نتيجة الاضطهاد والظلم التي تتعرض له المرأة في المجتمع المصري من كافة الأشكال بدءً من التحرش اللفظي والجنسي في الشوارع والمواصلات العامة، مرورا بالعنف المنزلي والجسدي من قبل الأزواج والآباء، نهاية بكارثة الإتجار بالنساء، قرر المصور الشاب "أحمد فودة" أن يسلط الضوء بعدسته على زيجة "الإتجار بالنساء" ليسدل الستار عن الإضطهاد التي تتعرض له المرأة المصرية داخل القري والنجوع، خاصة بعد القرار الذي اصدره المستشار أحمد الزند وزير العدل بشأن زواج المصريات بالأجانب، بأن يودع طالب الزواج الأجنبي من مصرية، 50 ألف جنيه باسمها في البنك، إذا جاوز فارق السن بينهما 25 عامًا، عند توثيق عقد الزواج، باعتبارها سلعة تجارية للبيع. ولاقت الصور صدي كبيرا من قبل رواد شبكات التواصل الاجتماعي. وانطلاقا من هذا، اجرت "بوابة الوفد" حوار مع المصور "أحمد فودة"، ليحدثنا عن حملة مناهضة الإتجار بالنساء.. في البدايةعرفنا بنفسك؟ أحمد فودة، مصوّر فوتوغرافي متخصص في بورتريهات الأستوديو. متي بدأت علاقتك بالتصوير ؟ بدأت جدياً في 2012 ، وذلك بعد أن قدما أثنين من معارفي اللذان يعملان في مجال التصوير الصحفي بعض النصائح التي ألهمتني للتعمق في قواعد وفن التصوير الفوتوغرافي، تحديداً عن الإضاءة وأصول تصوير البورتريه، مما دفعني للسعي للتصوير إحترافياً أكثر وأكثر. أين تعلمت فن التصوير؟ عن طريق الممارسة والقراءة عبر الإنترنت وتوجيهات معارفي محترفي التصوير الصحفي. من الذي دعمك في هذا المجال؟ ومن قدوتك فيها؟ زوجتي هي التي كانت تدعمني وتشجعني دوما، قدوتي هو مصوّر أمريكي يدعي Arthur Elgort بسبب أسلوبه في التصوير الذي يستفز ويستدعي من العارضات مشاعر وحالة طبيعية مقصودة، فهو لا يوجّههم لفعل شيء معين، بل يهيء لهم بيئة كاملة ليتفاعلوا معها بالشكل الذي يريده، ثم يلتقط الصورة في اللحظة الحاسمة. للتصوير مجالات واسعة، لماذا قررت أن تسلك مجال التعبير عن سلبيات المجتمع؟ التعبير عن سلبيات المجتمع كان جزء من حملة "مؤسسة قضايا المرأة المصرية" التي شاركت بها في الأسبوع العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (#16daysofactivism) وكان الهدف منها هو توضيح أن أشكال الإتجار بالنساء تأخذ أشكالاً عديدة، عن طريق التعبير عن كل منها في صورة فوتوغرافية تلفت الإنتباه، بدلاً من تصميمات الجرافيكس المعتادة والمليئة بالكلام والإحصائيات. بعد انتشار "السيلفي" وكاميرات الهواتف الذكية، هل يمكنا القول بأن كل من يحمل آلة تصوير فهو مصور فوتوغرافي؟ لا، فعلى الرغم من تعدد أدوات التصوير والكاميرات الرقمية التي جعلت كل من يمتلك هاتفا ذكيا مصوّراً فوتوغرافياً ، لكن هناك فرق بين مصوّر ها وِ ومصوّر محترف، فالمصور المحترف يتمكن من إختيار الزاوية المناسبة للتصوير مع التأطير والتكوين الذي يليق بها، بالإضافة لإستخدام العدسة القادرة على منحه الدقة العالية في مختلف أنواع التصوير الفوتوغرافي التي يشتغل فيها، دون الإغفال عن اللحظة المناسبة أو الحاسمة لإلتقاط الصورة وهنا تكمن حكمة وبداهة المصور المحترف، فليس كل من إمتلك سيارة رياضية سائق رالي. من الذي تتمني أن يقع تحت عدستك؟ عارضة الأزياء الأمريكية Christy Turlington، من عيار كلوديا شيفرز، ممن صنعوا حقبة ال "سوبر موديلز" في التسعينيات. لماذا قررت أن تعقد جلسة تصويرية عن زيجة الاتجار بالنساء؟ ومتي تطرقت الفكرة إلى اذهانك؟ كان الإلهام الأساسي مستوحى من تقارير حالات الأضطهاد التي اطعلت عليها في مؤسسة قضايا المرأة المصرية، والفكرة كانت تراودني منذ فترة طويلة، وذلك بعد ما شهدته من حالات العنف ضد المرأة وأنا صغير، حيثُ كانت الخادمة التي تعمل في منزل أسرتي، تشتكي من إجبارها على العمل من قبل زوجها العاطل، والذي كان يهددها ويعتدي عليها بالضرب، فعندما شاركت في حملة مناهضة العنف ضد المرأة وطرحوا الفكرة عليِ، سعدت بها جدا فشعرت أنه جاء الوقت المناسب للتعبير عن سخطي ضد ما تتعرض له المرأة المصرية في المجتمع الشرقي. من واقع القصص التي اطلعت عليها في ملف قضايا المرأة، ما هي أكثر القصص التي أثرت في مخيلتك؟ أكثر القصص التي تأثرت بها، كانت لفتاة زوّجها أهلها في عمر ال 18 عاماً، وبعد ذلك أجبرت لاحقاً على ممارسة الدعارة في بيت زوجها بمقابل مادي. هل تناقش قضايا أخري للمرأة من خلال عدستك بخلاف زيجة "الإتجار بالنساء" ؟ نعم، فجلسة التصوير تضمنت صوراً أخرى في الألبوم بجانب زيجة "الإتجار بالنساء"، مثل زواج القاصرات، والإجبار على العمل، والإجبار على الجنس مقابل المال. ما التقنيات الحديثة التي تعتمد عليها للخروج بالصور بهذا الشكل المميز؟ كان الإعتماد بشكل أساسي على أساليب الإضاءة لتوجيه إهتمام المشاهد بين عناصر الصورة بالشكل المطلوب عقدت أكثر من جلسة تصوير، ما هي الجلسة الأقرب إلى قلبك؟ أقربهم كانت جلسة لتصوير ممارسي فن "الكابويرا" القتالي الراقص عن طريق رسم حركتهم بالضوء، نظراً للمجهود الذي بذلته والأصدقاء الذين ساعدوني على إخراجه بالشكل المميز. أكثر صورة أثرت فيك في عام 2015؟ سؤال صعب للأسف، فأنا أتابع العديد من مصوري الشارع والصحفيين الموهوبين أمثال "أمير كمال"، و"علي الزرعي"، و"محمد أوسام"، وأغلب صورهم تكون مؤثرة بشكل كبير، لا مجال للمقارنة فيه، ولكن من أكثر الصورة التي استفزت مشاعري، كانت للمصور "إسلام أسامة" عن صورة مقتل شيماء الصباغ على يد قوات الأمن بميدان طلعت حرب. برأيك، ما مواصفات المصور الناجح؟ أيضاً، تختلف على حسب المجال، فمصوّر الشارع أو الصحفي الناجح عادة ما يكون شخص على وعي كبير بما يجري حوله، وقادر على جذب الإنتباه، ويكون متوقع اللحظة الفوتوغرافية قبل حدوثها، بينما مصوّر البورتريه الناجح هو القادر على التواصل مع من يصوّره بشكل يسمح له فهم ديناميكيات شخصيته وتوجيهها لإبراز التعبير الذي يريده في اللحظة التي يريدها، وهو ما يسمّيه البعض "الجانب المظلم من العدسة" وهو الفن أو المواصفات التي لا تمت للفوتوغرافيا بصلة مباشرة ولكنها محورية في نجاح المصوّر الفوتوغرافي بحسب نطاق عمله. المصور أحمد فودة