم أعمل شغل كويس. هل من الممكن أن تعودي لتقديم برنامج حياتي على أي شاشة؟ - طبعا مستعدة والحمد لله أتمتع بصحة جيدة، بشرط أن تكون القناة الفضائية قادرة على دعم البرنامج وتنفيذه حاليا يتطلب إمكانيات مادية لأن الدراما سلعة مكلفة، بطبيعتي عندي حب للعمل أنا كنت أقوم بالإشراف على برنامج «طعم البيوت» مجانا، كنت أشارك في حل المشاكل لأن علاقاتي متعددة برجال القانون والعلوم الإنسانية وأساتذة الاجتماع. ما ملاحظاتك على مذيعي ومذيعات هذه الأيام؟ - للأسف الشديد المذيع أو المذيعة فاكرين لما يتكلموا كتير عشان يبقوا نجوم ولا يعطوا الضيف فرص للكلام. ناهيك عن المظهر غير اللائق لبعض المذيعات وبعض التجاوزات علي الهواء كل هذا يمر بسلام دون أي عقاب لا ضابط ولا رابط. ومع ذلك أؤكد أن الكفاءات موجودة ومطلوب فقط اهتمام وتشجيع ولكن لي ملاحظة مهمة، الإذاعة المصرية مازالت مدرسة حقيقية للمبدعين، أنا بنت صوت العرب تعلمت علي يد الإذاعي الكبير أحمد سعيد، كان يعطينا الفرصة الكاملة للإبداع والتحليل السياسي تصور كنت مذيعة صغيرة وأكتب تحليلا سياسيا، مذيعيا الإذاعة بخير ويقدمون برامج علي أعلي مستوي. من مثلك الأعلى فى التليفزيون المصري؟ - بدون تردد الراحلة العظيمة تماضر توفيق، كانت تدير الشغل بمنتهى الحرفية وتطبق مبدأ الثواب والعقاب على يديها ظهر عشرات المبدعين والمبدعات في كافة أشكال العمل التليفزيوني. من وجهة نظرك من وزراء الإعلام الذين تركوا بصمة في الإعلام المصري؟ - طبعا الدكتور عبدالقادر حاتم رحمه الله وصفوت الشريف، هذا الرجل قدم الكثير للإعلام المصري كان يعلم بالضبط كل واحد في ماسبيرو وإنجازاته لا ينكرها إلا جاحد، وكل من جاء بعدهم لم يفعلوا شيئا لماسبيرو. التليفزيون والفضائيات بشكل عام دورها سلبي أم إيجابي في هذا العصر؟ - للأسف الشديد دور التليفزيون والفضائيات سلبي تجاه المجتمع ولكني لا أنكر بعض الإيجابيات ولكنها للأسف ضائعة وسط الزحام. ماذا تطلبين من المسئولين في ماسبيرو؟ - أتمنى من كل قلبي رعاية الكفاءات وإعطاء الفرص للمواهب الحقيقية، الطاقات والإبداع موجود ولكن الزحمة تضيع الأخضر واليابس. التليفزيون المصري جامعة لتخريج المواهب والمبدعين. ماذا كانت طبيعة علاقاتك مع زميلاتك والرؤساء؟ - كنا بنحب بعض بجد، مجموعة قليلة الكل يحصل على فرصته الكاملة، رغم قلة الإمكانيات كنا نقدم برامج على أعلى مستوى تجذب الملايين، في الزمن الماضي كانت هناك برامج إذاعية وتليفزيونية تعبر بجد عن الناس، أحمد الله أن حياتي من ضمن هذه البرامج. ومن ينسى «كلمتين وبس» للعبقري الراحل فؤاد المهندس من ينسى أحاديث الراحلة صفية المهندس من خلال برنامج «ربات البيوت»، من ينسى الإعلاميين الذين تركوا بصمة حقيقية وخلدتهم أعمالهم. سر أي برنامج ناجح أن يعبر عن الناس ومشاكلهم بشكل حقيقي، أتمنى من كل قلبي عودة هذه البرامج والاستفادة من الخبرات الإعلامية الذين صنعوا مجد الإذاعة والتليفزيون، أتمنى أن يكون هناك توجيه نقد مباشر للمذيعين والمذيعات والقضاء علي السلبيات، نفسي المذيعة تنظر للديكور قبل الهواء وتعتني بملابسها ومكياجها. أقول في النهاية لأي إعلامي: حب الناس أحسن حاجة حتى الآن عندما أمشي في الشارع أو أسافر لأي بلد الناس فاكراني عشان «حياتي» دي حاجة تسوى الدنيا كلها.