خارجية الشيوخ: رئاسة مصر للقمة التنسيقية تعكس دعمها للعمل الأفريقي المشترك    أبو عبيدة: محمد الضيف وجّه أقسى ضربة في تاريخ العدو الصهيونى    موزاييك: مباراة الأهلي والنجم مهددة بالإلغاء بسبب الملعب    مصدر من الزمالك ل في الجول: الشكوى ضد لبيب لن تغير الحرص على حقوق النادي    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق "صيف بلدنا" بالعلمين ومطروح والإسكندرية وأنشطة مكثفة بمبادرة "مصر تتحدث عن نفسها"    وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري عن عمر يناهز 82 عاما    حدث في 8 ساعات| السيسي يشارك في قمة منتصف العام للاتحاد الإفريقي.. والتعليم تعلن رابط نتيجة الدبلومات الفنية    10 صور.. جداول امتحانات الدور الثاني 2024/2025 بالقاهرة    تحذيرات منذ عام 2020 تجاهلتها حكومة الانقلاب …. من يتحمل مسئولية حريق سنترال رمسيس ؟    وزيرة التنمية تتابع مقترحات تطوير عدد من الشوارع التجارية بحي مصر الجديدة    أحمد سعد وروبي يجتمعان في دويتو غنائي بعنوان "تاني" من ألبوم "بيستهبل"    بالصور.. مي سليم تخطف الأنظار من أمام شواطئ العلمين الجديدة    فيلم "سوبرمان" يثير الجدل بسبب "ترامب" والعدوان على غزة    الصحة تكشف حقيقة وفاة 4 أشقاء بالالتهاب السحائي    شعبة النقل الدولي: مصر تتمتع بمميزات كبيرة تؤهلها لتوطين صناعة السفن    محافظ الشرقية يوافق على 11 طلبا استثماريا خلال اجتماع مجلس إدارة المناطق الصناعية    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كولومبيا في البطولة الدولية للسلة بالصين    بعد الاتفاق على البنود الشخصية.. سانشو على أعتاب الانتقال إلى يوفنتوس    «إعلان دعم الرئيس وشكر الشعب على الصبر».. توصيات اللقاء التشاوري الثالث للقائمة الوطنية من أجل مصر    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    وزيرة التنمية المحلية تستعرض مقترحات تطوير عدد من الشوارع التجارية بمصر الجديدة    الاستيطان في فلسطين.. كيف تحوّل حلم موشيه زار إلى كابوس ابتلع الأرض وحاصر السكان؟    مسئول إيراني: أمن الخليج يقتضي مشاركة فاعلة من دول المنطقة    الثور يتجاهل الاستفزازات.. 5 أبراج تفضل الصمت وتتجنب الجدال    بالهوت شورت.. نسرين طافش تستمتع بغروب الشمس    "يديعوت أحرونوت": الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة تحاكي تعاملا مع غزو واسع قادم من سوريا    صحة المنيا: نتائج تحاليل شقيقتي الأطفال الأربعة المتوفين تصدر غدا.. وفحص الوضع البيئي بمنزل الأسرة    «بالزنجبيل والعسل».. مشروب طبيعي للتخلص من الارتجاع وحرقان الصدر    طريقة عمل المبكبكة الليبية فى خطوات بسيطة    ما حكم استخدام مزيلات العرق ذات الرائحة للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    حدث غريب في فرنسا.. سجين يهرب من محبسه داخل حقيبة زميله المفرج عنه    مصرع شقيقين أثناء الإستحمام بترعة في كفرالشيخ    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    أمينة الفتوى تحسم الجدل حول حكم الصلاة بالهارد جيل    محافظ كفرالشيخ يبحث الاستعدادات النهائية لتدشين حملة «100 يوم صحة»    إحالة أوراق صاحب محل وسائق للمفتى بالقليوبية    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    مصدر يكشف لمصراوي سبب تأخر بيراميدز في ملف التعاقدات الصيفية    مايا مرسى تكرم «روزاليوسف» لجهودها فى تغطية ملفات الحماية الاجتماعية    نائب: انتخابات الشيوخ تمثل استحقاقًا دستوريًا بالغ الأهمية    نقيب الصحفيين: علينا العمل معًا لضمان إعلام حر ومسؤول    أخبار السعودية اليوم.. مطار الملك خالد يحقق يقتنص مؤتمر الأطعمة والضيافة في برشلونة    حجز إعادة محاكمة أبناء كمال الشاذلى بتهمة الكسب غير المشروع للحكم    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    نجم مودرن سبورت.. صفقة جديدة على رادار الزمالك    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    الأحوال المدنية تواصل خدماتها المتنقلة لتيسير استخراج المستندات للمواطنين    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    رسالة محبة ووحدة من البطريرك برتلماوس إلى البابا لاوُن الرابع عشر في عيد الرسولين    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور اختبار للمصريين جميعا

في ثورة مثل ثورة‏25‏ فإن من أهم المنجزات التي تخرج من رحمها هي الدستور‏,‏ وذلك لسببين‏.‏ الأول‏,‏ رمزي يتعلق بالثورة ذاتها‏,‏ باعتبارها حالة فارقة بين عصرين وبين مسيرتين‏, الدستور يجب أن يمثل الثورة فيستحق اسمه دستور الثورة, ومن ثم كنت من المتحفظين علي هؤلاء الذين يقولون إن الدستور يمكن أن يكتب في ساعات.. هكذا كان يدعي البعض.
لكن الأمر علي غير ذلك, دستور الثورة يجب أن يعكس معني الثورة المباركة منذ ديباجته, لأنه ليس وثيقة فحسب تحكم التصورات المتعلقة بنظام الدولة وحقوق المواطنة, بل هو توثيق حقيقي لحدث عظيم ألا وهو ثورة25 يناير, ديباجته يجب أن تتحدث عن هذه الثورة ودوافعها, والثورة ومكتسباتها, والثورة وحمايتها, والثورة وغايتها, الدستور يجب أن تكون كلماته مسكونة بروح هذه الثورة وشعارها الأساسي العبقري عيش, حرية, كرامة إنسانية, عدالة اجتماعية, فتخرج كلماته ومواده ومنذ الديباجة تعيد الاعتبار لثورة قام البعض عن عمد بتشويهها أو بالتشويش عليها. أما السبب الثاني, فهو يتعلق بوظيفة الدستور ومقاصده الكبري, وثورة مباركة توحي بأن هذه الثورة هي المناسبة الكبري لبناء تعاقد سياسي ومجتمعي جديد, تعاقد يولد من رحم كل الأسباب الدافعة والعوامل الداعية لقيامها, وأحوال انقلبت عليها من استبداد مقيم وفساد عميم وظلم أثيم.
التعاقد السياسي والمجتمعي الجديد أمر تفرضه الثورة بكل معانيها, وكل مبانيها, وكل مغازيها, لايعقل بعد ثورة سيسطر التاريخ قيمها وقيمتها, أن تسير علي منوال قواعد عتيقة ونظم قديمة شكلت مسيرة ظلم وظلام. وهذا التعاقد أيضا كاشف عن حركة التيار الأساسي في الأمة الذي ينهض بها وينهض لها, فتلتئم أصول جماعة وطنية ونسيج مجتمعي يحرك الطاقات ويجمع الفاعليات ويستثمر الإمكانات ويشكل منظومة القيم والمقاصد والغايات. وهو كذلك بيان واضح عن تعدد في المجتمع يحتويه, وتنوع في الطاقات يثريه, ونهوض وارتقاء يمكنه ويمضيه, إن هذا يعني ضمن ما يعني ان يجد كل واحد نفسه بين سطور الدستور وصياغاته, إنه وثيقة تصدر من الكل وللكل قاصدة الجميع والمجموع.
أتوقف هنا عند أمرين. الأول, يتعلق بضروة صياغة البنيان والكيان الدستوري علي قاعدة التعاقدية منذ تشكيل جمعية التأسيسية, وحتي خروج وثيقة الدستور المستهدفة بعملية استثنائية, وكأن الأمر يدور بين تعاقدية صغري( الجمعية التأسيسية) وتعاقدية كبري( الشعب وطاقاته التنوعية), التعاقدية الصغري والكبري يجب أن تستندا إلي أصول المراضاة والاختيار والتمثيلية, قاصدة إلي قواعد التأسيس من غير التفاف أو لبس أو تلبيس. وليس لأحد أن يحتج لدينا أنه لو أن هناك بعض العوار في الشكل والتشكيل لجمعية تأسيسية تضع وتصنع الدستور أمر من الممكن أن نمرره, ونسينا أن الشكل والتشكيل هما اللذان يحددان الشاكلة الدستورية, قل كل يعمل علي شاكلته.
أيها الناس إن الحديث عن تشكيل الجمعية التأسيسية المتوازن في إطار تشكيل التمثيل ليس تزيدا أو تعنتا, بل هو من صميم ابتداء التعاقدية في العملية الدستورية ولا يصح أن يبني الدستور علي عوار حتي ولو كان كامنا أو مستورا. من هنا كان اتفاق الجبهة الوطنية مع الرئيس في اتفاق فيرمونت في يونيو الفائت قبيل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة في جولتها الثانية, بالسعي الفعال في إرساء تشكيل متوازن, طورت فيه الجبهة رؤية أقرب ما تكون إلي العدالة والتمثيل, ولو في حده الأدني المقبول والمعقول. وليس من المقبول أو المعقول أن تصاغ جمعية تأسيسية في طبعتها الثانية علي بعض منوال الأولي, حتي ولو أن العوار يسير وليس بالكثير, إن التوافق الابتدائي التمثيلي في بنيان التشكيل وكيان التمثيل قاعدة لا يجوز التغاضي عنها أو المرور عليها إعراضا وتغافلا, بل يجب أن يكون محل اجتهاد وجهد تعاقدي وتراض مجتمعي أكدت فيه الجبهة عدة مسارات مهمة( الإحلال الجزئي من الاحتياطي) إعمالا لقاعدة التمثيل( الجبر الاحتياطي), الهيئة الاستشارية الفنية الفاعلة من علماء القانون والسياسة المعتبرين( الجبر الاستشاري).
الحوار المجتمعي المتنوع والممتد( الجبر المجتمعي والحواري), والتوافق والتراضي الدستوري في البناء والصياغة باعتبارها الأصل والتصويت المحصن بالثلثين باعتباره الحد الأدني في صياغة التعاقد المجتمعي والسياسي والدستوري الجديد( الجبر التوافقي والتصويتي), نقصد بالجبر جبر الكسور والقصور, إن دستورا يكون واقعا بعد ثورة علي تصويت أغلبوي لهو أمر يتغافل عن بناء عناصر الأمان في الكيان الدستوري, يا أسيادنا إن صياغة الدساتير خاصة بعد ثورات لا تكون علي قاعدة الأغلبية والأقلية في مجال السياسة والبرلمان والانتخابات, لكن علي قاعدتي التمثيل والتوافق لأن هذا شأن مجتمعي, إن القاعدة التوافقية في الشأن المجتمعي وصياغة العقود هي الأعلي والأسمي والأرقي. أما عن المنتج فإن القواعد الكلية المحققة لمعاني المرجعية والشرعية والدافعية والجامعية والتعاقدية والفاعلية هي الأساس, ولو فصلنا في ذلك لاحتاج بنا المقام لتأليف كتاب أو كتابة بحوث.
الأمر الثاني وهو مشتق من الأول وهو يحرك قاعدة أخلاقية وقيمية أساسية أن المراضاة والتراضي والاختيار والتمثيل كمداخل للاتفاق والتوافق الجمعي لا يحتمل المزايدة أو المقايضة, ولكن التوافق حركة تشاور مجتمعي تؤصل معني الشراكة والاستهام في سفينة الوطن. هذا بيت القصيد إن اختلاف أهل سفينة الوطن يحتاج منهم أن ينظموا تعددهم ويديروا خلافاتهم, إن الإرادة في التفاعل والإدارة في التعامل مع الاختلاف عملية سياسية وداخلية ومن ثم صار من الواجب علي أن أتعرض بالنقد لمقالة كتبها أحد أصدقائي تتضمن الاستدعاء وقد يكون مقدمة لاستعداء خارجي, أفهم ان العلاقة بين الداخل والخارج ليست انفصالا, ولكن استدعاء الخارج في مسار تعاقدي لوثيقة دستورية مجتمعية وسياسية أمر لا يدخل في دائرة المقبولية أو المعقولية, تحت دعوي أن الدستور ليس مسألة داخلية فقط أو أنه واجبنا التحرك الدولي ومن الآن مع منظمات دولية وبرلمانات ومجتمع مدني وإعلام, أملا في تكثيف الاهتمام والضغط الدولي لمساعدتنا في الدفاع عن دستور عصري ويتبع هذا توظيف القلق الدولي, الحكومي وغير الحكومي, للضغط علي الإسلام السياسي للكف عن تلاعبه بالحقوق والحريات وبهوية الدولة. واجبنا أن نتواصل مع المجلس الأممي لحقوق الإنسان( جنيف), مع البرلمان الأوروبي, مع برلمان عموم إفريقيا, مع برلمانات الولايات المتحدة وأوروبا,.. وأن ندعوها جميعا لدعم موقفنا من الدستور وللضغط علي قوي الإسلام السياسي الحاكمة في مصر اليوم. هذه الدوائر والجهات جميعا تريد لمصر أن تلتزم بالعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان, وأن تضمن بها المساواة الكاملة بين المرأة والرجل, وهنا تحديدا مدخلها للضغط علي جماعة الإخوان وحزبها ورئيسها. ذات الدوائر أيضا, خاصة البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي, تستطيع الضغط علي حكومات دولها لإيصال رسالة واضحة للرئيس مرسي ولأحزاب الإسلام السياسي مؤداها أن الدعم الاقتصادي والمالي مرتبط بإجراءات بناء الديمقراطية وفي المقدمة منها إنجاز دستور عصري يضمن الحقوق والحريات ومدنية الدولة.هل هذا الكلام مقبول أومعقول.
إن حديث المساجلات والتنازعات والمساومات مرفوض في وثيقة دستور الثورة, إن الدستور لا يحتمل ميكيافلية أحد, ولا هيمنة فصيل علي وثيقة وطن يجب أن تخاطب كل أحد, وأخطر من هذا كله أن يفترض أحد أن وثيقة تحمل عقدا مجتمعيا في داخله وأبنائه وقواه وأطيافه لا يمكن أن يتدخل فيها من خارج أي أحد.
إن هذا الشعب بعد ثورته لن يطلب معونة خارجية في تقرير مساراته وخياراته, حتي ولوكان ذلك ضغطا, إن هذا الشعب ملك أهليته الكبري بثورته لن يقبل استدعاء خارجيا لأحد أو وصاية من أحد, ولايمكنه أن يقبل تدويل ماهو داخلي, فهل تعلمنا دروس ثورة يناير. إن اختبار الدستور هو اختبار لنا جميعا.. دستور يا أسيادنا.
المزيد من مقالات د.سيف الدين عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.