الأنبا إكليمندس يشارك في ندوة مرور 60 عامًا على وثيقة "نوسترا إيتاتي"    خبير اقتصادي يكشف توقعات أسعار الذهب في 2026    مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم العروب بالضفة    نائبة أوكرانية: مقترحات السلام الحالية غير واقعية وروسيا تسعى للسيطرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    إسرائيل ترد على طلب ترامب بالعفو عن نتنياهو: الديمقراطية فوق كل اعتبار    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 9 مسلحين في عمليتين استخباراتيتين بولاية خيبر باختونخوا    انطلاق مباراة ليفربول وليدز يونايتد.. محمد صلاح بديلا    قرار قضائى جديد فى محاكمة المتهمين ب "رشوة مصلحة الضرائب"    السجن 3 سنوات لشاب بتهمة سرقة أسلاك كهربائية من مقابر بقنا    بحضور قيادات المحافظة.. إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين ببني سويف صور    أصالة تحسم الجدل حول انفصالها عن زوجها فائق حسن    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    كين يقود بايرن لاكتساح شتوتجارت في الدوري الألماني    سقوط إمبراطورية المال السياسي تحت فرمان الرئيس السيسي    ب 10 جنيهات، هشام الجخ يكشف بداياته من حفلات "الأندر جراوند" إلى القمة    خالد محمود يكتب: أفضل أفلام 2025    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    صحة المنوفية تتفقد 3 مستشفيات بمنوف لضمان انضباط الخدمة الطبية    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    عمر مرموش يشارك فى مباراة مان سيتي ضد سندرلاند قبل 20 دقيقة من النهاية    بدء فرز الأصوات على جدول أعمال عمومية المحامين لزيادة المعاشات    الفريق أحمد خليفة يلتقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    لليوم السادس التموين تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    إطلاق الشهادة المرورية الإلكترونية رسميًا.. خطوة جديدة نحو «مرور بلا أوراق»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي: سنعمل على تذليل أي عقبات لضمان نجاح مشروع المدارس اليابانية بمصر    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين أصنام العجوة المصنوعة في الإعلام والحقيقة، كيف تجد طريقك؟!
نشر في التغيير يوم 01 - 09 - 2012

"كل الحقائق سهل فهمها عند اكتشافها، ولكن المشكلة باكتشافها" جاليليو
تكمن أكبر مشاكل التعاطي مع الوسيلة الإعلامية في آلية النقد والتدقيق، وفي غياب مهارة التفكير النقدي، وهذه المهارة تنقص طرفي المعادلة، الوسائل الإعلامية والمشاهد. أو فلنعمم هنا، الناس بشكل عام، تفتقد لهذه المهارة التي تعني باختصار «عملية تحديد وتقييم المعلومات الواردة إلى حواسك بأن تقبلها أو ترفضها أو تبدي تحفظا عليها»، أو بتبسيط أكثر أن تضع حاجزا بين المعلومات الواردة وعقلك وأن تتشكك وتتسائل عن جودة وصحة وموضوعية المعلومة الواردة قبل أن تقبل دخولها إلى عقلك أو ترفضها. ونتيجة غياب التفكير النقدي أنك تترك العالم يحدد لك ما تعرفه، ما تقبله وما ترفضه، ما تحبه، ما تأكله وما تريد شرائه.
وسائل الإعلام، والمدرسون، والسياسيون وغيرهم، وهذا هو المطلوب، هم لا يريدونك أن تعلم، لهذا لا تتعلم في المدارس كيف تنتقدهم. كيف تعرف أن ما يقدم لك في الإعلام ليس الحقيقة، فما يقوله السياسة اعتمادا على ضعف ذاكرتك لا يجب أن يكون الحقيقة. إن ما تتعلمه في المدرسة ليس مقدساً أو قرآناً منزلاً، فالمنهج الدراسي يا سيدي مخصص من أجل أن تصبح طفلا جميلا مطيعا تشرب اللبن وتنام في التاسعة.
وبحسب الفنان الأميركي جورج كارلين:
«.. سأخبرك بما لا يريدون. لا يريدون مجتمعا من المواطنين القادرين على التفكير النقدي، لا يا سيدي، لا.. فهذا مضاد لمصالحهم. لا يريدون أشخاصا أذكياء، يجلسون حول مائدة العشاء، يفكرون كيف تضطهدهم الدولة هكذا.. لا يا سيدي، هم يريدون عمالا، عمالا مطيعين منتجين، أذكياء بالقدر الكافي لتدوير الآلات وإنهاء الأعمال الورقية، وأغبياء بالقدر الكافي لعدم الاعتراض على وسائل الحياة المعدومة والمرتبات الزهيدة وساعات العمل المتزايدة وتضخم الأموال في جيوب السادة، والغريب أن أحدا لا يلاحظ هذا ! »
آه، أما زال هنالك من لم يلاحظ هذا بعد؟ تعالى نطالع معا كمية الأكاذيب التي ألقيت علينا من وسائل إعلامية مختلفة، «مضاجعة الموتى/مضاجعة الوداع»، «مخطط تقسيم مصر»، «التمويل الأجنبي»، حزب الله القائم بالثورة، «تسبب البرادعي بحرب العراق»، «موافقة أبو الفتوح على التطبيع»! آه.. جميل جميل،ولكن يجب ألا ننسى الألعاب الأحلى: «الانفلات الأمني» و«تامر من غمرة» و«اقتحام وزارتي الدفاع والداخلية»، كلها أكاذيب سهلة الانكشاف، ولم يبذلوا جهدا كبيرا في ترويجها، أتعرف لماذا، لأنهم يعرفونك، يعرفون أن المشاهد لا يبحث عن الحقيقة.. بل يرضى بعبودية وسائل الاعلام وسجن الأيدولوجيا وطاعة الكبار والسادة، ولا يرغب في أن يجهد نفسه في معرفة الحقيقة، واستجلائها واستقصائها، والتثبت من مصدر المعلومة وقائلها ومدى حجيته. أنريد المزيد؟ دعنا نتذكر «الاستقرار» و«أزهى عصور الديمقراطية» و«الجيش لم يطلق رصاصة واحدة على مصري»، أترى كيف يهان ذكاء الجمهور؟
إنهم يراهنون على هذا الكسل، ويغضبون كثيرا عندما تعرف الحقيقة، ويفعلون ما بوسعهم حتى لا يعرف أحد كيف يتأكد من الحقيقة، لكنهم لا يستطيعون ذلك الآن، فلسنا كمن قبلنا، لن يخدعونا كما خدعوا من قبلنا..
لكن هذا سوف يكون موضوعا طويلا للغاية، لذا فسأكتفي بأن نتحدث اليوم سويا فقط عن وسائل الاعلام، وكيف نتابعها بشكل نقدي، كيف نقبل أو نرفض ما نراه، نصدقه أو نكذبه، خاصة مع تطور وتنوع هذا الوسائل فبعدما كان المصدر الوحيد هو التلفاز والمدرسة ومؤسسات الدولة أصبح الإنترنت وسيلة اعلامية، أصبحنا نستقي المعلومات والأخبار من الإنترنت ومن تويتر والفايسبوك، الجرائد الاليكترونية ومدونات النشطاء وكتابات الاصدقاء ومقاطع الفيديو، لم تصبح الجريدة ومقالات كبار الكتاب هي مصادرنا الوحيدة، بل أيضا نصل الي المجلات والجرائد الاجنبية ونتابعها، كيف نتاكد اذا من صدق وكذب معلومة في وسط هذا البحر المتلاطم من المعلومات الواردة؟
يجب أن تكون متشككا، متشككا جدا، وان تطرح العديد من الأسئلة قبل أن تقبل المعلومة وترفضها...
****
لنفعل هذا، تعالوا نتناول الموضوع بشكل علمي. تنقسم المعلومة لعدة أقسام يجب أن نتثبت من كل جزء منها:
- القائل أو مالك المعلومة ومصدرها
- الناشر أو وسيلة الاعلان
- الموضوعية والعقلانية
- السياق والتاريخ
القائل: نبدأ دائما باختبار القائل، هل حقا قال هذا؟ وكيف نتثبت أنه فعلا القائل؟ومن هو أصلا؟ هل يملك مصداقية في هذا الموضوع؟ ما هي مؤهلاته حتى تصدقه وهو يتكلم في هذا الموضوع؟ هل هذا هو مجال اختصاصه أصلا؟هل له اتجاهات فكرية معينة معروفة مؤثرة على بيانه؟هل هناك شبهات معينة حوله؟
مثال: انتشرت شائعة لفترة أن البرلمان ناقش قانونا لاباحة "مضاجعة الموتى"، وانتشر الخبر كالنار كالهشيم، لم يتسائل أحد عمن قال هذا أصلا!، وقبل الكثيرين بالمعلومة وللأسف منهم الكثير من الأكاديميين ! رغم انه لو توقف شخص واحد وأعمل سؤال القائل لعرف الحقيقة، فلو جربت أن تبحث عن الموضوع على الإنترنت لتوصلت أن بداية الخبر جاءت من مقال في جريدة الأهرام عنوانه: "وا إعلاماه" لعمرو عبد السميع يقول فيه بالنص:
"إذ بتنا نسمع في هذه الأيام السعيدة من يتحدث عن ضرورة صدور تشريع يسمح للبنت بالزواج في سن الرابعة عشرة, أو قانون آخر يقر ما سماه البعض (مضاجعة الوداع) التي تسمح للزوج بمواقعة زوجته خلال الساعات الست التي تلي وفاتها!, هذا الي جوار المنظومة التقليدية التي ترمي الي سلب النساء حقوقهن في العمل والتعليم, ومحاصرتهن بأكثر التفسيرات رجعية وجهلا للنصوص الدينية."
المقال كاملا:http://www.ahram.org.eg/878/2012/04/24/4/145276.aspx
حسنا، هذا خبر كامل، سنعمل على تحليله سويا بسؤال القائل:
-هل حقا قال هذا؟ ينسب عمرو عبد السميع الكلام للمجهول"بتنا نسمع" فمبدئيا لا يعتد بهذا مصدرا لمعلومة، ثم في جزء آخر من المقال يشير لأن هذا الموضوع معروض على البرلمان، فهل هناك في مضبطة البرلمان أو في اي من حلقاته المذاعة اي اشارة لهذا؟ وهل يعقل أن يحدث هذا بكون أن ينتبه أحد من المشاهدين ويصبح هناك مقطع فيديو واضح لهذه المناقشة؟
- من هو أصلا؟ آه، نبدا هنا بالبحث عن عمرو عبد السميع فنكتشف أنه دكتور في العلوم السياسية، باحث في مركز الاهرام الاستراتيجي، مقرب بشدة من النظام السابق وكان يقدم برنامج شهير يسمى «حالة حوار» اشتهر بمهاجمة الإخوان والتدليس عليهم واستضافة دائمة لأعضاء الحزب الوطني (وإن أردت بحثا أكثر فابحث عن كتبه وانظر في مقدماتها تجد مهازل أخرى)
لا أظن اننا بحاجه لأسئلة أخرى لنحدد عدم صلاحية اعتبار القائل مصدرا حقيقيا لمعلومة كهذه فهو محسوب على النظام السابق، عدو معلن للاخوان ولا يملك أي دليل قائم على أن البرلمان ناقش مثل هذا الموضوع بالفعل وترجيح كذبه أكبر بكثير من امكانية صدقه، ومع هذا انتشرت الشائعة بقوة !
****
الناشر أو وسيلة الإعلان
من الناشر؟ أو وسيلة الاعلان؟ هل هي وسيلة أو مصدر رسمي للخبر؟ هل هي مصدر موثوق؟ أم مدونة شخصية؟ أو منتدى؟ هل هناك اتجاهات معروفة للوسيلة؟ هل هي جريدة اليكترونية؟ ما هي سياسة الوسيلة التحريرية ومدى اسقلاليتها ومصداقيتها؟
هذا سؤال أصعب قليلا، فالوسائل الإعلامية عادة ما يكون لها اتجاهات عامة وعادة يختلف الناس في هذا التقييم فهناك من يرى قناة اون تي في مثلا مستقلة وآخرين يرونها تابعة لساويرس تكره الاسلاميين، وغيرها من الرؤى، وهنا يقع التقييم عبئا على المشاهد وأن يحاول قدر المستطاع أن يكون موضوعيا في تقييمه للوسيلة
ولكن مثلا نستطيع ن نتفق أن الأهرام مثلا لا يصح اعتبارها مصدرا لتبعيتها وتبعية سياستها التحريرية للنظام السابق، الجرائد الاليكترونية كاليوم السابع لا يصح اعتبارها مصدرا علميا أبدابل وحتى ويكيبيديا قد تعتبر وسيلة مبدئية للمعرفة ومفيدة للغاية لكن في حد ذاتها ليست مصدرا بل يجب أن تدقق في مصادرها المذكورة اسفل المقال لأن القائمين عليها متطوعين أفراد غير منزهين عن الهوى والرأي الشخصي.
في الزمن الراهن تستطيع أن تطمئن أكثر بمقاطع الفيديو ومشاهدة الخبر رؤي العين رغم ما يمكن أن يحدث من تلاعب أيضا في الصورة سنأتي اليها لاحقا.
حتى الوسائل الاجنبية، لا يجب أن تعتد بالجرائد الاجنبية لمجرد انها اجنبية، بل يجب أن تبحث عن مدى تقييم الناس لهذه المطبوعة الأجنبية ومدى مصداقيتها.
في ادنى مستويات المصداقية المدونات الشخصية ومدونات النشطاء، وتحتاج لوقت طويل حتى تبني ثقة في اسماء بعينها ولتثق "شخصيا" في مصدايقة ما يكتبون وفي نفس الوقت يبقى هذا مصدرا شخصيا لك ولكن لا تستطيع أن تأخذ مدونة أو منتدى كمصدر أصيل لمعلومة.
وأورد هنا مثالا عبقريا لا ننساه وهو ظاهرة الشاهد العيان في فترة ما عرف ب"الانفلات الامني" في ال18 يوم الاوائل، فقد امطرت القنوات المحلية والخاصة بمكالمات من "شهود عيان" على ما يحدث في الميدان وقت انقطاع الإنترنت والاتصالات ولم يكن لدينا مصادر لتأكيد الاخبار، وكلنا رأينا كيف كانوا يكذبون بشراهة، وأحب أن اشير هنا لنموذجين من الاعلاميين وتعاملهما مع هذه المكالمات كانت القنوات المصرية تستقبل مكالمات باكية وصارخة قاصده رعب المشاهد وايهامه بأن حزب الله وراء الثورة ولا ننسى العزيز تامر من غمرة وقصص كنتاكي وما شابه، في نفس الوقت كان يسري فودة يمطر اي متصل اسئلة واضحه للتثبت من حديثه كلها تصب في خانة التثبت من المصدر وتمحيص كلامه لأن "شاهد العيان" لا تستطيع أن تعتبره مصدرا حقيقيا.
****
الموضوعية والعقلانية ومدى صدق المعلومة
وهنا يجب أن نعرف معلومة هامة للغاية، يجب أن نفرق بين الرأي والحقيقة، هل ما قيل هو رأي؟ أم هي حقيقة؟
الحقيقة، يجب أن تكون مصدرا مؤكدا لا يدع مجال للنقاش كقانون، ورقة رسمية صادرة من جهة رسمية، مضبطة البرلمان، تحقيق نيابة، مقطع فيديو واضح، احصائية رسمية.
عندما يخبرك كاتب في مقال أن معدل البطالة في مصر 35% مثلا، هل هذه حقيقة؟ يجب أن نسأل ما مصدرها؟ أهي دراسة؟ من قام عليها؟ مدى مصداقية المركز القائم عليها؟من يتبع؟
هل هو رأي؟ ماذا يدعمه؟ هل هناك مصادر وحقائق واضحة تدعمه؟ احصاءات دقيقة وموثقة تصلح كمصدر؟ عقلانية؟متحيزة لرأي؟ هل قرأت الرأي المقابل لتحدد حجية هذا الرأي؟ هل تدعم الحقائق المثبتة هذا الرأي؟
خبر كالتمويل الأجنبي، يجب أن تسأل، هل هناك تحقيقات نيابة؟ هل وجدوا خرائط للتقسيم؟ أين هي؟ هل تم اثبات التمويل؟ كيف؟ هل هناك حسابات مثبتة باسم هذه المراكز؟ هل هناك دليل على تلقيهم اموال ضخمة؟ كل هذا لن تجده منشورا في اي خبرا، أتعلم لماذا يا رفيق؟ لانه كذب...
خبر كمضاجعة الموتى، هل هناك معلومة مثبتة في مضبطة المجلس بهذا؟ كيف نصدق أن هذا نوقش في البرلمان بدون أن يراه احدا ولا يعلق عليه وبدون وجود اي مقاطع فيديو تثبت هذا؟
معلومة كتسبب البرادعي في دخول أمريكا العراق، يجب أن تفكر، كيف؟ ماذا فعل ليسمح؟ هل صرح بقبوله مثلا لهذا التدخل؟ متى؟ وأين؟ وأين الفيديو الذي يدل على صدقك؟ كيف كان تقريره عن الأسلحة النووية في مجلس الأمن؟ هل شاهدته بنفسك وتأكدت مما قال؟
http://www.youtube.com/watch?v=GZPfW11pp6U
خبر آخر مثل "محاولة الثوار اقتحام وزارة الداخلية في محمد محمود"، و بحث بسيط على الإنترنت تستطيع بسهولة أن ترى خريطة المنطقة على الإنترنت وتعرف أن وزارة الداخلية على بعد مسافة لأكبر من 700 متر من مكان تمركز الثوار !
http://productnews.link.net/general/News/23-11-2011/n/dakhlia1_L_2011112...
مثال رائع للغاية أورده هنا على كيفية التثبت من المصادر، الرائع باسم يوسف،اعلامي جديد في المجال مثل باسم رأس ماله ومحور تفوقه الرئيسي هو اهتمامه الشديد بهذه العملية مع فريق اعداده الشاب في معظمه، أنصح الكل بمشاهده هذه الحلقة الرائعة التي يتحدث فيها عن أكذوبة مخطط تقسيم مصر وبحثه وتدقيقه في هذا الموضوع وما وصل اليه باستخدام اسئلة مشابهة لما اوردته:
http://www.youtube.com/watch?v=bGez3rpRkLs
وجزء آخر في نقاشه على قناة الحافظ فيه تساؤلات أوضح من باسم للمقدم:
http://www.youtube.com/watch?v=ZGU7pOsR07s
وعندما تقرأ مقالا ويورد معلومة يجب أن تتاكد، هل أرجعها لمصدرها؟ هي مصدرها حقيقي وموثوق؟
***
السياق والتاريخ
لا يجب أبدا أن تصدق حديثا مخرجا من سياقه، يجب أن تبحث دائما عن السياق وتنظر للصورة كاملة
فانظر مثلا إلى ما قيل أن بلال فضل قال "يمتلك الرئيس ذكاءا نادرا وعبقريا" ونشر البعض هذا الكلام على لسان الرجل رغما أن بحث سريع على الإنترنت ستجد المقال الذي وردت فيه هذه الجملة والتي ستكتشف انها قيلت في معرض سخرية بلال منه بامتلاكه عبقرية اودت بالوطن إلى الهلاك، أو الفيديو الشهير الذي يظهر ابو الفتوح يقبل اعتراف فلسطين بالكيان الصهيوني ثم اثبتت حملته انه مقتطع من سياقه:
http://www.youtube.com/watch?v=mksFkv3yiys
والتاريخ، يجب أن تبحث عن تاريخ الخبر وتتأكد منه وتتأكد انه مناسب للحدث.
فمثلا لا ننسى كوميديا المجلس العسكري في الحديث عن وجود منجنيق في ميدان التحرير وقت محمد محمود ثم نظرة سريعة على الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية نجد أن تاريخ الفيديو على الإنترنت هو يوم 3 فبراير 2011 اي قبل أحداث محمد محمود ب7 شهور كاملة!
http://www.youtube.com/watch?v=L4oupjCsHHw
طبعا لم أرد في الأمثلة أن اورد الكذبة الأشهر "الجيش لم يطلق رصاصة واحده على مصري" فمقاطع الفيديو واوراق المشارح المختلفة كافية جدا للتأكد من كذب هذا الادعاء!
****
التجرد
تجرد للحق يا رفيق، ابحث عن الحقيقة كما هي لا كما ترغب فيها، ولا تستخدم آليات الانكار لتكذب الحقيقة. لا تأخذ موقفا مبدئيا اذا نقل لك خبر على غير هواك "مفيش دليل ومفيش فيديو، يبقى الكلام ده كذب ومستحيل الجيش يعمل كده"، "ابو اسماعيل المتطرف ده اكيد كذاب من غير مشوف" "الشيخ ابو اسماعيل ليث الحق لا يكذب وأكيد هذه المستندات مكذوبة" "البرادعي علماني واكيد سلم العراق لامريكا".
ثم تبدأ مراحل انكار الحقيقة الأخرى:
- ولو فيه فيديو مش واضح أوب أو متصور من بعيد، يبقى: (الفيديو مش واضح والتفاصيل مش باينة وما نعرفش حصل إيه من الأول)
- ولو الفيديو واضح، يبقى: (أكيد الكلام ده مترتب لإن مستحيل يكون فيه فيديو بالوضوح ده)
- وآخر حاجة طبعا كما قال الفنان المثقف المتعلم..."كل ده فوتوشوب"
صدقني يا عزيزي، يمكنك أن تعرف الحقيقة بسهولة اذا أردت، يمكنك أن تعرفها فقط اذا توقفت لدقائق وتشككت، وسألت وفكرت، هل هذه المعلومة حقيقية فعلا؟ لا تضن على نفسك بمعرفة الحقيقة، لا تنشر معلومة غير مؤكده ومدققة وتتسبب في أن تعمي انسانا آخر عن الحقيقة، ابحث عن الحقيقة وساعد نفسك وغيرك على العيش في عالم حقيقي شفاف ولا تخدع بكذب النظام ولا تشارك فيه، كن قبسا من نور، اسال دائما ولا تتوقف عن السعي لمعرفة الحقيقة ولكن يجب ألا تنسى أن تكون متجردا للحق وان تسأل وتبحث، لا تسمح لتحيزاتك أن تكون جزءا من البحث، لا تخلط الرأي بالحقيقة لتخرج بالنتيجة التي ترغبها والي تناسب اتجاهك الفكري وانتماءك الشخصي...
****
"من لا يهتم بالتثبت من الحقيقة في الأمور الصغيرة، لا يجب أن يؤتمن على عظام الأمور" ألبرت أينشتين. وقديما قال توماس جيفرسون "فقط قسم الاعلانات المبوبة في الجريدة هو الجزء الصادق فيها، وحتى هذا، أشك أحيانا فيه"
ملحوظة أخيرة: أن لم يكن ثار في عقلك بعد تساؤل عمن هو جورج كارلين وهل الكلمات المنسوبة له ولغيره في هذا المقال حقيقية ام لا وفكرت في أن تتأكد من هذا، فأنصحك أن تعيد قراءه هذا المقال من البداية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.