طرح الخبير في الشؤون الدولية مايكل هيوز، حلا جديدا للنزاع بين إيران وإسرائيل بشأن البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، وهو أن يقوم الرئيس المصري -ذو التوجه الإسلامي محمد مرسي- بدور الوسيط لحل هذا الصراع الذي طال أمده لأكثر من عقدين، أطلقت خلالهما إسرائيل تهديدات متواصلة بضرب المنشآت النووية الإيرانية. ففي مقال نشر في صحيفة "هوفينجتون بوست" الأمريكية، قال الكاتب الأمريكي - إن مرسي لديه فرصة تاريخية للمساعدة في حل الأزمة الحالية بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية عن طريق استغلال مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل من جهة، واستغلال رغبة إيران في عودة العلاقات مع مصر من جهة ثانية. وكتب هيوز في مقاله: "إن مرسي في موضع متميز يؤهله لإبرام سلام جيد ولمنع إسرائيل والولاياتالمتحدة من شن هجمات جوية ضد منشآت نووية إيرانية، لكنه أضاف أن هذا الأمر يرجع بشكل كبير إلى قدرة جميع الأطراف على التخلي عن اختلافاتهم الأيديولوجية والتركيز على المصالح الحقيقية والبدء في مفاوضات مدروسة بطريقة جيدة". وقال الكاتب إن هذه الفكرة سوف تبوء بالفشل في حالة عدم بدء القاهرة وطهران في استعادة علاقتهما، منوها في الوقت نفسه إلى أهمية زيارة مرسي لإيران الأسبوع الماضي لحضور قمة دول عدم الانحياز. وقال إن مرسي أصبح أول رئيس مصري تطأ قدماه إيران منذ أن قطعت مصر وإيران علاقتهما الدبلوماسية عام 1979 في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وقال الكاتب إن زيارة مرسي لإيران ذات مغزى كبير على الرغم من انتقاد مرسي للنظام السوري الحليف الرئيس لإيران في المنطقة، لافتا إلى أن إيران ترى مصر زعيمة العالم العربي وشريك استراتيجي محتمل يستطيع أن ينهي عزلة إيران الدولية. وأردف الكاتب قائلا: "ضم مرسي – من جانبه – إيران كجزء من حل إقليمي يرمي إلى إنهاء العنف في سورية، ووضع مقترح بأن تعمل كل من مصر وإيران وتركيا والسعودية معا على إيجاد خروج آمن للأسد من السلطة وهو ما سيسمح للسوريين بتأسيس حكومة تمثلهم." وأضاف :"يبدو أن الإيرانيين منفتحين لهذا الاقتراح وهو ما يمثل تغيرا جوهريا في الموقف الإيراني الذي يساند الأسد بشتى الطرق مخافة من هيمنة سعودية أمريكية على المنطقة". وقال الكاتب إن مصر تستطيع كبح جماح إيران النووي مما يمهد الطريق إلى موافقة إيران طواعية على تخصيب اليورانيوم لأهداف غير عسكرية ولمستوى متفق عليه من قبل الأسرة الدولية. وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، قال هيوز إن الدولة العبرية سوف تؤيد المبادرة المصرية لعدة أسباب في مقدمتها مخاوف إسرائيل ليس فقط من أن ترفض مصر استمرار اتفاقية السلام مع إسرائيل ولكن من فقدان الدولة العبرية حليفها الوحيد في المنطقة. قال هيوز :"تستطيع مصر تبديد المخاوف الإسرائيلية ( بشأن اتفاقية السلام) في مقابل تعهد الدولة العبرية بعدم ضرب إيران على فرضية أن تتعهد إيران باستخدام الطاقة النووية لأهداف داخلية بحتة". وأرجع الكاتب اقتراحه بأن تكون مصر وسيطا إلى آراء عدد قليل من خبراء المنطقة من بينهم بيبي اسكوبار الذي رجح أن تقوم جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر بالبدء في إطفاء صورة اشمل لمعاهدة كامب ديفيد. ونقل هيوز عن اسكوبار قوله: "إذا أظهرت جماعة الإخوان المسلمين سياسة خارجية مستقلة في الشهور الثلاثة القادمة بما يتضمن إعادة التفاوض بشأن اتفاقية السلام، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك وباراك سيبدون الكثير من التفهم لذلك." وتطرق الكاتب إلى أن دور الوساطة الذي قد تقوم به مصر يواجه معارضة شديدة من البلدين (إيران وإسرائيل)، مشيرا إلى أن الأحزاب اليمنية في إسرائيل والإسرائيليون المتشددون سيرون ضرورة تجريد إيران من أي نوع من الطاقة النووية بغض النظر عن الأغراض والأهداف المرجوة. وفيما يتعلق بإيران، قال الكاتب إن رجال الدين في إيران يبدو أنهم مصممون على مواصلة مساعي امتلاك سلاح نووي، حيث ينظرون إلى ذلك باعتباره انتصارا كبيرا للجمهورية الإسلامية. واعتبر الكاتب أن مرسي سيواجه معارضة في أي محاولة للوساطة بين إيران وإسرائيل، من جانب الأطراف السنية المتشددة في البلاد والراغبة في قطع العلاقات مع الغرب وإسرائيل وإيران الشيعية على حد سواء. ونوه الكاتب إلى أن التوصل إلى حل بديل لهذه التسوية المعتدلة ليس بالأمر السهل، مؤكدا على أن شن ضربات جوية لن يوقف البرنامج النووي الإيراني بل سيؤدي أي هجوم على إيران إلى تنامي دور المتشددين، ويدفع إيران على تسريع أنشطتها لإنتاج قنبلة نووية بهدف صد أي هجوم في المستقبل، ومن ثم سيبعد الإيرانيين عن الغرب. وقال إن العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران على خلفية البرنامج النووي، ساعدت رجال الدين في إيران على إعادة وصف الولاياتالمتحدة "بالشيطان الأكبر" من جديد. وقال هيوز إن الوضع الاقتصادي المصري المتردي حاليا واقتراب البلاد من التعرض لانهيار مالي هو ما يعوق أي دور قد تقوم به مصر للوساطة في الأزمة النووية الإيرانية بيد أن الكاتب قال إن النظام المصري يتمتع بروح معنوية كبيرة إذ أنه جاء في أعقاب ثورة شعبية. وأكد الكاتب أهمية الدور المصري في المنطقة، وعلى ضرورة أن تقوم مصر بالوساطة بين إيران وإسرائيل لتعزيز نفوذها في المنطقة، مشددا أيضا على حتمية أن تقدم الدول ذات المصالح المشتركة – الولاياتالمتحدة ومصر وإيران وإسرائيل – تنازلات كبيرة، وإلا فسيخسر الجميع.