وا معلماه.. وزير التعليم من الفلول..! بقلم: محمد الغيطى منذ 27 دقيقة 36 ثانية كل «القرارات» والعلامات تؤكد أن الثورة لم تصل لباب وزير التعليم وأنه وضع فى أذنيه كل «الطين والعجين» حتى لا يسمع أصوات المعلمين الهادرة والتى تصاعدت حتى سدت شارع قصر العينى وتحولت إلى ما يشبه العصيان المدنى ، لتذكرنا بما كان يحدث فى ذات الشارع وأمام مجلسي الوزراء والشعب طوال عامين قبل ثورة يناير وكأن التاريخ لم يتحرك عند باب الوزير، يتصرف بنفس أسلوب ومنهج وزراء الحزب الوطنى المنحل . يتكلم بنفس النبرة واللكنة و يصطحب معه المصورين و التليفزيون و الصحافة ليصور مدارس منتظمة مهجنة فيها التلاميذ جالسون ولا كأنهم فى أوروبا والمدارس المصورة نظيفة وكأننا فى أمريكا ، وعندما علق الوزير على الاضراب نطق كفراً وأنكر تأثير الاضراب على العملية التعليمية وهون من عدد المعلمين المضربين والمدارس التى تأثرت بالاضراب فقال ان حالات الاضراب وصلت الى 140 مدرسة بنسبة 6.0% ، ووصم المضربين بأنهم يفتقدون لمبادئ العملية التعليمية وقيم المدرس وان هدفهم اثارة البلبلة .. طبعاً هذا الكلام يفتقد للحس السياسى والثورى معاً ويستفز المضربين ويضع على النار بنزيناً، بدلاً من أن يقوم الوزير بدور «المطافئ» أو يذهب إليهم أو يفتح لهم أبواب وقاعات وزارته التى ناموا أمامها ليل نهار ولم يخرج لهم مسئول بالوزارة. وكل ما فعله الوزير انه حرض فرع نقابة المعلمين ونقيبها بأن ينكر الاضراب ويغسل يده منه واتضح ان هذا المتحدث باسم إحدى النقابات الفرعية موظف ومسئول فى الوزارة تماماً مثل صاحب رأس المال الذى يكون مسئولاً فى نقابة عمالية تعبر عن العمال ، هل ينتصر لهم أم لرأس ماله ضدهم؟ المهم و الخطير هنا والذى نحن بصدد مناقشته هل تصرف الوزير من واقع وجوده فى وزارة جاءت من ميدان التحرير بعد الثورة ؟ بالطبع لأ. إذن ماذا كان مطلوباً منه ليكون على نفس موجة الثورة التى حدثت؟، اجابة هذا السؤال تحتاج كلاماً كثيراً لكن باختصار سأجمل طرحى فى الآتى: 1 كان يجب على الوزير عمل مؤتمر عام للمعلم قبل بدء الدراسة ويطرح فيه مشاكل العملية التعليمية فى مصر التى هى اطرافها المعلم و المدرسة و التلميذ والمناهج. 2 كان يجب عليه تخصيص يوم كامل لمناقشة حقوق المدرس ماله وما عليه، وإعادة النظر فى موضوع الكادر وكوارثه . 3 كان يجب عليه تخصيص عدة أيام لمناقشة وباء اسمه الدروس الخصوصية يستهلك من لحم الأسرة المصرية ما يقرب من عشرين مليار جنيه سنوياً. 4 كان يجب عليه تخصيص مساحة لمناقشة ما يسمى بالتعليم الخاص والاستثمارى فى مصر والذى هو جزر منعزلة لوحده يسقى قطاعاً عريضاً من ابنائنا المنتمين لهذه المدارس، مناهج للأسف لا يعرف عنها مسئولو الوزارة شيئاً تهدد مفهوم المواطنة وتجعل الأجيال المتخرجة تنتمى لثقافات وهويات أخرى، هل يعرف وزير التعليم ان هناك مدارس تعلم التاريخ الأمريكى للتلاميذ المصريين، وأخرى تعلم التاريخ الألمانى وأن التلاميذ لا يعرفون شيئاً عن التاريخ المصرى ولا اللغة العربية ولا الدين الإسلامى . هل يعرف الوزير أن هيئة المعونة الأمريكية كانت تتدخل فى الاشراف على المناهج طوال السنوات الماضية بادعاء تنقيتها من ثقافة «ضد العنف»، هل قرأ الوزير كتاب اللغة العربية للمرحلة الابتدائية.. هل قرأ كتب التاريخ فى التعليم الأساسى ، هل يعلم الوزير أن دراسة أجراها أحد المراكز الخاصة و المتخصصة فى جودة التعليم واكتشفت أن نسبة كبيرة جداً من مدرسى اللغة العربية والدين يمارسون نوعاً من الاخطاء ضد التلاميذ الاقباط فى المدارس، وأنا شخصياً تعرضت لأحد المدرسين قام بتقريظ زميلة ابنتى المسيحية وتسبب لها فى عقدة نفسية واكتشفت انه متطرف فى فكره وينتمى لإحد التيارات والتلاميذ يكرهونه لأنه قال للفتيات بلهجة جماعات التكفير و الهجرة «من لا تغطى شعرها سيتم تعليقها من شعرها فى النار يوم القيامة».. هل تعلم يا سيادة الوزير كم من الأذى النفسى تسبب فيه هذا المدرس لتلاميذه الذين كان مفترضاً أن يكون لهم قدوة ومثلاً ؟ ، هل تعلم أن الاخوان و السلفيين تسللوا لمعظم مدارس الريف و الصعيد وان الفكر الوهابى يسيطر عليهم وان ظاهرة ارتداء الجلباب و النقاب تسللت لداخل المدارس حتى ان محافظ البحيرة وجد فى جولة مفاجئة الناظر و المدرسين فى أكثر من مدرسة يرتدون الجلباب و البنطلون الافغانى داخل المدرسة .. القضية خطيرة جداً. التعليم فى مصر هو مفتاح عبور هذا المجتمع للحداثة و التمدن و التقدم. و المدرس هو بوابة العبور و المناهج هى الطوب والاسمنت والحديد الذى يقوم عليه بنيان العقل لدى الطالب فإذا فقدنا كل هذه المقومات تخرجت أجيال فارغة ، مثل صفائح الصدأ، سهل جداً ان تمتلئ بكل قيم الهدم وأسهل أن تتحول الى مزارع للتطرف والإدمان والإرهاب ، وهذا ما يريده أعداء الوطن ، أبناؤنا فلذات أكبادنا. هل نتركهم هكذا لتعليم بلا فلسفة وبلا هوية تعليم حكومى فى أيدى معلم متطرف (وانظروا حصار التيارات الدينية لنقابات المعلمين ) وتعليم خاص متغرب وقبلته العولمة بلا هوية مصرية أو جذور وطنية فماذا ننتظر من الأجيال القادمة ؟ كان على وزير التعليم أن يبدأ وزارته بطرح هذه الإشكاليات فى المعلمين أنفسهم وأن يحتضن مشاكلهم ويصارحهم بدلاً من تجاهلهم و التهوين من آلامهم المتراكمة ، قصة أخيرة أهديها إلى الوزير الذى زار أول أمس مدارس معدة لزيارته فى المنصورة والدلتا وكنت أتمنى زيارة مدرسة فى كفر البلاص أو منية البصل أو البرلس، المهم القصة وقعت فى الايام الأولى للدراسة عندما فوجئ المدرسون فى مدرسة خاصة يمتلكها رجل أعمال كويتى بأن صاحب المدرسة فصل بعضهم وخفض مرتبات البقية الباقية وتجمع المدرسون فى الفناء فظهرت مديرة المدرسة المعينة من قبل الكويتى وقالت للمفصولين «اخبطوا راسكم فى أجمد حيطة وروحوا ناموا فى التحرير روحوا للوزير ولا رئيس الوزرا ماحدش له كلام على صاحب المدرسة» وعندما أصر المدرسون على لقاء البيزنس مان الكويتى ظهر لهم فى عنجهية وقال بلهجته الخليجية : كيف ما جالت لكم أنا ما حدا يلوى ذراعى و الثروة مالكم ماهى تأثر فى جرارى، وهادى مدرستى أتصرف فيها كيف «ما اريد» ، لم يتعلم الثرى الخليجى أن هناك قانوناً وانه جمع الملايين من أرباح التعليم الاستثمارى فى مصر ولم يحفظ الجميل للبلد الذى احتضنه وتصور انه صنع جمهورية صغيرة داخل حدود مصر .. وهو سلوك جميع أصحاب المدارس الخاصة والاستثمارية وهذا ملف مليء بالشجون و الفضائح و العار لان نظام مبارك جعل كل صاحب مال يتصرف مثل ما له ضارباً عرض الحائط بالقانون و العرف وكل القيم ، المهم ان يربح ومادام يستطيع إسكان كل لجان المراقبة و التفتيش بالطرق المعروفة فلا مجال هنا للحديث عن تعليم أو أخلاق أو تربية أجيال انها لكارثة الكوارث لو تعلمون أن يتم الاستثمار الخاص فى حقل التعليم الذى هو عنوان مواطنة المواطن وحرية واستقلال الوطن ومصنع لبناء مستقبل الأمة . ومن يترك التعليم للمستثمرين و المرابين والسماسرة معناه انه يمارس ابشع انواع القوادة على شرف الوطن ، ولو لم يرتكب مبارك من الجرائم إلا هذه الجريمة لوجبت محاكمته مئات المرات ، وفى العموم فالفرصة أمامك يا وزير التعليم وإلا ستوصم بأنك من الفلول ولن تسكت صرخة المضربين ومعهم أولياء الأمور الذين يجأرون بالشكوى من سلخانة الدروس الخصوصية وسيصرخ الجميع واه تلميذاه.. وامعلماه.. فهل انت بسامع؟؟ [email protected]