مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    تقرير حكومى: توقعات بنمو مبيعات الأدوية إلى 5.7 مليار دولار خلال 2025    آمال ماهر عن صوت مصر: «مش عايزة أكون رقم واحد.. واسمي أكبر من أي لقب» (فيديو)    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مواجهات جديدة بين الشرطة ومتظاهرين أمام فندق يؤوي مهاجرين في لندن    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: مشروع الهوية البصرية تعزيز للانتماء وتأصيل للقيم المصرية    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    إنفوجراف| حصيلة 650 يوما من الحرب الإسرائيلية في غزة.. «أرقام الشهداء والجرحى»    رئيس الأركان الإسرائيلي لجنوده: إنجازاتكم تسرع هزيمة حماس    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    اليوم| محاكمة المتهمين في قضية فض اعتصام رابعة    السجن المؤبد ل 5 أشخاص لإتهامهم بالإتجار فى المخدرات بالبحيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: هناك علماء مصريين متواجدين في كل دول العالم    مستشفى العامرية تنجح في إجراء جراحة دقيقة لطفل حديث الولادة يعاني من كيس سحائي    لاحتوائها على مواد سامة.. 3 منتجات يجب إزالتها من منزلك    وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس غرب النيل    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    بين الهلال وليفربول، الكشف عن مصير إيزاك    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    بالأصفر الساطع وتحت شمس البحر المتوسط... ياسمين رحمي تخطف الأنظار بإطلالة صيفية تبهر متابعيها على إنستجرام    متحدث الوزراء: جاهزون لتعيين وزير بيئة جديد في التوقيت المناسب    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    أسامة عرابي: الطريقة التي تعامل بها وسام أبو علي مع الأهلي خارج نطاق الاحترافية    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    بعد مد فترة التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. «اَخر موعد للتقديم»    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 بالصاغة    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    اعتذار الهلال عن عدم المشاركة في السوبر السعودي.. والاتحاد يؤكد اتخاذ الإجراءات اللازمة    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    "تدخل الإدارة".. نجم الأهلي السابق يكشف مفاجأة بشأن غضب لاعبي الفريق    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    هل يستخدم نتنياهو حالته الصحية لشلّ المفاوضات وتجميد محاكمته؟ (تفاصيل)    غرق مركب في نهر النيل بالغربية.. إنقاذ 3 أشخاص واستمرار البحث عن مفقود    وزير الثقافة يفتتح الدورة ال18 من "المهرجان القومي للمسرح المصري" ويكرم رموز الفن المسرحي    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين: قصة نجاح صُنِعَت في أمريكا
نشر في التغيير يوم 08 - 09 - 2012

كانت الاستراتيجية الأمريكية في آسيا لأكثر من قرن من الزمان، حريصة على فرض توازن القوى لمنع صعود أي قوة مهيمنة. إلا أن الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير استراتيجية الأمن القومي الرسمية، ملتزمة أيضاً استيعاب "بروز الصين المسالمة المزدهرة والمتعاونة معنا في مواجهة التحديات المشتركة وإدارة المصالح المتبادلة". وبالتالي فإن السياسة الأمريكية في آسيا كانت في حرب مع نفسها بشكل أو آخر. الواقع أن الولايات المتحدة لعبت دوراً رئيساً في صعود الصين.
على سبيل المثال، بدلاً من مواصلة العقوبات التجارية ضد الصين بعد مذبحة ميدان السلام السماوي في العام ،1989 قررت الولايات المتحدة دمجها في المؤسسات العالمية. ولكن السياسة الخارجية الأمريكية كانت تتسم بنهج ودي في التعامل مع الصين قبل ذلك بفترة طويلة. في العام ،1905 طالب الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت الذي استضاف مؤتمر السلام في بورتسموث بنيو هامبشاير بعد الحرب الروسية اليابانية، بإعادة منشوريا إلى الصين التي كانت تحت حكم المانشو آنذاك، وإيجاد توازن للقوى في شرق آسيا. وانتهت الحرب إلى تحول الولايات المتحدة إلى مشارك نشط في شؤون الصين. بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة في الصين في العام ،1949 أعلنت الولايات المتحدة صراحة أنها تعدّ الصين الشيوعية كياناً حميداً، ومتميزاً بالتالي عن الشيوعية السوفييتية. وبعد سحق الشيوعيين للحركة المناصرة للديمقراطية في العام ،1989 ساعدت الولايات المتحدة على تحويل الصين إلى طاغوت من طواغيت التصدير، والتي نجحت في تكديس فوائض تجارية هائلة وأصبحت المصدر الرئيس لتدفقات رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة.
لقد مرت السياسة الأمريكية في التعامل مع الصين الشيوعية بثلاث مراحل: في المرحلة الأولى، كانت أمريكا تتودد إلى نظام ماو تسي تونغ، على الرغم من الحرب الكورية، وضم الصين للتبت، وعمليات "مطاردة الساحرات" المحلية، مثل حملة المئة زهرة. وفي أثناء المرحلة الثانية حل الجفاء والنفور محل التودد والمغازلة، حيث سعت السياسة الأمريكية طوال القسم الأعظم من ستينات القرن العشرين إلى عزل الصين. ثم بدأت المرحلة الثالثة مباشرة بعد المناوشات العسكرية التي وقعت بين الصين والاتحاد السوفييتي، مع سعي الولايات المتحدة بقوة إلى استغلال هذا الصدع في العالم الشيوعي لجذب الصين إلى استراتيجيتها المناهضة للنظام السوفييتي. ورغم أن الصين كانت بكل وضوح الطرف الذي استفز تلك الصدامات الدامية على الحدود، فإن أمريكا لم تجد غضاضة في الوقوف في صف نظام ماو. ولقد ساعد هذا في إرساء حجر الأساس "لانفتاح" الصين خلال الفترة 1970 ،1971 والذي صممه مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر الذي كان حتى ذلك الوقت على معرفة ضئيلة بشؤون الصين.
ومنذ ذلك الحين، انتهجت الولايات المتحدة سياسة واعية في مساعدة نهضة الصين، بل إن الرئيس جيمي كارتر أرسل مذكرة إلى مختلف وزارات الحكومة الأمريكية لتوجيهها إلى المساعدة في تحقيق نهضة الصين، وهو النهج الذي لايزال سارياً حتى يومنا هذا، حتى على الرغم من سعي الولايات المتحدة إلى التحوط ضد الخطر المتمثل في تسبب القوة التي اكتسبتها الصين في إصابتها بالغطرسة. والواقع أنه حتى الصواريخ التي أطلقتها الصين باتجاه مضيق تايوان في العام 1996 لم تغير سياسة الولايات المتحدة.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الولايات المتحدة كانت تعمل على تخفيف علاقاتها الوثيقة بتايوان تدريجياً، حيث لم يقم أي عضو في الإدارة الأمريكية بزيارة الجزيرة منذ تلك المناورات الصاروخية. وبالنظر إلى الأمر في هذا الضوء، فسوف يتبين لنا أن النجاح الاقتصادي المذهل الذي حققته الصين بما في ذلك كونها الدولة صاحبة أضخم فائض تجاري واحتياطي من العملات الأجنبية على مستوى العالم تدين بالكثير منه إلى السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة منذ سبعينات القرن العشرين وحتى الآن. فلولا التوسع الكبير في التجارة والعلاقات المالية بين الولايات المتحدة والصين، لكان نمو الصين أبطأ كثيراً وكان الحفاظ عليه أصبح أصعب. وبهذا التحالف أثناء النصف الثاني من الحرب الباردة، خرجت الولايات المتحدة والصين من الحرب كشريكين يربطهما نوع من الاعتماد المتبادل. فأمريكا تعتمد على فائض الصين التجاري ومدخراتها لتمويل العجز الضخم في ميزانيتها، في حين تعتمد الصين على صادراتها الضخمة إلى الولايات المتحدة لدعم نموها الاقتصادي وتمويل عملية تحديث مؤسستها العسكرية.
وباحتفاظ الصين بأكثر من ثلثي احتياطاتها الهائلة من النقد الأجنبي في هيئة أصول مقومة بالدولار الأمريكي، تمكنت أيضاً من اكتساب قدر كبير من النفوذ السياسي. ومن هنا نستطيع أن نعدّ الصين دولة مختلفة تماماً عن خصوم الولايات المتحدة السابقين. فالمصالح الأمريكية الآن متشابكة بشكل وثيق مع الصين، حتى إن انتهاج الولايات المتحدة سياسةً تهدف إلى عزل الصين أو مواجهتها، لم يعد احتمالاً واقعياً أو ممكناً. غير أنه من الصحيح أيضاً أن الولايات المتحدة لا تشعر بارتياح إزاء الهدف الذي لا تهتم الصين كثيراً بإخفائه، والمتمثل في فرض هيمنتها على آسيا، وهو الهدف الذي يتعارض تماماً مع أمن الولايات المتحدة ومصالحها التجارية ومع الهدف الأكبر المتمثل في ضمان توازن القوى في آسيا. ولتجنب هيمنة الصين، بدأت الولايات المتحدة بالفعل في بناء مناطق نفوذ وشراكات موازنة، من دون بذل أي محاولة لاحتواء الصين. ففي نظر الولايات المتحدة، تساعد قوة الصين المتنامية في إضفاء الشرعية على انتشارها العسكري في آسيا، والحفاظ على حلفائها في المنطقة، والفوز بشركاء استراتيجيين جدد.
والواقع أن الجهود المتزايدة التي تبذلها الصين لتأكيد وجودها وفرض هيمنتها، أثبتت كونها نعمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، إذ تعينها على تعزيز وتوسيع علاقاتها الأمنية في آسيا. والدرس هنا واضح: فالصعود الذي لا يخلو من استعراض العضلات لقوة عالمية، من شأنه أن يعزز من أهمية ودور قوة عالمية أخرى في انحدار نسبي. فقبل عشرة أعوام فقط، بدأت الولايات المتحدة تشعر بتهميش دورها في آسيا، نظراً لتطورات عديدة، بما في ذلك "الهجوم الساحر" من قِبَل الصين.
لكن الولايات المتحدة عادت الآن وبقوة إلى مركز الصدارة. فقد عززت كوريا الجنوبية تحالفها العسكري مع الولايات المتحدة؛ وتراجعت اليابان عن محاولة إقناع الولايات المتحدة بنقل قاعدتها البحرية إلى خارج أوكيناوا؛ وسمحت سنغافورة للبحرية الأمريكية بإقامة محطة لسفنها هناك؛ وتستضيف أستراليا قوات من سلاح مشاة البحرية الأمريكية وغيره، كما بادرت الهند وفيتنام وإندونيسيا والفلبين، بين دول أخرى، إلى توثيق علاقاتها مع الولايات المتحدة. ولكن لا ينبغي لأحد أن يستسلم للأوهام بشأن سياسة الولايات المتحدة، فعلى الرغم من "محور" أمريكا المزعوم إلى آسيا، فإنها تعتزم الالتزام بنهجها ذي الشقين: السعي إلى الحفاظ على توازن القوى بمساعدة حلفاء وشركاء استراتيجيين، والاستمرار في الحين نفسه، في مواءمة مصالحها مع الصين الصاعدة.
----------------------------------------------------
* براهما تشيلاني - أستاذ الدراسات الاستراتيجية لدى مركز بحوث السياسات في نيودلهي، ومؤلف كتاب "الطاغوت الآسيوي"، والمقال يعكس وجهة نظر مدرسة التفكير الاستراتيجي الهندي (الرسمية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.