قريبا جداً.. بل أقرب مما تتصور، سيكون عليك واجب وطني، لا تملك أن تتقاعس عنه ما دمت قادرا واعيا. ذلك هو أن تكتب مواد دستور بلادك. أعتقد أنك تشعر أني أضحك عليك أو أقول لك كلاما نظريا لا يودي ولا يجيب. فأنت أكيد تقول في قلبك أنك لست عضوا في الهيئة التأسيسية .. وأنك لست فقيها دستوريا، أي غير متخصص فى الدساتير، إذن من أين تكون عندك السلطة أو الكفاءة لكتابة الدستور. أما بالنسبة لوجودك في التأسيسية من عدمه، فدعني أصحح معلومة يبدو أنها اختلطت حتى على أعضاء التأسيسية الحاليين، وهي أنهم هم أنفسهم لم يوكلوا من الشعب لكتابة الدستور نيابة عنه. بل وُكّلوا فقط بإدارة الحوار المجتمعي وبلورة الرأى العام ثم صياغته. يعني أنت أيها المواطن من يملي على التأسيسية ما يلزم كتابته، وعليه فقد جاء الوقت لتعرف ما تريد أن تملي عليهم. أين تريد أن يصل سقف الحرية؟ كيف تريد أن تختار من يحكمك على خلفية كفاءته؟ كيف تضمن أن دستورك يؤكد المعنى المطلق للحرية والعدل والكرامة بلا حدود أو قيود، ذلك أن الدساتير صياغة لإنسانية البشر قبل أن تكون عقدا اجتماعيا، وأن القوانين التي تلي هي التي تضع الحدود المتفق عليها والقابلة للتغير حتما. كيف ستضمن ألا يساومك أحد على حقوقك و كيف لا يمن عليك بها؟ هل تريد أن تستفتى على كل مادة على حدة أم على مشروع الدستور جملة واحدة؟ هل تقبل بوجود مواد استثنائية؟ كام واحد حواليك سوف يسألك ويأخذ برأيك عند الاستفتاء؟ وكيف تضمن أن تقول لهم حقيقة ما فهمته؟ وكيف تضمن لهم حق الاختيار بحرية؟ الجمعية التأسيسية لا تعبر عن المجتمع المصرى بصدق. هذا صحيح. وتجافى بتشكيلها فلسفة إنشائها ك«لجنة مؤتمنة» على دستور هو هبة الشعب لنفسه .. وليس هبة ملك للشعب كدستور 1923 أو هبة عسكريين قاموا بتغيير انقلابى كدستور 1956 أو دستور 1971. برغم ذلك، أن يعمل البعض لتصحيح ما اعترى التأسيسية من عوار فى الهيكل يلزم العدد الأكبر أن يقوم بواجبه لضمان أن يكون الدستور من حيث مواده هو الأقرب الى الوطن الذي ينشده حتى وإن جافى إجراء إنشائه و إصداره العدالة الواجبة، حتى يتم جبر كل عواره شكلا و مضمونا. هناك موقع للتفاعل مع التأسيسية، لم يزره إلا 95 ألف مواطن، ولم يبد رأيه في المواد القليلة المطروحة سوى حوالى 15 ألفا. لو سمينا هذا حوارا مجتمعيا حول دستور يُكتب لأثمنا جميعا. و لو قبلنا أن يخرج الدستور للاستفتاء دون حوارا مجتمعي حقيقي، فهذا عين العبث. دستوركم أيها الأسياد في هذا الوطن يناديكم، لا تتركوه يكتب بمعزل عنكم. هذا ليس دستور جماعة أو فصيل أو حزب. هذا دستوركم يا أسيادنا!