تاريخ طويل يجمع بين المملكة العربية السعودية وإيران، يتخلله الكثير من الأزمات، حتى اتسمت العلاقات بين الرياضوطهران بأنها "على صفيح ساخن"، وما يلبث أن يذوب التوتر بينهما، حتى يندلع من جديد. وبعد فترة من الهدوء النسبي، يندلع التوتر من جديد، حيث أعلنت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وذلك عقب اتهام الأخيرة للأولى بأنها تدعم الإرهاب، بتنفيذها حكم الإعدام بحق 47 شخصًا، من ضمنهم الشيخ الشيعي نمر النمر. ومن جانبها، سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، الضوء على العلاقات السعودية الإيرانية، مشيرة إلى أن علاقاتهما يشوبها التوتر منذ أمد بعيد، حيث إن تذبذب العلاقات موجود منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 . أول أزمة دبلوماسية بين البلدين: شهد نهاية عام 1943، أول أزمة دبلوماسية وسياسية بين الرياضوطهران، وذلك عندما اعتقلت القوات السعودية أحد الحجاج الإيرانيين داخل الحرم وهو يلقي القاذورات على الكعبة الشريفة ويلقي الشتائم على الرسول الكريم والصحابة عليهم الصلاة والسلام. وأعلنت السلطات السعودية حينئذ أن الرجل اعترف بذنبه وأقيم الحد عليه بالإعدام، في حين جاءت ردود الفعل الإيرانية غاضبة ومتهمة السلطات السعودية بالتشدد، مبررة فعل الرجل بأنه أُصيب بالدوار أثناء الطواف، ما أدى به إلى التقيؤ قرب الكعبة. ومن جانبها، أرسلت إيران إلى السعودية بشكل رسمي "إن السفارة تحتفظ بكامل حق الدولة الإيرانية فيما يتعلق بهذا الحادث المؤسف وما يتعلق بكل ما يترتب عليه من نتائج"، نتيجة هذه الحادثة قام البلدين باستدعاء ممثليهم لدى الطرفين وقطعت العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي عام 1944 ، إلا أنه تم إعادة العلاقات بعد عامين بوساطة عربية. إسرائيل أزمة للبلدين: اعترفت إيران بالكيان الإسرائيلي في عام 1950، بل وكانت من أولى الدول التي تعترف به، مما سبب خلافًا آخر بين إيران والسعودية حيث كانت الصحف الإيرانية تشجع يهود إيران على الهجرة لإسرائيل. ما قبل الثورة: أوضحت الوكالة أنه في فترة حكم الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي، وحكم والده من قبله، كانت العلاقات بين الرياضوطهران "صخرية"، حتى إن كانت جوازات السفر الإيرانية تحمل عبارة "يسمح لحامل هذا الجواز بزيارة جميع الدول ما عدا الحجاز". ما بعد الثورة: وأشارت إلى أنه عقب الإطاحة بالشاه الإيراني والاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران، سرعان ما أصبحت المملكة الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة. أحداث الشغب في الحج عام 1987: وقالت إنه في عام 1987 ، اندلعت أعمال شغب داخل الأماكن المقدسة في المملكة، حيث اشتبك حجاج إيرانيين مع الشرطة السعودية، مما أسفر عن مقتل 402 شخصًا، مضيفة أن إيران زعمت أن الرياض قتلت 600 شخصًا من الحجاج، وقالت إن الشرطة فتحت النار على الحجاج، وهاجم متظاهرون في طهران السفارات؛ السعودية والكويتية والفرنسية والعراقية. قطع العلاقات: وتابعت أنه في عام 1988، قطعت الرياض علاقاتها مع طهران، بسبب أعمال الشغب التي حدثت في عام 1987 بالحج، وبسبب الهجمات الإيرانية على الملاحة في الخليج الفارسي، وردت طهران بقطع الحج في عامي 1988 و1989 ، مشيرة إلى استعادة العلاقات عام 1991. هدوء نسبي: وقالت الوكالة أن العلاقات بين البلدين شهدت هدوء نسبي عندما تولى الرئيس الايراني، محمد خاتمي، الحكم في عام 1997، موضحة أن العلاقات تحسنت أكثر عندما قام ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، بزيارة إلى طهران في ديسمبر من العام نفسه، ورد خاتمي، الزيارة في مايو من عام 1999. كارثة الحج عام 2015: وأفادت الوكالة أن الكوارث التي حدثت في موسم الحج عام 2015 ، كان لها تأثير على العلاقات الثنائية للبلدين، حيث إن حادث التدافع أودى بحياة الكثير من الحجاج، وأعلنت المملكة حينئذ أن 769 شخصًا لقوا مصرعهم جراء هذا الحادث، في حين قالت طهران أن 464 شخصًا قتلوا من مواطنيها في هذه الكارثة، وألقت اللوم على عدم كفاءة الرياض في التنظيم لهذا الحدث. إعدام "نمر النمر": وذكرت أن التوتر عاد بقوة ليضرب العلاقات الثنائية للبلدين عقب تنفيذ السعودية عقوبة الإعدام على 47 شخصًا يوم 2 يناير عام 2016، من ضمنهم الشيخ الشيعي، نمر النمر، الأمر الذي أثار غضب الشيعة خاصة إيران، لتعود العلاقات الدبلوماسية بين الرياضوطهران إلى "صفيح ساخن" مرة أخرى.